السفير الأميركي في عمان دبلوماسية شعبية تتخطى التقليد وتحرك الشارع
١٢ مشاهدة
منذ وصوله إلى العاصمة الأردنية عمان في أكتوبر تشرين الأول 2025 تحول اسم السفير الأميركي الجديد جيمس هولتسنايدر من خبر دبلوماسي تقليدي إلى مادة نقاش عام وسجال سياسي وإعلامي واسع تجاوز حدود البروتوكول الدبلوماسي ولامس عمق البنية الاجتماعية الأردنية وبلحيته الطويلة ومظهره غير المألوف في السياق الدبلوماسي الغربي غادر هولتسنايدر أسوار السفارة الأميركية في عبدون ليظهر في بيوت العزاء ويجلس في مجالس عشائرية ويزور محافظات ومناطق مختلفة من السلط والكرك وإربد إلى معان والبتراء فضلا عن حضوره في مطاعم شعبية وأسواق عامة في تحركات بدت أقرب إلى ما يعرف بـالدبلوماسية الشعبية القائمة على التواصل المباشر مع المجتمع المحلي هذه التحركات وغيرها وصفت من مراقبين بأنها محاولة أميركية لاختراق حالة الرفض الشعبي الواسع للولايات المتحدة في الأردن على خلفية دعمها غير المشروط لإسرائيل نبذة عن السفير الأميركي في عمان هولتسنايدر الذي شغل قبل تعيينه سفيرا لدى الأردن منصب المسؤول الأول في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية الأميركية يعد من الدبلوماسيين المخضرمين إذ خدم نائبا لرئيس البعثة في سفارة الولايات المتحدة بالكويت وتولى مهام دبلوماسية في العراق وتونس وأفغانستان والصومال وإيطاليا إضافة إلى عمله في واشنطن ضمن مكتب نائب وزير الخارجية للإدارة والموارد ومكتب الشؤون الإيرانية ومركز العمليات في الخارجية الأميركية سبق أن خدم هولتسنايدر ست سنوات في سلاح مشاة البحرية الأميركية المارينز ونال خلال مسيرته المهنية جائزة ليمن آر هانت للتميز الإداري من وزارة الخارجية الأميركية وميدالية الاستحقاق في الخدمة العامة من الجيش الأميركي ويحمل درجة البكالوريوس في الفيزياء من جامعة كولورادو ودرجة الماجستير في السياسة العامة من جامعة برينستون نشاط مبكر بعد يومين فقط من تقديم أوراق اعتماده اختار السفير تناول الغداء في مطعم معروف بعمان قبل أن يتوجه إلى مضارب قبيلة بني صخر لتقديم العزاء ثم واصل زياراته إلى معان والبتراء والسلط وإربد وشارك في مهرجان الزيتون وظهر في مجالس عشائرية وجمعيات خيرية إضافة إلى مشاركته الجماهير في متابعة مباريات المنتخب الوطني كما شوهد السفير وهو يشجع المنتخب الأردني لكرة القدم في بطولة كأس العرب وتابع المباريات من بين الجمهور في مدينة الحسين الرياضية إلى جانب مسؤولين أردنيين واحتفل بهدف النشامى في مرمى المنتخب السعودي في مشهد لافت أثار تفاعلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي وفي ظل الاهتمام الكبير من الأردنيين بكرة القدم بعد حصول المنتخب الوطني على وصافة العرب استقبل السفير الأميركي في عمان عددا من لاعبي المنتخب في مقر السفارة وقال لهم إنه سيشجعهم في نهائيات كأس العالم التي ستقام في صيف 2026 في بلاده إضافة إلى كندا والمكسيك إلا إذا واجهوا المنتخب الأميركي توضيح رسمي أردني وفي خضم الجدل المتصاعد كشف نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي عن خلفيات هذه التحركات مؤكدا خلال مناقشة اللجنة المالية مشروع قانون الموازنة لعام 2026 في مجلس النواب أن من واجب أي سفير جديد القيام بزيارات ميدانية للتعرف على المجتمع وخدمة مصالح بلاده الاقتصادية والسياسية وأوضح الصفدي أن السفراء الأردنيين الجدد في الدول التي يعينون فيها يقومون بالأمر ذاته وأن الوزارة تدعم تحركات السفير الأميركي باعتبارها جزءا طبيعيا من عمله الدبلوماسي ووسيلة لفهم طبيعة المجتمع الأردني بعيدا عن التقارير الرسمية فقط ولم ينه توضيح الصفدي الجدل حول الموضوع إذ وجه النائب حسين العموش مجموعة من الأسئلة إلى رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين حول طبيعة تحركات وأنشطة السفير الأميركي الجديد لدى المملكة جيمس هولتسنايدر وتناول في أسئلته طبيعة الأنشطة والفعاليات التي يشارك فيها السفير داخل الأردن لا سيما ذات الطابع الاجتماعي إضافة إلى طبيعة اللقاءات التي يعقدها خلال فترة عمله كما تساءل عن مدى تنسيق هذه التحركات مسبقا مع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين ومدى انسجامها مع الأعراف والاتفاقيات الدبلوماسية المعمول بها وعلى رأسها اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية وطلب العموش توضيح ما إذا كانت حركة السفير الأميركي داخل المملكة تعد حركة مفتوحة دون قيود أم أنها تخضع لضوابط محددة تطبق على جميع رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الأردن وبين الترحيب الشعبي والتساؤلات السياسية يبقى المؤكد أن السفير الأميركي الجديد نجح خلال أسابيع قليلة في أن يكون أحد أكثر الشخصيات العامة حضورا في المشهد الأردني وأن يفتح نقاشا واسعا حول حدود الدبلوماسية ومعناها وأدواتها في زمن التحولات الإقليمية الكبرى وقال المحلل السياسي الأردني عامر السبايلة في حديث لـالعربي الجديد إن الولايات المتحدة تعتمد على دبلوماسية جديدة لا تخضع للتقارير المكتوبة ولا تعتمد على جهة واحدة لتكوين صورة أقرب إلى الواقعية عن البلدان التي تعمل فيها مشيرا إلى أن الهاجس الأساسي للولايات المتحدة مرتبط بكونها البلد الأكثر تقديما للمساعدات إلى الأردن في مقابل وجود انطباع بأنها من أكثر الدول المكروهة شعبيا لدى الأردنيين nbsp وفي حين قال إن السفير يحاول تكوين صورة واقعية عن نظرة الأردنيين تجاه الولايات المتحدة عبر زيارة قطاعات متنوعة ومختلفة لـتكون الصورة واضحة وشاملة رأى أن تواصل السفير مباشرة مع الأردنيين في مختلف مناطقهم يمكن أن يسهم في رسم صورة جديدة لدى العديد من فئات الشعب الأردني من جهته أكد الكاتب الصحافي ماجد توبة في حديث لـالعربي الجديد وجود مبالغة في تقدير حركة السفير مشيرا إلى أن كل الدول الكبرى لها نشاط دبلوماسي وسفراء يحرصون على لقاء الفعاليات الرسمية والثقافية والسياسية والاقتصادية والحزبية وحتى الشعبية مرجعا الاهتمام بمسألة السفير الأميركي إلى التركيز الإعلامي ونشر معظم تحركاته على مواقع التواصل الاجتماعي ومحاولاته التقرب شعبيا دون هواجس أو محاذير أو حسابات قد يمارسها سفراء آخرون كما أشار إلى أن الجديد ليس في طبيعة العمل الدبلوماسي الأميركي في الأردن وإنما في انفتاح السفير الإعلامي إلى جانب خلفيته الأمنية والوضع الإقليمي الملتهب والأزمات التي تهدد استقرار المنطقة أما عن مظهر السفير ولغته فقال توبة إنه يعتقد أن لها دورا في لفت الانتباه إلا أنه استبعد أن يكون الشكل هو العامل الأساسي في إثارة الجدل مشددا على وجود ربط شعبي بين دوره الحالي وعمله الاستخباري السابق بدوره أكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية والعلاقات الدولية أيمن الحنيطي الذي أعد ورقة متخصصة حول السفير عند تعيينه أن تحركات السفير تحدد وفق السياسة الرسمية للولايات المتحدة لا وفق أجندات أيديولوجية أو دينية مشددا على أن تركيزه ينصب على الملفات الأمنية والعملية وعلى رأسها التعاون في مكافحة الإرهاب وأشار الحنيطي في حديث سابق لـالعربي الجديد إلى أنه لا يوجد أي مصدر موثوق يشير إلى أن هولتسنايدر يتبنى رؤى لاهوتية تقوم على دعم إسرائيل شرطا لقدوم المسيح وهو عنصر مركزي في الخطاب الإنجيلي المتطرف مبينا أن تقارير وزارة الخارجية الأميركية تظهر أن عمله في المنطقة يتركز على الجوانب الأمنية والعملية مثل التعاون مع الأردن في مكافحة الإرهاب وليس على أجندات دينية
