ديالى العراقية بلا تنوع 15 عائلة مسيحية فقط بعد التهجير
١٢ مشاهدة
في مشهد يختصر سنوات طويلة من الهجرة القسرية والتراجع الحاد في حضور المكون المسيحي أحد أقدم المكونات الاجتماعية في محافظة ديالى العراقية أكد مسؤولون محليون أخيرا أن عدد العائلات المسيحية المتبقية في المحافظة لا يتجاوز 15 عائلة فقط رغم ما تتميز به ديالى من تنوع سكاني واسع ويطرح هذا الواقع تساؤلات جدية عن المخاطر التي تتهدد هوية هذا المكون ويعيد فتح الملف بوصفه قضية مجتمعية ذات أبعاد سياسية تمس مفاهيم الاستقرار والتعايش وإدارة التنوع في واحدة من أكثر محافظات العراق حساسية خلال العقدين الماضيين وعرفت ديالى ولا سيما مركزها مدينة بعقوبة ومحيطها تاريخيا بوصفها مساحة للتعدد الديني والقومي وكان المسيحيون جزءا فاعلا من نسيجها الاجتماعي والاقتصادي حاضرين في التجارة والتعليم والوظائف الحكومية ومشاركين في الحياة العامة من دون حواجز تذكر غير أن هذا المشهد تبدل جذريا بعد عام 2003 مع تصاعد الاضطرابات الأمنية وظهور الجماعات المسلحة قبل أن يبلغ ذروته خلال سنوات العنف الطائفي وما رافقها من تهديدات واستهدافات مباشرة وغير معلنة ثم سيطرة تنظيم داعش على أجزاء من المحافظة عام 2014 وهي عوامل دفعت مئات العائلات المسيحية إلى مغادرة ديالى بحثا عن الأمان وبحسب شهادات مسيحيين لم تكن الهجرة خيارا طوعيا بل نتيجة شعور دائم بالخطر وغياب الحماية ويقول داود متى أحد أبناء الطائفة الذين نزحوا إلى محافظات أخرى إن قرار المغادرة جاء بعد سلسلة من المضايقات والتهديدات من قبل فصائل مسلحة وسط عجز واضح عن توفير حماية حقيقية أو محاسبة قانونية وأضاف في حديث لـالعربي الجديد اليوم الأربعاء أن الكثير من العائلات تركت منازلها وممتلكاتها على أمل العودة السريعة لكن السنوات مرت من دون حلول فتحول النزوح المؤقت إلى هجرة طويلة الأمد هذا الواقع أكده عضو مجلس محافظة ديالى نزار اللهيبي الذي أوضح أن إجمالي العائلات المسيحية المتبقية في المحافظة لا يتجاوز 15 عائلة وقال اللهيبي في تصريح صحافي إن الظروف الصعبة التي مرت بها ديالى بعد عام 2003 ولا سيما الاضطرابات الأمنية كانت السبب الرئيس في هجرة العشرات من هذه العائلات إلى محافظات أخرى وأضاف أن مجلس ديالى يتبنى دعوة شاملة لعودة هذا المكون الأصيل ولا سيما في ظل الاستقرار الأمني وحالة الطمأنينة التي تشهدها المحافظة مؤكدا أن المسيحيين جزء لا يتجزأ من مجتمع ديالى وفي محاولة لإظهار الجدية في إعادة إحياء الحياة الدينية والاجتماعية للمسيحيين أشار اللهيبي إلى وجود كنيسة داخل مدينة بعقوبة جرى تأهيلها بما يتلاءم مع واقعها لإقامة القداس معتبرا أن هذه الخطوة رسالة بأن ديالى آمنة وترحب بعودة أبنائها من المكون المسيحي في المقابل يرى ناشطون مسيحيون أن ملف المسيحيين في ديالى عانى إهمالا طويلا ولم يدرج ضمن أولويات المعالجات الحكومية سواء على المستوى المحلي أو لدى الحكومة المركزية ويقول الناشط سامي إلياس إن غياب الخطط الواضحة لإعادة المهجرين وضعف الإجراءات القانونية لاستعادة الممتلكات المصادرة ولا سيما الخاصة بالمسيحيين فضلا عن استمرار نفوذ السلاح خارج إطار الدولة كلها عوامل أبقت هذا الملف عالقا لسنوات ويضيف لـالعربي الجديد أن الحديث عن الاستقرار لا يكفي ما لم يترجم إلى ضمانات ملموسة يشعر بها المواطن العائد في تفاصيل حياته اليومية ويربط مسيحيون استمرار عزوفهم عن العودة بالحاجة إلى ضمانات أمنية حقيقية تتجاوز التصريحات الإعلامية تشمل منع أي اعتداء محتمل وحماية الممتلكات من التجاوز أو المصادرة وضمان سيادة القانون على الجميع من دون استثناء وتقول سارة يوسف وهي مسيحية تقيم حاليا في أربيل لـالعربي الجديد إن العودة إلى ديالى تعني إعادة فتح جراح قديمة والعائلات تحتاج إلى طمأنات جدية إلى أن ما حدث في السابق لن يتكرر ويرى مراقبون أن غياب المسيحيين عن ديالى يمثل خسارة تتجاوز البعد العددي إذ ينعكس سلبا على صورة المحافظة بوصفها منطقة متعددة ويطرح تساؤلات عن قدرة الدولة على حماية مكوناتها الأصغر ويقول الأكاديمي المتخصص في شؤون الديانات علاء عبد الله لـالعربي الجديد إن أي استقرار حقيقي في ديالى سيظل منقوصا ما لم تستعد المكونات التي غادرتها قسرا وفي مقدمتها المكون المسيحي بوصفه رمزا للتعايش ومؤشرا على عودة الثقة بين المواطن والدولة وتعرض المسيحيون في العراق خلال السنوات الماضية لاضطهاد واسع فبعد تهجيرهم من مناطق في الشمال على يد تنظيم داعش واجهوا استهدافا من أحزاب ومليشيات عبر الاستيلاء على ممتلكاتهم وعقاراتهم ما أجبر الآلاف على النزوح داخل البلاد أو الهجرة خارجها وفي ظل ضعف الثقة بتعهدات الجهات الرسمية تلقت وزارة العدل العراقية وجهات تمثيلية مسيحية خلال الأشهر الأخيرة شكاوى عديدة تؤكد استمرار الاعتداء على ممتلكات المسيحيين ومحاولات الاستيلاء عليها من قبل جهات متنفذة في عدد من المحافظات