الديمقراطيون الاشتراكيون في أميركا رافعة فوز ممداني

٩ مشاهدات
اليوم لقد تجاوزنا مرحلة الاشتراكيين ووضعنا الشيوعيين بدلا منهم لم يكن ذلك قرارا موفقا ولكن كما حذرت منذ سنوات فإن خصومنا مصممون على تحويل أميركا إلى كوبا الشيوعية أو فنزويلا الاشتراكية هكذا علق الرئيس الأميركي الجمهوري دونالد ترامب على فوز زهران ممداني بانتخابات عمدة نيويورك التي أجريت الثلاثاء الماضي انتخابات وفوز حظيا باهتمام عالمي حيث لا يزال وقع النتيجة يتردد صداه في الولايات المتحدة ودول غربية عدة وفي العالم العربي على اعتبار ممداني أول مسلم يفوز بالمنصب وكذلك في إسرائيل لكون غزة صوتت مرة أخرى في انتخابات أميركية وجعلت هذه المرة الفوز أسهل لمرشح شاب سمى الإبادة باسمها بعدما ساهمت في خسارة الديمقراطيين الرئاسة العام الماضي وبينما يتهم ترامب الديمقراطيين بأنهم أصبحوا إما شيوعيين أو اشتراكيين أو من جماعة اليقظة ووك اتهم الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن مساء الجمعة 8 نوفمبر تشرين الثاني ترامب بـوضع مصالح الأثرياء فوق مصالح الأميركيين العاديين في خروج نادر عن صمته منذ فوز سلفه بولاية ثانية خطابان يمكن وصفهما بالمضللين ففيما يملك ترامب القاعدة التي بإمكانها فهم آرائه والتناغم معها على أساس العداء لكل ما هو يساري ينسب لجيل بايدن داخل الحزب الديمقراطي إبعاد الحزب عن قاعدته الشعبية الصلبة الطبقة المتوسطة وأخذه إلى اليمين ما أعاد بروز حركات تحسب على محور اليسار ومن بينها الديمقراطيون الاشتراكيون رفع ممداني خلال حملته شعار نيويورك ليست للبيع وسعى ممداني لإعادة البوصلة إلى قاعدة الأميركيين العاديين وقد تضافرت لفوزه بالمنصب أسباب عدة من بينها أن مدينة نيويورك لم تعد ملكا لسكانها الأصليين وبالنسبة للحزب الديمقراطي الذي ترشح باسمه فإن سوء سمعة منافسه الديمقراطي حاكم ولاية نيويورك السابق أندرو كومو أسهم في ارتباك الديمقراطيين أنفسهم فضلا عن وجود ترامب في البيت الأبيض ناهيك عن النشاط والتصميم والمثابرة التي أبداها المرشح الشاب وأصوله المهاجرة التي ألهمت المصوتين الملونين والشباب بالإضافة إلى تأثير العدوان على غزة الذي ترك منذ عامين بصمة لا يستهان بها وغير مألوفة على السياسة الأميركية وميول الأميركيين وسط كل ذلك لعب عامل آخر دوره في هذه المعادلة هم الديمقراطيون الاشتراكيون في منظمة الديمقراطيين الاشتراكيين الأميركيين DSA وفرعها في نيويورك والتي ينتمي إليها ممداني وعاد الديمقراطيون الاشتراكيون ليخرجوا من الظل إلى دائرة الاهتمام الإعلامي مع هذا الفوز تماما كعودة الحياة إليهم مع بروز نجم بيرني ساندرز قبل أعوام ما جعل الاشتراكية اسما غير منفر في السياسة الأميركية وأكثر تداولا بين الأميركيين الديمقراطيون الاشتراكيون خلية نحل في نيويورك ودعم الديمقراطيون الاشتراكيون الأميركيون حملة ممداني إلى أقصى الحدود وعمل فرع المنظمة النيويوركي كـأهل العريس وكخلية نحل من أجل إيصاله إلى مبنى سيتي هول مقر البلدية في نيويورك فيما غاب الحزب الديمقراطي بشكل شبه كلي عن السمع وعن الحملة وسط ارتباك واضح ورفض الكثير من وجوهه القيادية الاعتراف بتقدم العضو في جمعية ولاية نيويورك عن منطقة أستوريا في كوينز وهو من أصول آسيوية أفريقية ومسلم في الانتخابات التمهيدية بشهر يونيو حزيران الماضي وللمنظمة دور في إيصال عدد من الأميركيين إلى مناصب رسمية في الولايات المتحدة وليس ممداني أول الاشتراكيين الذين اقتحموا الفضاء العام العمومي في البلاد لكن المنظمة التي تضم حاليا كما تعلن على موقعها الإلكتروني 90 ألف عضو رسمي تعد اليوم من أكثر المنظمات الاشتراكية نشاطا في الولايات المتحدة وتعتبر نفسها أكبرها وتعمل على دعم مرشحين عن الحزب الديمقراطي يتماهون مع أجندتها سواء أكانوا منتمين إليها أم لا عملا بتوجيه مؤسسها مايكل هارينغتون 1928 1989 من بين هؤلاء الفلسطينية رشيدة طليب وألكسندرا أوكاسيو كورتيز وجمال بونان الذين وصلوا إلى الكونغرس وقبلهم السيناتور بيرني ساندرز الذي أعطى دفعا قويا للمنظمة في عام 2016 مع ترشحه للرئاسة دون أن يكون عضوا رسميا فيها ويصعب شرح أجندة الديمقراطيين الاشتراكيين في الولايات المتحدة بعيدا عن أمرين أولهما الصراع الذي ظل دائرا منذ وقت طويل داخل خريطة مشاريع الحركات الاشتراكية في الولايات المتحدة بهدف الابتعاد أو التبرؤ من الانتماء أو التأييد أو التمايز عن الشيوعية أو الاشتراكية العالمية أو كل ما له علاقة بالاتحاد السوفييتي ثانيهما التوافق داخلها وإن تعددت العناوين على العداء للرأسمالية وللأثرياء أما الاختلافات فتدور في فلك التعبئة المعتدلة أو المتطرفة كمسألة من يريد أو لا يهدف إلى سيطرة الدولة على جميع المؤسسات والقطاعات الاقتصادية والمالية والاجتماعية أي تحويل الدولة إلى شركة التأمين الحصرية الوحيدة للمواطنين بلغة الأميركيين أو اعتماد فن الممكن وفق تعبير هارينغتون الذي دعا للتصويت للديمقراطيين الذين يقتربون من طروحات منظمته ومن الاختلافات العداء للصهيونية ولإسرائيل أو التأييد وكان هارينغتون نفسه الذي كتب عنه أنه كان صديقا للرئيس ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز يعد صهيونيا لكنه نادى بحل الدولتين فيما تعد المنظمة اليوم من الأشد عداء لإسرائيل وللصهيونية ومؤيدة قوية لحركات المقاطعة بي دي أس ومن بين ما تتهمها به الحركات الصهيونية في الولايات المتحدة ودوائر الإعلام والسياسة والتأثير المرتبطة بها أنها تمتحن الأعضاء المحتملين بأسئلة حول موقفهم من القضية الفلسطينية وتأييدهم لحركات المقاطعة وأن بعض مجموعاتها المحلية في المناطق والولايات المسماة Chambers هللت وباركت عملية حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر تشرين الأول 2023 وهنا يجب الإشارة إلى أهمية الصوت اليهودي الأميركي المعادي لإسرائيل وللصهيونية في دعم مثل هذه الحركات وأهمية التبدلات التي طرأت عليها نتيجة توجهات الشباب يبقى الهدف الأساس للديمقراطيين الاشتراكيين محاربة الأغنياء وجعل القوة الأساسية بيد الدولة ونقل الحكم من الشركات إلى الطبقة العاملة اشتراكية واقعية وتندرج المنظمة ضمن فئة غير الربحية وفق قانون العائدات المحلية والتي من بينها تلك التي تروج الأمان الاجتماعي أي أنها معفية من دفع الضرائب نشأت في العام 1982 مع اندماج كل من لجنة التنظيم الديمقراطية الاشتراكية DSOC التي أسسها هارينغون بداية والحركة الأميركية الجديدة NAM التي تأسست في عام 1971 وكانت معارضة لحرب فيتنام أما ممداني فاقتبس في خطاب الاحتفال بالفوز من كلام الزعيم الاشتراكي الأميركي الراحل أوجين ديبز 1855 1925 وكان ديبز مرشحا اشتراكيا للرئاسة خمس مرات أسس الحزب الاشتراكي الأميركي وأكثر ما عرف به قيادته إضرابا واسعا لعمال سكك الحديد ولجنة التنظيم الديمقراطية الاشتراكية التي تأسست في 1973 كانت قد انشقت عن الحزب الاشتراكي الأميركي الذي عرف أيضا القيادي الاشتراكي نورمان توماس يملك الديمقراطيون الاشتراكيون اليوم فرعا شبابيا youth democratic socialist of America ينشط في الجامعات والثانويات للترويج للعدالة الاقتصادية والديمقراطية ويعمل على مشاريع بشأن تعزيز العدالة داخل السجون كما تقول على موقعها الإلكتروني وبحسب معظم التعريفات عنها فإنها تملك هيكلية غير مركزية حيث لتجمعاتها المحلية السلطة الأعلى وأحيانا وفق أيديولوجيات تذهب بعضها إلى أقصى اليسار أما أجندتها الرسمية فإنعاش النقاش بشأن العدالة الاجتماعية وعلى رأسها اليوم تفعيل الطبابة والتعليم المجاني للجميع والصفقة الخضراء الجديدة اقتباسا من الصفقة الجديدة التي أطلقت في الولايات المتحدة بين عامي 1933 و1936 في عهد فرانكلين روزفلت والتي ضمت مشاريع اقتصادية وإنعاشية وإصلاحية إضافة إلى إعادة إحياء عمل النقابات وتجريد المحكمة العليا من سلطتها لكن الهدف الأبعد يبقى محاربة الأغنياء وجعل القوة الأساسية بيد الدولة ونقل الحكم من الشركات إلى الطبقة العاملة رفع ممداني خلال حملته شعار نيويورك ليست للبيع ليرمي هدفا في شباك الديمقراطيين والذين قال مركز غالوب في استطلاع رأي له في سبتمبر أيلول الماضي إن ثلثي قاعدتهم باتت تنظر إيجابا لكلمة الاشتراكية في ارتفاع عن 50 في 2010 في تقرير له نشره في 7 نوفمبر الحالي بعد إعلان رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة عن الحزب نانسي بيلوسي عزمها اعتزال العمل السياسي ركز موقع جاكوبين اليساري الأميركي الضوء على دور بيلوسي وجيلها من الديمقراطيين في صعود التيار الليبرالي داخل الحزب المرتبط ارتباطا وثيقا مع عالم المال والأعمال والأثرياء على حساب القاعدة الصلبة من الطبقة الوسطى والعمال اليوم يبدو أن الحزب الديمقراطي في رحلة البحث عن نفسه مجددا ويأتي فوز ممداني مثالا لصعوبة المرحلة التي يمر بها بين جيلين أو أكثر وصولا إلى جيل الشباب وهو بالنسبة لمتابعين كثر عليه أن يحدد الطريق للمضي قدما والتعامل مع ظاهرة صعود اليساريين ليس انتخابيا فقط بل أيديولوجيا في المقابل يصعب على حركات مثل منظمة الديمقراطيين الاشتراكيين أن تتحول إلى أحزاب في الولايات المتحدة التي يدور حزباها الرئيسيان نفسيهما كلما مرا بحالة ضعف ولكن بهدف الإبقاء على عجلة النظام نفسها الدولة الرأسمالية المتربعة على أكبر اقتصاد في العالم والتي كثيرا ما توصف بأنها دولة تحيا وتحكم بعمل منتظم لملايين الشركات لن تمضغ بسهولة صعود أي يسار اليوم يعيش الديمقراطيون الاشتراكيون نشوة فوز يرونه استثنائيا وفرصة جديدة للاختراق وتوسيع النفوذ داخل الحزب الديمقراطي وهو ما سيتضح أكثر في الانتخابات النصفية المقبلة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم