توجت الزيارات المتبادلة بين وفود سورية وروسية في الأشهر السابقة بزيارة الرئيس أحمد الشرع موسكو الأربعاء الماضي والمعهود أن الرؤساء يؤدون زياراتهم لتعميق العلاقات الدبلوماسية أو لرسم صور جديدة لها وللزيارة في هذا السياق دلالتها بعد التغيير في سورية ودور روسيا السابق في دعم سلطة بشار الأسد وتثبيتها هناك سياسة ثابتة ينتهجها الشرع وتؤكد قيام علاقات طبيعية مع دول العالم كافة ولم يستثن منها حتى إيران أو الدولة الصهيونية ولكن بشروط معينة يجب أن تتحقق ومن المستبعد حاليا أن تصبح تلك العلاقات مع الأخيرتين ممكنة أصبحت زيارة الشرع موسكو ممكنة بفعل استبعاد السلطة السورية مطالبة موسكو بتسليمها بشار الأسد وضباطه المجرمين وبتعويضات عما فعلته روسيا في سورية طوال السنوات الماضية التي سبقت سقوط النظام بما فيها تدميرها المدن السورية وقتل الآلاف وتهجير مئات الآلاف بل وافقت دمشق وفقا لتسريبات صحافية على دفع الديون الروسية التي كانت سلاحا وقمحا ونفطا وسواها قدمت لبشار الأسد وللجيش المؤتمر منه لقمع ثورة السوريين فتح هذا آفاق العلاقات الطبيعية بين الدولتين ما يشير إلى أن علاقات الشرع مع أميركا أو الاتحاد الأوروبي وحتى مع تركيا ودول الخليج العربية ليست كافية لتشريع السلطة التي يرأسها في دمشق وهناك تقارير صحافية تركز في أن إسقاط صفة الإرهاب عن الشرع وقيادات في السلطة تستدعي تلك العلاقة باعتبارها صفة فرضها مجلس الأمن وروسيا عضو رئيس فيه وأي سلطة جديدة لا بد أن تضع أسسا جديدة للسياسة الخارجية وتبنى الشرع أسسا تنطلق من تجاوز فكرة الثورة وأهدافها ومآسيها وأن سورية تتجه نحو بناء الدولة ولكن هذا البناء يستدعي تطبيق العدالة الانتقالية فهل تسمح نتائج الزيارة بذلك فعلا أي سلطة جديدة في سورية لا بد أن تضع أسسا جديدة للسياسة الخارجية وتبنى الشرع أسسا تنطلق من تجاوز فكرة الثورة وأهدافها ومآسيها أكدت تصريحات الشرع وبوتين ودبلوماسيين حضروا الاجتماعات في موسكو أن العلاقات بين الدولتين تاريخية وعميقة ولها أسباب متعددة اقتصادية وتعليمية ودبلوماسية وعسكرية وأمنية وهناك مشاريع جديدة تتعلق باستخراج النفط ومتابعة العمل بالاتفاقات السابقة من دون تغيير وهذا أخطر ما انتهى إليه اللقاء فقد أكد الشرع أنه يحترم الاتفاقات القديمة وهذه الاتفاقات التي وقعها بشار الأسد خطيرة وليست هناك أسباب حقيقية للعداء أو للقطيعة وجاء ذلك كله على أرضية استبعاد قضايا الخلاف أعلاه هل ستستطيع روسيا مساعدة الشرع في إعادة تفعيل اتفاق فك الاشتباك لعام 1974 أم سيكون دور الشرطة الروسية في جنوي سورية أقرب إلى مراقبة سلوك الجيش الصهيوني هناك مفاوضات بين الجانبين السوري والصهيوني للوصول إلى اتفاق أمني جديد وهناك سيناريوهات كثيرة بشأن تفاصيله وأسباب تعثره والطلب السوري من روسيا المساعدة في هذا المجال يفيد بأن هناك تعقيدات كبيرة وإن لا تشير تصريحات المسؤولين في دمشق وتل ابيب إلى انهيار تلك المفاوضات وهناك إجماع سوري على عودة الجولان وأن الاتفاق الأمني المزمع عقده يجب أن ينص على ذلك هناك علاقات قوية بين روسيا وقوات سوريا الديمقراطية قسد والإدارة الذاتية الكردية في الحسكة وهناك وجود عسكري روسي في مطار القامشلي وقد تكون تصريحات وزير الخارجية الروسي لافروف أخيرا حول وحدة سورية وعدم تطرقه إلى مفهوم الفيدرالية أو اللامركزية مفيدة في دفع العلاقات بين قوات سوريا الديمقراطية قسد ودمشق لحل جميع الخلافات عبر التفاوض وعدم تدهور العلاقات نحو الحرب والسؤال هل سيكمل الدور الروسي في الجنوب السوري ومع قسد الدورين الأميركي والتركي ويحد من الدور الصهيوني ربما زيارة الشرع وطلبه التدخل الروسي عدا عن دوره في الجنوب ربما يساهم في تخفيف الخلافات الداخلية السورية سيما مع قسد والسويداء وكذلك إنهاء العلاقات بين روسيا وضباط النظام القديم وهي علاقات وثيقة ويمكن أن تستغلها روسيا في حال بروز الخلافات مع نظام دمشق وفي حال اتجهت سلطة دمشق نحو الحوار والتفاوض مع الداخل السوري والقوى المذكورة أعلاه فسيشكل هذا بداية جديدة فتستفيد سلطة دمشق من علاقاتها مع الخارج لتجفيف الخلافات الداخلية يتطلب هذا الأمر تغييرات كبرى في السياسة الداخلية وهناك حديث متجدد في الأوساط السورية عن حكومة جديدة قبل نهاية العام الجاري فهل يمكن أن تساهم في إنهاء تلك الخلافات بتمثيل السوريين كافة فيها هذا هو المأمول إشراك الشعب يدعم السلطة في حل المشكلات الداخلية والحيلولة دون الاستغلال الخارجي هناك تعقيدات أمام السياسة الخارجية في إنهاء ملف العقوبات الأميركية فقرار مجلس الشيوخ الأميركي رفع العقوبات يستلزم قرارا آخر من مجلس النواب وموافقة من الرئيس وهناك شروط يجب أن تحققها سلطة دمشق هناك تدخل تركي وصهيوني وأميركي وحاليا روسي وهو خطير للغاية وغير هذا هناك الخلافات الداخلية المتأزمة فهل تستفيد سلطة دمشق من الانفتاح الدولي المتوج بزيارة الشرع موسكو والاتجاه نحو سياسة جديدة مع قوى الأمر الواقع في سورية ونخبها وإشراك الشعب في النهوض بالسلطة والدولة هذا ما يجب الانطلاق منه من حيث المبدأ يمكن للعلاقات مع روسيا ومع أميركا وفرنسا وتركيا والخليج والعالم بأكمله التي تعيد سلطة دمشق بناءها أن توظف في خدمة مصالحها وهو ما ينبغي تأكيده لأن السلطة تطوف فوق أزمات هائلة فبالإضافة إلى أزمات سورية على الأقل منذ 2011 لدينا اليوم أزمتان مفتوحتان مع السويداء وقسد يمكن للدول أعلاه أن تساعد من دون ابتزاز أو فرض شروط على سلطة دمشق إن اتجهت السلطة نحو إشراك الشعب ومن دون ذلك ستمارس عليها مختلف أشكال الابتزاز فالدولة الصهيونية لم تتراجع عن سياساتها التقسيمية والتفتيتية لسورية وترامب يهدي الجولان لتل أبيب وتركيا لا تتوقف عن التصريحات بخصوص مستقبل قسد واحتمالات الحرب معها وتريد السلطة حاليا إشراك روسيا في جنوب سورية ويتدخل توم براك في كل صغيرة وكبيرة في سورية يخطئ أحمد الشرع كثيرا باستبعاده الشعب وهناك تذمر واسع للغاية من الانفتاح على روسيا المرتبط باستبعاد القضايا الخلافية ومن المفيد للسلطة ألا تتورط في الموافقة على الاستمرار بالاتفاقات القديمة فهي جائرة ووقعت بشروط مذلة لبشار الأسد ولسورية وتنهب الثروات الوطنية وتسيطر على كثير منها مثل الفوسفات والأسمدة والنفط والثروات الباطنية في البحر وسواها وانتخابات مجلس الشعب أخيرا لم تكن مباشرة وشارك فيها ستة آلاف شخص فقط وإشادة بوتين فيها أمر سلبي فهو يتصرف في روسيا ديكتاتورا وليست لديه انتخابات شرعية في بلده فهل سيدعم مصالح السوريين ستستغل دول حجم الأزمات الداخلية للضغط على سلطة دمشق وفي مقدمهم روسيا وإشراك الشعب وحده ما سيدعم السلطة في حل المشكلات والحيلولة دون ذاك الاستغلال ففي أي المسارات ستتحرك سلطة دمشق