مذكرات خوان كارلوس محاولة ملك لمصالحة شعب

١٢ مشاهدة
يشكل صدور كتاب مصالحة للملك الإسباني السابق خوان كارلوس الأول حدثا يتجاوز حدود الأدب والسيرة الذاتية ليصبح ظاهرة ثقافية وسياسية تعيد فتح نقاش واسع حول الذاكرة والشرعية والمصالحة في إسبانيا الحديثة فالمذكرات التي صدرت هذا الأسبوع في فرنسا قبل طرح نسختها الإسبانية في ديسمبر كانون الأول المقبل لا يمكن أن تقرأ في إطار السرد الشخصي لرجل عاش على قمة السلطة أربعة عقود فحسب هي في نظر مراقبين محاولة لإعادة كتابة التاريخ الإسباني من الداخل بصوت منفي ملكي يراجع ذاته بعد سنوات من الصمت منذ مغادرته البلاد إلى أبوظبي عام 2020 ظل خوان كارلوس خارج المشهد العام في عزلة فرضتها عليه الفضائح المالية والعاطفية التي هزت العرش الإسباني غير أن ظهوره الآن عبر مذكراته وبعنوان دال هو مصالحة يقرأ بوصفه فعلا سياسيا بامتياز يحمل رسالة مزدوجة رسالة استعادة للكرامة الشخصية ورسالة انفتاح على المجتمع الإسباني في لحظة تعيد فيها البلاد تقييم علاقتها بمؤسساتها الملكية الكاتبة الفرنسية لورانس ديبراي التي تعاونت معه في إعداد النص تصف الكتاب بأنه رحلة في الذاكرة والضمير وتؤكد أن الملك لم يتجنب أي موضوع بل واجه أخطاءه بوضوح محاولا تفسيرها في سياق حياة كاملة من الحكم والخدمة العامة في الكتاب يمتزج كل شيء الثقافة والسياسة الشخصي والجمعي التاريخ والحاضر الديكتاتورية والتحول الديمقراطي الهدايا والندم من جهة هو شهادة رجل دولة شارك في قيادة التحول الديمقراطي بعد حقبة فرانكو ومن جهة أخرى صوت إنساني يراجع أخطاءه في المال والعاطفة والسلطة والهفوات الكثيرة يعترف الملك في نصه بقبول منحة مالية قدرها مائة مليون دولار من العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز ويصفها بأنها غلطة فادحة كما يتناول علاقته المثيرة للجدل بسيدة الأعمال الألمانية كورينا لارسن التي كانت الشرارة التي أدت إلى انهيار صورته عام 2012 حين سقط في بوتسوانا في أثناء رحلة صيد للأفيال لكن في عمق هذه الاعترافات يقدم الكتاب صورة معقدة للمؤسسة الملكية حيث يتحول التاج إلى عبء ثقيل يتقاطع فيه العزف على وتر السلطة مع نغمة الوحدة والحنين ربما لهذا السبب تحديدا لم يكن اختيار العنوان اعتباطيا فالكلمة تستحضر أحد أعمدة الهوية الإسبانية الحديثة المصالحة الوطنية التي قادها خوان كارلوس نفسه بعد نهاية الديكتاتورية عام 1975 لكنها في السياق الحالي تكتسب معنى جديدا مصالحة الملك مع شعبه ومع التاريخ الذي حكمه ثم حكم عليه وفي بلد مثل إسبانيا حيث لا تزال الملكية محور نقاش ديمقراطي ساخن بين مؤيدين يرونها رمزا للاستقرار ومعارضين يعتبرونها بقايا من الماضي يتحول الكتاب إلى وثيقة ثقافية أكثر من كونه نصا تبريريا فهو يرسم حدودا جديدة بين الذاكرة الشخصية والذاكرة الوطنية وبين الملك الإنسان والملك الرمز

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم