فلسفة التحرر في الوعي الكردي الحديث
فلسفة التحرر في الوعي الكردي الحديث
/> عاصم أمين كاتب سوري ومدرس للفلسفة، مقيم في ألمانيا. 11 نوفمبر 2025 + الخط -لم تكن المسألة الكردية في جوهرها صراعاً حدودياً أو خلافاً سياسياً عابراً بين جماعة قومية ودول قائمة، بل هي في عمقها سؤالٌ أنطولوجي عن الوجود والاعتراف، وعن إمكانية أن يكون الإنسان الكردي فاعلاً في التاريخ لا مجرد موضوع في خرائط الآخرين. فالقضية هنا تتجاوز الجغرافيا الضيقة لتصل إلى صميم الفلسفة السياسية الحديثة التي تربط بين الاعتراف والحرية، وبين الوجود والعدالة. منذ قرون، يعيش الأكراد على تخوم التاريخ الذي قسّمهم كما لو أن الجغرافيا كانت أداة لمعاقبة هويةٍ لم تخضع لسلطة النسيان. ومع ولادة الدول الحديثة في الشرق الأوسط، أصبحوا، رغم عمقهم التاريخي وثقلهم الديموغرافي والثقافي، جزءاً من معادلة السلطة التي تسعى إلى تجانس مصطنع يقوم على الإلغاء لا على التعدد، وعلى التماثل لا على التنوع.
في تركيا، حيث سعى المشروع القومي الأتاتوركي إلى إنتاج هوية أحادية ترتكز على الإنكار، جُرّد الأكراد من لغتهم واسمهم، وصار الوجود الكردي يُعامل كخللٍ في النظام لا كمكوّن أصيل فيه. وفي العراق، تذبذبت سياسات الدولة الملكية والقومية بين الإقصاء العنيف والاحتواء المشروط، حتى غدت العلاقة بين الأكراد وبغداد مرآةً لتاريخ طويل من الصراع الدموي بين المركز والهامش، حتى تبلور القانون الدولي وضع حداً لهذا الصراع وإيجاد حل عادل لاحتواء جميع المظلوميات. وفي إيران، بقي الوعي الكردي محاصراً بين هاجس الأمن ومركزية المذهب، فيما ظلت سورية لعقود تنكر حتى حق الكرد في الاعتراف بالاسم واللغة والتاريخ. هذه التجارب المتراكمة جعلت من الوجود الكردي نموذجاً مكثفاً وحاضراً على الدوام لمعاناة الشعوب التي سُلبت منها إمكانية تعريف ذاتها بحرية.
لكن ما يجعل الثورات الكردية على الإنكار مختلفة عن غيرها من حركات التحرر في العالم ليس فقط سعيها إلى حقٍّ سياسي، بل إدراكها العميق بأن الحرية لا تُختزل في إنشاء كيان، بل في إعادة بناء العلاقة بين الإنسان والمكان والذاكرة. إنها ثورة ضد
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على
