ما لا يقال عن القلق وجهه الآخر
في تلك اللحظة التي يسبق فيها العرض، أو المكالمة، أو القرار.. يتسارع النبض، يجفّ الحلق، ويتسلل ذلك الشعور الذي نعرفه جميعاً: القلق.
نشد على أيدينا ونقول: “اهدأ.. لا داعي للقلق!”
لكن، هل فعلاً لا داعي؟
أم أن هذا القلق نفسه هو ما يجعلنا نستعد، ونتأنى، ونُحسن الاختيار؟
ربما آن الأوان أن نُعيد النظر في صورة القلق… فليس كل قلق خلل، ولا كل ارتباك ضعف. بعض القلق.. هو دليل الحياة فينا في الحقيقة، القلق ليس دخيلاً على تركيبتنا النفسية، بل هو جزء عضوي من تصميمنا البشري. إنه طاقة داخلية تنبّهنا إلى أمر ما نراه مهدداً، وتدفعنا إلى الاستعداد أو الحذر. لكن ما نغفله أحيانًا، هو أن هذا الشعور نفسه، في حدوده المعتدلة، يمكن أن يكون دليلًا على أن ما نواجهه مهم بالنسبة لنا.
الطالب الذي يقلق قبل الامتحان، الموظف الذي يشعر بالتوتر قبل مقابلة عمل، الشخص الذي يُعيد التفكير قبل اتخاذ خطوة ارتباط أو زواج، أو حتى الأم التي يقلقها انتقال أسرتها إلى مدينة جديدة.. كلها نماذج لحالات لا تعني وجود اضطراب، بل تعكس يقظة داخلية وحرصاً على اتخاذ قرارات سليمة، أو ببساطة: ارتباطاً عاطفياً حقيقياً بما نمر به. في مثل هذه الحالات، يكون القلق مرآة تعكس ما نهتم به، لا عبئاً يجب التخلص منه. القلق الطبيعي يمنحنا دفعة داخلية للعمل، ويربطنا بالزمن، فنشعر أن الوقت ثمين، ويحمي علاقاتنا أو مستقبلنا من الاندفاع أو الإهمال. لكن حين يتحول من محفّز إلى معيق، حين يتضخم الإحساس بالخطر رغم غياب الخطر الفعلي، أو حين يصبح التفكير القلق هو المسيطر الوحيد على صوتنا الداخلي، هنا نكون أمام حالة مختلفة تستدعي انتباهاً. ومن العلامات التي تشير إلى أن القلق خرج عن حدوده الطبيعية: تكرار الأفكار السلبية، القلق المفرط من أشياء بسيطة، تجنّب الأنشطة أو العلاقات بسبب الشعور بالقلق، اضطرابات النوم أو الشهية، أو تأثر الأداء في العمل والدراسة والعلاقات. حين يصل القلق إلى هذه المرحلة، لا يكون
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على