أن تتجول في بيروت وتلتقي بأطياف فنانين مثل محمد القاسمي وفريد بلكاهية ومولاي أحمد الإدريسي وباية محيي الدين أو تتراءى لك عادات مجتمعات الريف وجبال الأطلس على ضفة المتوسط الشرقية هذا ما يقدمه معرض فن من المغرب الذي افتتح مؤخرا في مؤسسة رمزي وسائدة دلول للفن ببيروت يقترح المعرض 62 عملا لـ42 فنانة وفنانا من المغرب والجزائر وتونس ينتمون إلى أجيال مختلفة حيث تتقاطع أعمال الرواد والفنانين العصاميين مع تجارب المعاصرين الذين يبتكرون في مجالات التجريب والفن المفاهيمي من بين هؤلاء ناديا الكعبي لينكي وإل سيد وكريم بركة الذين يضيفون أبعادا جديدة تعكس التحولات والاتجاهات الحديثة في الفن المغاربي وتكتمل الصلة بين المغرب والمشرق بعملين مركزيين عن فلسطين يوقعهما الفنان المغربي محمد أرجدال يستعيد فيهما أثر المنفى وأسئلة الهوية ومسارات العبور التي طبعت الذاكرة الجماعية للمنطقة يحضر العملان بوصفهما جسرا بصريا يعبر من الجنوب المغربي إلى الساحل الشامي ويعيد قراءة الخرائط والهجرات في هذا السياق يضع المعرض المتلقي أمام فكرة أن الفن المغاربي لم يكن معزولا ولا بعيدا وهكذا يصبح التجوال بين اللوحات والأعمال بمثابة رحلة داخل الذاكرة المشتركة لغة بصرية محلية تجمع الزخارف الأمازيغية والهندسة الإسلامية في تقديمها للمعرض تنبه القيمة وفاء الرز إلى الخلفيات التاريخية للوحات المجموعة موضحة أن فناني مدرسة الدار البيضاء للفنون بما في ذلك فريد بلكاهية ومحمد المليحي رفضوا النماذج الأكاديمية الأوروبية واتجهوا نحو لغة بصرية محلية تجمع الزخارف الأمازيغية والهندسة الإسلامية أما في تونس فقد سعى فنانو مدرسة تونس مثل يحيى التركي وجلال بن عبد الله وحاتم المكي إلى مواءمة التقاليد الزخرفية المحلية مع التقنيات الحداثية وفي الجزائر طورت حركات مثل حركة أوشم التي شارك في تأسيسها دنيس مارتينيز وشكري مسلي إلى جانب محمد خدة وباية محيي الدين صياغات جديدة تجمع بين التجريد الحركي والرموز الأمازيغية معبرة عن رؤية ما بعد الاستقلال يلفت في المجموعة أيضا حضور الخط العربي سواء في تجلياته الكلاسيكية أو في تحولاته التجريبية المعاصرة يظهر الخط في أعمال الرواد مثل الجزائري رشيد قريشي الذي يوظف الحرف بوصفه أثرا روحيا والتونسيين نجا المهداوي وسمير التريكي وعلى الضفة الأخرى يقترح الفنان التونسي إل سيد مقاربة أكثر معاصرة حيث يصل الحرف بين فن الفضاءات العام والتراث وبين المدينة المعاصرة وعمقها التاريخي كذلك تتمازج علامات المدينة التقليدية في ما بينها المقاهي الشعبية والجدران المزخرفة والأعراس والحشود والثياب المزركشة كلها تتشكل وفق باليتة لونية وخطاطات تنحو صوب الفطري كما هو الحال في باب سويقة للتونسي يحيى التركي أو المدينة وقاطنوها للمغربي محمد سرغيني واحتفال لإبراهيم الضحاك nbsp بهذا تقدم أعمال المعرض خيطا يصل المغرب العربي بالمشرق في الموضوعات كما في الحس الجمالي المشترك تجاه الجذور والذاكرة واللغة ففي حضور فلسطين وفي أثر الخط العربي وفي صور المدن والأسواق والحنين إلى البيت الأول استكشاف لمشهد مغاربي وإعادة نظر في تاريخ طويل من التفاعل الثقافي