فيضانات السودان غرق المساكن والمزارع يضاعف الأزمات
٨٦ مشاهدة
عمقت فيضانات اجتاحت مناطق واسعة في السودان خلال الأيام الماضية معاناة الأهالي المنهكين نتيجة الحرب المستمرة والتي أدت إلى تقلص دور السلطات التي وجدت نفسها عاجزة عن إنقاذ المتضررين خلفت الفيضانات العارمة خسائر مادية فادحة بمناطق واسعة واقعة على ضفتي النيلين الأبيض والأزرق في السودان وحاصرت المياه عشرات القرى والمدن الواقعة على ضفاف النيلين اللذين يلتقيان في العاصمة الخرطوم والتي اجتاحت الفيضانات عددا من أحيائها أيضا ما دفع وزارة الري والموارد المائية إلى تحذير سكان المناطق الواقعة على مقربة من النيلين من مخاطر المياه التي وصلت إلى منسوب الفيضانات nbsp وقالت الوزارة في بيان أمس الأول الثلاثاء إن المياه في محطات ود العيس بمدينة سنجة في ولاية سنار على الحدود مع دولة جنوب السودان وفي مدينة ود مدني والخرطوم وشندي وعطبرة وبربر وجبل أولياء وصلت إلى منسوب الفيضان بينما مناطق أخرى في ولايات الجزيرة وسنار والخرطوم ونهرالنيل والنيل الأبيض بلغت نقطة الفيضانات وعادة ما تهطل أمطار غزيرة في فصل الخريف الذي يستمر في السودان من يونيو حتى أكتوبر تشرين الأول من كل عام وخلاله يواجه البلد سنويا فيضانات واسعة النطاق وخلال الفترة من 30 يونيو حزيران حتى 25 سبتمبر أيلول الماضي تضررت 24 ألفا و992 أسرة بإجمالي 125 ألفا و56 شخصا من الأمطار والفيضانات بحسب أحدث إحصائية حكومية في ولاية الجزيرة وسط غمر فيضان النيل الأزرق مساحات واسعة في ديم المشايخة وأم دلكة وقندال وقال مسؤول في حكومة الولاية لـالعربي الجديد إن المناطق الزراعية التي غمرتها المياه تزيد على ثلاثة آلاف فدان بعضها تتبع القطاع البستاني وبعضها مزارع تضم محاصيل موسمية عاد مئات المزارعين في ولاية الجزيرة إلى ممارسة النشاط الزراعي بعد عامين من النزوح بسبب الحرب لكن الفيضانات أفقدتهم محاصيلهم ويصف المزارع عبد الله يعقوب ما حدث بأنه كارثة موضحا لـالعربي الجديد أن المزارعين الذين فقدوا مدخراتهم بسبب الحرب ضاعفت الفيضانات خسائرهم الزراعة بالنسبة لنا ليست نشاطا اقتصاديا يقيم بالربح والخسارة وإنما هى مربط حياتنا الأسرية ومصدر لقمة الخبز التي كنا نأمل أن نوفرها لأسرنا التي تكبدت معاناة النزوح لأكثر من عامين لكن الفيضانات دمرت كل آمالنا خسائر فادحة بولاية سنار التي تضم أكبر مساحات زراعية في السودان وأكثر من ثلاثة آلاف فدان زراعي غمرتها الفيضانات بولاية الجزيرة وتوقع يعقوب أن يواجه سكان القرى الذين فقدوا مزارعهم نقصا حادا في الحبوب التي يعتمدون عليها بصورة أساسية مع إحجام السلطات عن التدخل رغم الأضرار الكبيرة وقال نعلم أن وضع السلطات المحلية غير مثالي نتيجة الحرب لكن عدم تحركها لمساعدة المتضررين في أسرع وقت قد يجلب المزيد من الأمراض والجوع وكانت خسائر الفيضانات فادحة في ولاية سنار التي تضم أكبر المساحات البستانية في السودان ومن بينها مزارع الموز والبرتقال والليمون إذ غمرتها مياه النيل الأزرق التي تدفقت نحو القرى القريبة ومن بينها قريتا الرايات ومينا التي نزح عدد من سكانهما إلى قرى مجاورة من مدينة سنجة يقول هيثم عبد القادر لـالعربي الجديد رغم أنه لا توجد خسائر في الأرواح لكن عشرات السكان فقدوا مصادر عيشهم ودمرت مياه الفيضانات البساتين ومزارع السمسم والذرة ليفقد الناس المحاصيل التي شارفت على الحصاد خلال شهر أكتوبر تشرين الأول الحالي عاد كثير من المواطنين من رحلة نزوح ولجوء طويلة فقدوا خلالها مدخراتهم وجاء الفيضان ليزيد معاناتهم المتواصلة منذ بداية الحرب وحاصرت مياه النيل الأزرق مركز مدينة سنجة التي تقع في منطقة تجعلها محاطة بالمياه من ثلاث جهات ما دفع السلطات المحلية إلى إعلان حالة الاستنفار القصوى وتقول عائشة كرم الله التي يقع منزل أسرتها بالقرب من النيل إن أسرتها المكونة من سبعة أفراد تستعد لمغادرة المنزل خشية أن يغمره الفيضان وتضيف لـالعربي الجديد لو غادرنا منزلنا فستكون هذه المرة السادسة التي ننزح فيها منذ بدء الحرب قبل ثلاثين شهرا ونأمل أن لا يحدث ذلك لأنه ليس لدينا أي استطاعة لتحمل النزوح مجددا ويكفينا ما عشناه خلال الفترة الماضية ويعاني سكان المنطقة الواقعة شرق النيل الأزرق التي تمتد بين ولايتي الجزيرة وسنار صعوبات جمة بسبب انقطاع الطرق وتوقف وسائل النقل في الوقت الذي تنتشر فيه الأمراض بالمنطقة ما دفع عددا من سكان القرى إلى التنقل بمراكب بدائية إلى القرى المجاورة ومن إحدى قرى ريف مدينة السوكي شرق النيل الأزرق يقول محمد سليمان لـالعربي الجديد توقفت الحياة تماما في المنطقة التي كانت مسرحا لعمليات عسكرية استمرت لحوالي العام ونصف العام بين الجيش وقوات الدعم السريع وشهد فصل الخريف الماضي تفشيا واسعا للكوليرا وقضى عشرات الناس وفي العام الحالي حدث الفيضان وانتشرت الملاريا وحمى الضنك كأنه كتبت علينا المعاناة وفي المرتين لم نجد من يعيننا على تجاوز المحنة فالحكومة المحلية غارقة في مشاكلها ولا تملك القدرة على إنقاذ الأرواح بدوره يشكو يوسف عبد الله من إحدى القرى الواقعة جنوب مدينة كوستى بولاية النيل الأبيض من تداعيات الفيضانات التي حاصرت عشرات القرى في المنطقة ويقول لـالعربي الجديد لم يتفقد أحد المنطقة التي تضم أكثر من 27 قرية وكلها تضررت من فيضان النيل الأبيض الذي جعلنا نعيش في جزيرة شبه معزولة تماما طوال أسبوع كامل غمرت المياه مساحات واسعة في المنطقة وسوف تظل راكدة لأشهر قادمة ما يخلق بيئة مواتية لتوالد البعوض والذباب ونتوقع أن تتفشى الملاريا وأمراض أخرى بين المواطنين بالتزامن مع ندرة الأدوية وعدم وجود مستشفيات أو مراكز صحية في المنطقة وتتشابه معاناة السكان في العاصمة الخرطوم التي دمرت الحرب بنيتها التحتية مع أوضاع سكان القرى في الولايات المتأثرة بالفيضانات إذ توغلت مياه الفيضانات إلى أحياء الشجرة والشقيلاب والكلاكلة الواقعة في جنوب العاصمة وتقول ميساء مصطفى وهى معلمة في المرحلة الثانوية تقيم في الكلالكة لـالعربي الجديد الأوضاع في غاية الخطورة والمياه تتدفق إلى وسط الأحياء السكنية وتغمر الشوارع ولا توجد أي جهة رسمية تتصدى لها ومن غير المستبعد أن يخسر سكان منازلهم وأن ينزح آخرون مجددا رغم أنهم عادوا مؤخرا إلى المدينة بعد نزوح طويل من أجل ترميم منازلهم التي تعرضت للسرقة والنهب والقصف بالأسلحة الثقيلة من حي الشقيلاب يقول أحمد سالم وهو أحد المتطوعين لمراقبة الفيضان لـالعربي الجديد لم تتحرك السلطات حتى الآن للوقوف على خطر الفيضان الذي غمر الأحياء وتركت الأمر للسكان الذين عادوا من النزوح الطويل في حالة يرثى لها وهم حاليا يقاومون تدفق المياه بأيديهم العارية من دون أية آليات إذ يقومون بتعبئة جوالات بالتراب لردم الأماكن الهشة وهو جهد بدائي ضعيف ويمكن أن ينهار أمام تدفق المياه إذا ارتفع منسوبها ويعيش سكان جزيرة توتي الواقعة عند ملتقى النيلين الأبيض والأرزق في الخرطوم ظروفا مأساوية إذ إن منسوب المياه أصبح يهدد حياة السكان بصورة لافتة ويقول سليمان قاسم وهو أحد سكان الجزيرة لـالعربي الجديد السكان في حالة فزع لأن منسوب المياه تجاوز عدة نقاط على الحواجز الترابية التي شيدوها بأيديهم في ظل غياب السلطات جهود التصدي للفيضان الذي يحاصر الجزيرة يقوم بها متطوعون من السكان على غرار ما يفعله سكان أحياء الكلاكلة والشقيلاب في جنوب الخرطوم وحي ود رملي الواقع في الشمال وكلها تحاصرها الفيضانات التي سبق أن ألحقت بها أضرارا كبيرة في عام 2020 ورغم تنبيهات وزارة الري والموارد المائية المتكررة بشأن خطورة الأوضاع في جميع المحابس على النيلين الأبيض والأزرق لم تكشف عن حجم الخسائر المادية التي نتجت عن الفيضانات لكنها اعترفت عبر بيانها الأخير باستمرار ارتفاع مناسيب المياه وأكدت أن تصريف سد سنار ارتفع إلى 706 ملايين متر مكعب وتجاوز تصريف جبل الأولياء 134 مليون متر مكعب وتجاوز تصريف سد مروي 750 مليون متر مكعب في حين انخفض تصريف سد خشم القربة إلى 58 مليون متر مكعب وانخفض تصريف سد الروصيرص إلى 540 مليون متر مكعب