محاولات تتجنب مراكمة الضجر أفلام بحكايات متشابهة

٥٦ مشاهدة
أدى تكرار وتشابه موضوعات الأفلام المنجزة في الفترة الماضية خاصة تلك الكبيرة أو التي لمخرجين مخضرمين إلى دق ناقوس خطر النضوب الإبداعي الذي سيفضي قطعا إلى الملل من تدوير المطروق واستهلاكه فإضعاف الصناعة منذ فجر الفنون بأنواعها هناك جزم بأن الأفكار ـ الموضوعات ملقاة على قارعة الطريق وفقا للمقولة المنسوبة إلى الجاحظ وبأن كل شيء قيل سلفا ومعالجة الدراما لن تحيد عن المتعارف عليه منذ أرسطو والفن إجمالا قوامه توظيف أدواته ولغته بطريقة مبدعة وخلاقة وفريدة وصادقة لنقل وتناول ما سبق قوله وتناوله لكن في قوالب إبداعية توحي بالجدة على الأقل بعيدا عن رفض ما سبق أو قبوله كليا أو جزئيا نكون أحيانا كثيرة بصدد أفلام تجتهد فعلا في تقديم الجديد أو تجنب المطروق بصرف النظر عن مدى التوفيق من عدمه في توظيف أدوات السينما ولغتها فالغرض يتمثل في الخروج بعمل ينأى عن التكرار والانتحال وتدوير الأفكار ومراكمة الضجر فلا يعقل أنه في عصر يموج بتطورات متلاحقة وتحديات مترتبة عليها لا جديد يرصد ويناقش وإن تناول المعضلات والمشاكل الوجودية والأزمات الإنسانية الأزلية نفسها يلاحظ هذا أخيرا في روائيين طويلين نينو Nino للفرنسية بولين لوكس Pauline Loques وسولوماما أم عزباء Solomamma للنرويجية يانيكه أسكيفولد Janicke Askevold رغم أن تقنيات بنوك الأجنة والتلقيح والحمل المجهري وغيرها من تطورات هذا الحقل باتت قديمة نسبيا الآن ليست من الموضوعات المتناولة كثيرا عدم انتشارها في بلدان عدة لصعوبات ومشاكل أخلاقية واجتماعية ودينية أو لكلفتها الاقتصادية لا يحجب وجودها وأنها من مفردات العصر وأن هناك عقبات وتبعات مترتبة عنها يتعين رصدها الجديد في نينو ليس أن الشاب نينو تيودور بيلوران الذي يسابق الزمن بعد اكتشافه إصابته بالسرطان وقبل إجراء عملية متطلبة في أيام يحاول إنهاء مهمة بيولوجية تقوده في رحلة عبر باريس وتدفعه إلى إعادة التواصل مع العالم ومع نفسه بل في كون الرحلة تضعنا في مواجهة رغبة واختيار يندر تناولهما فالنساء هن الحريصات أكثر على الحمل والأطفال والنسل لكن هذه المرة هناك شاب تشغله صعوبة وضع نطفته في عبوة بلاستيكية لتجميدها والاحتفاظ بها قبل احتمال وفاته فربما تكون له ذرية مستقبلا بعدها هنا ليس التركيز المعتاد على الهوس بالأمومة بل بالأبوة صحيح أن نينو ليس مهووسا بالأمر لكنه مقتنع به ويجد في تنفيذه وإن أيقن أنه ربما لو حظي بنسل وأبوة لن يستمتع بهما قريبا في أم عزباء هناك الحقن المجهري أيضا إضافة إلى الحيوانات المنوية المتبرع بها الفيلم بمثابة امتداد لـنينو بطريقة ما إديث ليسا لوفن كونغسلي صحافية فضولية وأم عزباء لطفلة عن طريق الحقن المجهري ذات يوم يقودها فضولها إلى البحث عن هوية المتبرع رغم عدم قانونية هذا بحكم عملها وغريزتها ومثابرتها تكتشف هويته إنه العالم الوسيم نيلس هيربرت نوردروم لكن اكتشاف هوية الأب لا يشبع فضولها فجأة تتطور الأمور فتجد نفسها تسعى جديا إلى التعرف عليه بحجة زائفة تدريجيا يتعمق الأمر ويتحول إلى بدايات حب حقيقي تحاول إديث إخفاء الأمر والهروب لدفع الخطر عن حياتها الهشة وحياة ابنتها لكنه يكتشف الأمر وتصدمها ردة فعله غير المتوقعة تجاه الكشف عن هويته ما يدفعها إلى سؤال جوهري تطرحه عليه لماذا أقدمت على هذا أصلا قبيل نهايته يتضح أن ابنتينا Voor de meisjes ـ Our Girls للهولندي مايك فان ديم Mike Van Diem ليس دراما مأساوية تقليدية إذ يتجاوز العادي متخطيا التوقف طويلا عند مسببات الحادثة المؤدية إلى إصابات خطرة لمراهقتين صديقتين وتبعاتها على نفسية العائلتين الصديقتين وقوة الصداقة بينهما وعمقها فيطرح أسئلة عميقة وجديدة عن الأنانية بطريقة غريبة ومضحكة قليلا ومأساوية أيضا تدخل إحدى المراهقتين في غيبوبة شديدة هناك تطور تراجيدي خطر ينذر بفقدانها الحياة بينما تتعافى الأخرى وتتزايد الشكوك حول ضلوعها في الحادثة وبداية شعور بالذنب وإحساس بالمسؤولية والمصارحة والاعتذار بعد هذا تتحول الأمور إذ تنتكس المتعافية فجأة وتصبح بحاجة ماسة إلى تبرع بالقلب للبقاء حية أما الأولى فأمل نجاتها من الغيبوبة بات معدوما تقريبا فتطلب العائلة الثانية من الأولى التبرع بقلب ابنتها الميتة تقريبا لإنقاذ الأخرى التردد والموافقة فمحاولة العدول بعد الموافقة كلها تجبر الأسرتين على مواجهة الحدود الأخلاقية والولاءات الشخصية والدخول في دائرة من الأسئلة بالغة التعقيد والعبثية عن الحياة وأنانية البشر أما نجومية طفلة Babystar للألماني يوشا بونغارد Joscha Bongard فيبدأ من سؤال محوري عميق رغم سهولة المطروح إلى درجة تصمه بالتفاهة ماذا يحدث عندما تصبح طفولتك ومراهقتك وجل تصرفاتك محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر لوكا مايا بونس المراهقة 16 عاما نجمة مواقع التواصل بلا منازع منذ أن كانت جنينا عندما نشر والداها أول صورة لها بالموجات فوق الصوتية ظلت لسنوات تكسب متابعات الملايين وتحقق لهما ثروة طائلة أخيرا تعي أنها ضحية وأنها بالنسبة إلى والديها مادة محتوى ـ أموال وليست إنسانة تستحق الاهتمام والمشاعر والرعاية تثور عندما تعلم أنهما يخططان للإنجاب سعيا إلى مزيد من المشاهدات محبطة وحزينة تتمرد رافضة المصير نفسه للجنين الجديد فتحاول إنقاذ حياته المثير للانتباه أن الموضوع اتسم بغرابة في التنفيذ فرغم برودته كان لافتا للاهتمام وزاعقا بكراهية وإدانة الكثير في حياتنا تجلى هذا في تعمد عدم ذكر أي شيء له طبيعة إعلانية أسماء مواقع التواصل الشهيرة كانت توضع صافرة أثناء نطقها وظهور الماركات المطبوعة على الملابس واسم فندق أو شركة مشهورة لهواتف محمولة هذا كله ظلل عمدا

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم