مزارعون عالقون في الصومال بسبب انعدام شبكة الطرق الحديثة
١١ مشاهدة
ألقت أزمة انعدام المواصلات والطرق البديلة بظلالها القاتمة على الحياة الاقتصادية والمعيشية حيث يعاني مزارعون بالمئات في المناطق الواقعة تحت سفوح جبال علمدو وغلغلا بمحافظتي سناغ وبري في إقليم بونتلاند شمال شرق الصومال وقد وجد هؤلاء السكان أنفسهم عاجزين تماما عن تصريف محاصيلهم الزراعية التي جمعت خلال الأشهر الثلاثة الماضية وتعود جذور المشكلة إلى التصدعات الأرضية والانهيارات الصخرية التي ضربت الجبال في مواقع متعددة ما أدى إلى تدمير الطرق الوعرة التي كان المزارعون يعتمدون عليها وبسبب تعذر توفير وسائل النقل تعرضت كميات كبيرة من الخضروات والفواكه للتلف وتم التخلص منها ويروي علي جامع فارح أحد مزارعي منطقة غلغلا لـالعربي الجديد بحسرة كيف خسر محاصيله من البصل والطماطم والزيتون والمانغو وخضروات أخرى والتي جنى منها في مزرعته البالغة مساحتها هكتارين في نوفمبر تشرين الثاني الماضي مؤكدا أن الوضع شكل عبئا اقتصاديا هائلا عليه وقال علي إن حياتنا كلها تعتمد على هذه المزرعة وضياع المحصول يعني انهيار اقتصادنا بالكامل كان بيع المحاصيل يعتمد كليا على الشاحنات وقد توقفت حركة النقل تماما فنحن لا نستطيع الطيران في السماء بل نسير على الأرض وأوضح أن الطريق المقطوع كان الشريان الوحيد الذي يربطهم بمدينة بوصاصو التي تبعد أكثر من 80 كيلومترا مشيرا إلى أنه خسر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة أكثر من 3000 دولار تشمل الأرباح المتوقعة وتكاليف الإنتاج التي أنفقها وأضاف أن المزرعة تمثل المصدر الوحيد لدخل عائلته المكونة من 10 أفراد وبات عاجزا عن توفير احتياجاتهم الأساسية إذ اقتصر طعامهم على ما تبقى من المحاصيل خاصة التمر وبعض الخضروات وقال إن الإنسان يعيش مما يجنيه ليأكل ويشرب ويعيل من يعتمدون عليه كل هذا اختفى الآن لقد تلفت لدي حوالي ألفي كيلوغرام من البصل والطماطم وهذا دمار شامل ولا توجد أي فرص عمل أخرى هنا وأشار إلى أن الوضع الحالي هو الأسوأ على الإطلاق رغم التحديات السابقة المتعلقة بالطرق لافتا إلى أن العزلة دفعت معظم السكان للنزوح ما قضى على فرص بيع المنتجات في السوق المحلية ولم تتوقف المعضلة عند الخسائر الزراعية فقد أشار علي إلى أن منزله المكون من ثلاث غرف انهار في نهاية سبتمبر أيلول بسبب تشقق الأرض وتعيش أسرته الآن في غرفتين بدائيتين مصنوعتين من الأخشاب والأقمشة البالية التي لا تقي من حر الشمس أو برد الشتاء وقد دمر حوالي 300 منزل فيما ينام من حالفه الحظ في فناء منزله ونزح الآخرون دون أي مساعدة لتعويض ما فقدوه كما أثرت الأزمة على مستقبل أبنائه حيث حرم ثلاثة منهم من التعليم في مدرسة حمدان الثانوية بمدينة بوصاصو بعد طردهم في أكتوبر لعدم القدرة على سداد الرسوم الشهرية البالغة 60 دولارا وهم الآن عاطلون عن الدراسة في القرية بعدما تكفل أقاربهم بإعادتهم فيما يواجه علي مطالب بسداد ديون تبلغ 1700 دولار كان قد وعد بسدادها من عوائد المحصول التالف وهو أمر بات مستحيلا الآن وفي سياق مماثل يعاني عثمان علمي موسى الذي يعيل أسرة من ستة أفراد من الأزمة نفسها يمتلك عثمان مزرعة بمساحة هكتارين ونصف في منطقة مرعن بجبال علمدو لكنه عجز عن نقل محاصيله إلى أسواق مدن بدحن وبوصاصو وتليح التي تبعد بين 80 و120 كيلومترا وأشار إلى ندرة السيارات وارتفاع تكاليف الإيجار مما جعل نقل البضائع غير مجد اقتصاديا وقال عثمان إن الطريق وعرة وصعبة للغاية حتى لو زرعت الخضروات وكانت المدينة بحاجة إليها لا يمكنك إيصالها غياب السيارات يعني أن الثمار ستتعفن وتفسد لدينا وخسر محاصيل متنوعة من الليمون والمانغو والزيتون متكبدا خسائر بلغت نحو 800 دولار معظمها ديون وأضاف أن الفقر المدقع وانقطاع الطرق يقابلهما غياب تام لخدمات التعليم والصحة حيث لم يتمكن من نقل أسرته إلى المدن بسبب إفلاسه وأطفاله في سن الدراسة لم يلتحقوا بالمدرسة قط ويقول عبد الحكيم أحمد فارح رئيس جمعية مزارعي علمدو بسبب انقطاع الطرق الأشجار تثمر ثم تتساقط الثمار وتضيع وحتى لو توفرت سيارة لا أحد يملك ثمن أجرتها حاولنا مرارا إصلاح ما يمكن إصلاحه وردم التشققات بجهود ذاتية لكن الأمر يفوق قدرتنا وأضاف أن أكثر من 40 قرية جبلية تأثرت بالوضع مما دفع الكثيرين لليأس من الزراعة وعجز المزارعون عن تدبير شؤون حياتهم رغم تقديم شكاوى لولاية بونتلاند وللهيئات الإغاثية دون تلقي أي استجابة ويشهد الصومال في الوقت نفسه تغيرات مناخية حادة تسببت في موجات جفاف متكررة وأمطار غزيرة ما أدى إلى تدهور بيئي وظواهر جيولوجية غير مألوفة مثل الانهيارات الأرضية التي عزلت هذه المجتمعات الهشة