جيل زد يدفع الثمن لماذا اختفت احتجاجات الشباب في المغرب

٥٤ مشاهدة
لم يكن تراجع الاحتجاجات الواسعة التي قادها شباب جيل زد 212 في المغرب مؤشرا على انحسار أسبابها بقدر ما عكس تحولا في شكل التعبير وحدود القدرة على الاستمرار فبعد أسابيع من حضور مكثف في الشارع خفت الزخم الميداني لكن الأسئلة الاقتصادية التي فجرت التحركات بقيت معلقة هل عولجت مطالب التشغيل والخدمات أم أن الضغوط المعيشية دفعت الشباب إلى الانكفاء المؤقت وما الذي يعنيه هذا التراجع لمستقبل جيل يواجه بطالة مرتفعة ونموا اقتصاديا محدود الأثر وشغلت حركة جيل زد 212 التي انطلقت عبر منصة ديسكورد الرأي العام المغربي والمراقبين من خلال تحركاتها التي استمرت على نحو شبه يومي بين 27 سبتمبر أيلول و9 أكتوبر تشرين الأول الماضيين قبل أن يتراجع حضورها الميداني غير أنها عادت للظهور مجددا في العاشر من ديسمبر كانون الأول الجاري مطالبة بإخلاء سبيل الموقوفين على خلفية الاحتجاجات إذ نظمت وقفات في عدد من المدن لكن مستوى الحضور لم يكن في حجم التحركات الاحتجاجية السابقة ورغم توقف الاحتجاجات في الشارع تواصل حركة جيل زد 212 التعبير عن مواقفها عبر وسائط التواصل الاجتماعي التي كانت نقطة انطلاقها الأولى في تفاعل مستمر مع الأحداث التي يشهدها المغرب وفي هذا السياق لجأت الحركة إلى التعبير عن تضامنها مع ضحايا الفيضانات في مدينة آسفي التي أودت بحياة 37 شخصا داعية إلى محاسبة كل من تسبب بإهماله أو فساده أو صمته في تحويل الأمطار إلى جنازات جماعية مطالب دون قيادة تنظيمية تمحورت مطالب جيل زد 212 حول أولويات اعتبرتها ملحة مشيرة إلى أن الدولة القادرة على إنجاز مشاريع عملاقة لا تبدي القدرة نفسها على توفير تعليم عمومي لائق وضمان العلاج وإتاحة فرص العمل ومحاربة الفساد وجاءت احتجاجات الحركة في سياق تفاقم الفوارق الاجتماعية ولا سيما بعد الأزمة الصحية وارتفاع التضخم وتداعيات الجفاف وهي عوامل أدت إلى محو جزء من الجهود التي بذلت سابقا لتقليص هذه الفوارق ما يفرض بحسب مراقبين تبني سياسات عمومية لإعادة التوزيع موجهة للفئات التي تعاني من تراجع مستوى معيشتها وسعى شباب جيل زد إلى النأي بأنفسهم عن الأحزاب السياسية التقليدية غير أنهم لم يترددوا في تنظيم لقاءات عبر وسائط التواصل الاجتماعي مع بعض الشخصيات التي تتقن مخاطبة الشباب والإنصات لهمومهم والدفاع عن حقهم في الصحة والتعليم والشغل ويرى مراقبون أن قوة حركة جيل زد 212 تعود إلى غياب التراتبية إذ استطاعت استقطاب أصوات متعددة دون قيادة تحتكر القرار أو الخطاب إلا أن هذه القوة تنطوي في الوقت نفسه على مكامن ضعف أبرزها ضعف التنسيق وظهور نوع من التنافر في المواقف ويسجل المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أن احتجاجات جيل زد 212 تندرج ضمن موجة احتجاجية أوسع ولكن بخصوصية محلية إذ يتسم الاحتجاج في المغرب بطابع دوري منذ عقدين يتمحور حول مطالب مختلفة لكنها تتقاطع عند قضايا الإنصاف والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد أين ذهبت حركة جيل زد ويرى خبراء اقتصاد تحدثوا لـالعربي الجديد أن هذا الجيل يستبطن الفوارق الاجتماعية من خلال غلاء الأسعار وقلة فرص العمل والاختلالات الإدارية ويعبر عن أمراض بنيوية تخترق النظام التربوي والاقتصادي والاجتماعي والصحي وتفضي إلى تكريس أشكال متعددة من الحرمان ويؤكد الاقتصادي علي بوطيبة في تصريح لـالعربي الجديد أن حركة جيل زد 212 لم تختف معتبرا أنها فكرة تستمد استمرارها من طبيعة المطالب التي ترفعها موضحا أن القضايا المرتبطة بالتشغيل والصحة ومحاربة الفساد والعدالة الاجتماعية تهم فئات واسعة من المجتمع ولا تقتصر على جيل بعينه وأضاف أن هذه المطالب قد تعود للظهور من خلال حركات اجتماعية أخرى في حال لم تعالج الأسباب التي فرضت التحركات السابقة مشيرا إلى أن وقائع مثل الفيضانات التي شهدتها بعض المناطق تبرر مجددا المطالب التي عبرت عنها الحركة وكانت الحكومة قد أعلنت في سياق احتجاجات جيل زد 212 خلال شهر أكتوبر الماضي عن زيادة الموازنة المخصصة لقطاعي الصحة والتعليم في إطار قانون مالية 2026 لتصل إلى نحو 14 مليار دولار إلى جانب إحداث أكثر من 27 ألف وظيفة جديدة في القطاعين وشدد بوطيبة على أن رفع المخصصات المالية لا يعني بالضرورة معالجة المشاكل البنيوية المرتبطة بالتعليم والصحة مؤكدا ضرورة التصدي للعوائق المرتبطة بالحوكمة وفي مقدمتها محاربة الفساد الذي ينعكس سلبا على الاستثمارات وجودة الخدمات خصوصا في قطاع حيوي مثل الصحة من جهته يرى الباحث حميد مصباحي أن ما يمنح حركة جيل زد مبرر استمرار حضورها في المغرب هو تركيزها على محاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية من خلال المطالبة بتحسين الخدمات المرتبطة بالتعليم والصحة وأضاف في تصريح لـالعربي الجديد أن سعي الحركة إلى محاربة الفساد الذي تؤكد التقارير الوطنية طابعه البنيوي من خلال الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح يزيد الضغط على الحكومة التي يفترض أن تبلور خطة واضحة لخفض منسوب الفساد بما يحد من هدر الموارد القادرة على دعم مطلب الإنصاف والمساواة خدمات هشة يضم جيل زد الأشخاص المولودين بين عامي 1997 و2012 ويبلغ عددهم في المغرب نحو 9 6 ملايين نسمة من إجمالي عدد السكان البالغ 36 8 مليون نسمة وتعد هذه الفئة الأكثر تضررا من البطالة فقد كشفت المندوبية السامية للتخطيط في تقريرها الأخير حول وضعية سوق العمل أن معدل البطالة بلغ 13 1 في الربع الثالث من العام الجاري مقابل 13 6 في الفترة نفسها من العام الماضي ولا يزال معدل البطالة مرتفعا في صفوف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما رغم تراجعه من 39 5 إلى 38 4 كما يظل مقلقا بين حاملي الشهادات إذ انخفض من 19 8 إلى 19 وتسهم هشاشة خدمات الصحة والتعليم في تعميق وضعية هذه الفئة إذ سبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن نبه إلى أن 4 3 ملايين مغربي لا يشتغلون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين من بينهم 1 5 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما ولم يتمكن المغرب خلال السنوات الأخيرة من تحقيق معدل نمو اقتصادي قوي يوفر فرص عمل كافية لاستيعاب الشباب المقبل على سوق العمل إذ لم يتجاوز متوسط النمو 3 في حين أوصى النموذج التنموي برفعه إلى 6 ويؤكد علي بوطيبة أن مطلب توفير فرص العمل سيظل مصدر ضغط كبير على الحكومة حتى مع تراجع احتجاجات جيل زد في الشارع مشددا على أن محاصرة البطالة وتوسيع فرص الشغل ستبقى من أبرز القضايا التي تشغل الأسر الفقيرة والمتوسطة وكانت الحكومة قد أعلنت خلال العام الجاري عن التوجه نحو تفعيل خريطة طريق خاصة بالتشغيل تستهدف خفض معدل البطالة إلى 9 في أفق 2030 وتوفير 1 45 مليون فرصة عمل جديدة من بينها 900 ألف فرصة لفائدة الشباب غير المتوفرين على مؤهلات

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم