بحثا عن مصدر الخلل في الجامعات

٥٦ مشاهدة
إذا افترضنا صحة الاستنتاج أن الجامعة في الوطن العربي لم تقم بالوظائف التي نشأت من أجل تحقيقها لجهة تأهيل الكادرات العليا لسوق العمل والقادرة على تحقيق التنمية البشرية ونشر العقلانية والروح العلمية والنقدية في المجتمع وإطلاق طاقات الإبداع فأين مصدر الخلل هل هو في البنية السياسية والفكرية والاقتصادية الاجتماعية التي تدير شؤون وسياسات بلدان المنطقة فقط أم أن الجامعات قدمت بدورها قسطا لا يستهان به في الوصول إلى النتائج التي أسفرت عنها تجربة حوالي قرنين من الزمن بالعودة قليلا إلى الوراء أي إلى العقود السبعة الأخيرة يمكن القول إن الجامعات حصرت مهمتها بتخريج كادرات وظيفية لملء شواغر الإدارات العامة وبعض مجالات القطاع الخاص حدث ذلك فيما كانت المنطقة والدوائر الحكومية منها على الأخص بأمس الحاجة إلى ذلك بعد نيل الدول استقلالاتها وبناء عليه كانت شهادة الجامعة هي السبيل لشغل وظيفة عامة مرموقة ولذلك انتمى إليها مئات ألوف الطلبة أملا بمستقبل مستقر قليلون هم الذين اندفعوا وراء أحلامهم بدراسة مواد واختصاصات محددة لا طلب واسعا عليها لذلك ندر الإبداع واستحال معه التعليم المستمر مدى الحياة nbsp وضع من هذا النوع جعل من الجامعات فبارك مصانع لإنتاج خريجين لا يتمتعون بالكفاءات والمؤهلات النوعية التي تتلاءم مع أسواق العمل من جهة ومع دفع مسيرة العلم خطوات إلى الأمام من جهة ثانية تمكن ملاحظة قلة عدد المبدعين في مجالات اختصاصهم بالقياس إلى أعداد الخريجين من مراحل الدراسات العليا وبين هيئات التعليم والباحثين على حد سواء ففي كل جامعة نجد ما لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في مجالات نشر الأبحاث والدراسات والحصيلة أن التعليم الببغائي الذي ساهمت الجامعة في تعميمه حجب العقل عن اختراق آفاق جديدة في الكثير من المجالات والواقع أن الجامعات وإن كانت تتحمل قسطها من هذه الحصيلة فالفلسفة التربوية والنظام المعرفي والوظيفي القائم على التكرار يتحمل القسط الباقي لا بد من النظر إلى خطورة مثل هذا الوضع من زاوية مختلفة بعض الشيء فالمعروف أن المنطقة العربية تتمتع بأعلى نسبة سكانية من الأطفال والشباب وتصل هذه إلى حوالي نصف العدد الاجمالي ما يعني أن تلك الأجيال بحاجة إلى أنظمة تعليم وجامعات متطورة كما هي بحاجة إلى سوق عمل قادرة على استقطابها وإدخالها في دورة الإنتاج nbsp ومسألة سوق العمل قضية بحد ذاتها باتت تتطلب مهارات عالية باعتبار أن مهارات الماضي لم يعد لها محل في عالم اليوم وهنا بيت القصيد الذي لم تستطع المعالجات وما سمي بالخطط الخمسية والعشرية التعامل معه على نحو فعلي فالتغير الذي طرأ على أسواق العمل في العقود المنصرمة تحت تأثير تسارع الثورة التكنولوجية والمعرفية جعل من المستحيل اقتحامه دون امتلاك المؤهلات المطلوبة علما أن بقاء قطاع العمل التقليدي عمل يدوي أو حرفي غير مؤهل هو المنفذ المتبقي والذي سيجد في المستقبل القريب أبوابه وقد أصبحت موصدة أمام تلك الجموع التي تبحث عن موقع لها وسط غابة متشابكة من التعقيدات فاقتصاد اليوم حتى في المجتمعات التي تظن أنها تستطيع العيش بمعزل عن أحكامه بات المهيمن والمقرر في بقاء أو انقراض هذه المجموعة أو تلك بفعل قدرة الأنواع على التكيف أو عدمه كما عرفتها الحياة الطبيعية على هذا الكوكب باحث وأكاديمي

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم