كان يوم الجمعة هو اليوم الأول لسورية من دون عقوبات أميركية بعد أن وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الخميس الماضي على قانون إزالة آخر وأصعب تلك العقوبات المتمثلة بما عرف باسم قانون قيصر بعد استبعاد صيغة الشروط الملزمة أو ما يتيح إعادته تلقائيا يرى كثير من السوريين أن هذا اليوم هو التحول الأهم في حياتهم منذ إسقاط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر كانون الأول من العام الماضي وعبر الرئيس السوري أحمد الشرع عن أهمية هذا اليوم واصفا إياه بيوم التحول من مرحلة المعاناة إذ من شأنه أن يحول سورية من دولة شبه منهارة اقتصاديا إلى دولة مزدهرة بالصناعة والتجارة والاستثمارات الخارجية إلا أن هذا التحول لن يتم بالطريقة السحرية التي يتم من خلالها الترويج لإزالة هذه العقوبات فإلغاء قانون قيصر لا يعني تحول سورية من الجحيم إلى النعيم وإنما إعادتها الى نقطة الصفر كدولة طبيعية مثل سائر الدول مع فارق أن هذه الإعادة أعطيت إليها كفرصة لتحقيق الازدهار بحسب وصف الرئيس الأميركي وتقترن هذه الفرصة بنوعين من الالتزامات الأول يرتبط بتنفيذ تعهدات قطعتها الحكومة السورية على نفسها تجاه واشنطن والتي يأتي في مقدمتها عدم تشكيل أي تهديد مستقبلي لدول الجوار في إشارة إلى إسرائيل بالإضافة لإجراء تمثيل حقيقي لكل المكونات السورية والتزامات أخرى ترتبط بهيكلة وزارة الدفاع والتعاطي مع ملف المقاتلين الأجانب وغيرها من الشروط التي من الممكن أن يؤدي الإخلال بها إلى ضياع تلك الفرصة أما النوع الثاني من الشروط وهو الأهم فيرتبط بمدى قدرة الحكومة السورية على استثمار موضوع رفع العقوبات لصالح تحسين الواقع المعيشي للمواطنين وتحقيق الازدهار الاقتصادي المنشود والذي يتطلب بالدرجة الأولى توفير بيئة آمنة لجذب الاستثمارات من خارج سورية بالإضافة إلى تأمين بيئة قانونية مستدامة وجاذبة للاستثمار يتطلب هذان الشرطان الأخيران وقتا كافيا لطمأنة أي مستثمر يرغب في الدخول إلى السوق السورية كما يتطلب حكومة كفاءات قادرة على إعادة بناء بنى تحتية عصرية تواكب التطور المنشود ما يتطلب بدوره الابتعاد عن سياسة الولاء في التعيينات واستبدالها بسياسة الكفاءات إلى جانب معالجة شاملة لكل آثار الفساد التي خلفها النظام البائد سواء على مستوى تطوير القوانين الناظمة لعمل الجهات الحكومية أو على مستوى تطوير الإجراءات والنظم الإدارية البيروقراطية التي تحكم عمل مؤسسات الدولة هذه المتطلبات وغيرها من الاحتياجات المرتبطة بمراعاة الجوانب الاجتماعية ضمن التحول الاقتصادي المنشود تضع الحكومة السورية أمام تحديات كبيرة تتطلب الكثير من الجهد والتشاركية والتنازلات لتحقيقها nbsp nbsp