تحول غير مسبوق في العراق خطة زراعية تعتمد على المياه الجوفية
٥١ مشاهدة
في ظل أزمة المياه التي يعاني منها العراق وتداعياتها المباشرة على الزراعة أقدمت الحكومة على خفض الخطة الزراعية للموسم الشتوي 2025 2026 إلى 4 5 ملايين دونم مقارنة بالموسم السابق 2024 2025 الذي اعتمدت فيه وزارة الموارد المائية 4 8 ملايين دونم منها 3 14 ملايين دونم تعتمد على المياه الجوفية 78 و1 66 مليون دونم تعتمد على الري المباشر من مياه الأنهار هذا الفارق يعكس انخفاضا يقترب من الثلث في حجم الخطة الجديدة ما يثير تساؤلات عن انعكاساته على إنتاج الحنطة وبقية المحاصيل الأساسية واستقرار السوق المحلية وكيف ستتمكن الدولة من تعويض النقص وسط أزمة مائية خانقة تضرب قطاع الزراعة منذ سنوات وفي السياق أقر مجلس الوزراء العراقي الخطة الزراعية للموسم الشتوي 2025 2026 في خطوة وصفها مختصون بأنها الأكثر صرامة وتنظيما خلال السنوات الأخيرة بالنظر إلى ظروف الشح المائي وتراجع الإطلاقات من دجلة والفرات وما يتطلبه ذلك من إدارة محكمة للموارد المتاحة وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان أن المجلس صوت على زراعة مليون دونم بالاعتماد على المياه السطحية إلى جانب 3 5 ملايين دونم باستخدام المياه الجوفية وهي المساحة التي سبق إقرارها في قرار مجلس الوزراء رقم 796 لسنة 2025 ليبلغ إجمالي المساحة الزراعية المخطط لها في الموسم المقبل 4 5 ملايين دونم وتشير هذه الأرقام إلى توجه واضح نحو زيادة الاعتماد على الآبار والمياه الجوفية لتعويض النقص الحاد في الموارد السطحية خصوصا مع استمرار الأزمة المائية التي تعيشها البلاد منذ عدة سنوات وتراجع تدفقات المياه العذبة من دول المنبع وشدد مجلس الوزراء وفق البيان على التزام استخدام منظومات الري الحديثة في زراعة محصول الحنطة سواء المزروعة على المياه الجوفية أو السطحية في خطوة تهدف إلى الحد من الهدر وتحسين كفاءة استخدام المياه ولا سيما أن محصول الحنطة يمثل العصب الأساسي للأمن الغذائي في البلاد كذلك ألزم المجلس وزارة التجارة بعدم تسلم أي كمية من الحنطة المزروعة خارج الخطة الزراعية في محاولة لضبط الفوضى التي ترافق مواسم التسويق الزراعي عادة ولمنع استنزاف المياه عبر زراعات غير مخطط لها لا تتناسب مع حجم الموارد المتاحة انكماش المساحات الزراعية من جانبه قال نائب رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية التعاونية في العراق عماد مكرود البديري إن الواقع الزراعي يمر بمرحلة شديدة الحساسية بسبب تفاقم شح المياه وتراجع الإطلاقات الآتية من دول المنبع الأمر الذي جعل الموسم الزراعي المقبل مهددا بتراجع يعكس اتساع فجوة الأمن الغذائي وأوضح البديري لـالعربي الجديد أن تأثير الجفاف بات يتصاعد عاما بعد عام وأن استمرار الوضع الحالي ينذر بانكماش مساحات الزراعة التقليدية وتراجع قدرة الفلاحين على الاستمرار ودعا الحكومة العراقية إلى إعادة النظر في الخطة الزراعية الحالية واتخاذ قرارات عاجلة وواضحة تضمن استقرار القطاع الزراعي وتوفر مقومات استمراريته وأشار إلى أن الفلاح العراقي يواجه أعباء مالية مرهقة مطالبا بتخفيض رسوم الكهرباء والسقي وإيجارات الأراضي بما يوفر هامشا من القدرة التشغيلية للفلاحين وحذر من أن استمرار هذه الأجور بوضعها الحالي سيؤدي إلى خروج الآلاف من المزارعين من دائرة الإنتاج كذلك شدد البديري على أهمية رفع التعرفة الجمركية عن المستلزمات الزراعية بخاصة البذور والأسمدة والمبيدات والمكننة الحديثة لأن أسعارها الحالية تشكل عبئا لا يتناسب مع قيمة البيع النهائية للمحاصيل ما يجعل المعادلة غير عادلة للفلاح وأضاف أن المرحلة الحالية تتطلب تطوير بدائل للسقي وتعزيزها وفي مقدمتها العيون المائية والآبار الأرتوازية مع ضرورة تنظيم عملية استخراج المياه الجوفية لمنع استنزافها مؤكدا أن هذه البدائل يمكن أن تخفف جزءا من الضغط على الموارد السطحية وتساعد في إنقاذ الموسم الزراعي وشدد على أن حماية الزراعة اليوم باتت واجبا وطنيا ملحا وأن الفلاحين يحتاجون إلى دعم حقيقي وإجراءات ملموسة تعيد الثقة للقطاع وتمنع تراجع الإنتاج المحلي في مرحلة توصف بأنها الأخطر على الأمن الغذائي وضع ضوابط صارمة بدوره قال الخبير الزراعي خطاب الضامن إن الخطة الزراعية الأخيرة تمثل مؤشرا واضحا على حجم الضغوط المائية التي تواجه العراق موضحا أن تقليص المساحات سيترك آثارا مباشرة على إنتاج الحنطة والمحاصيل الشتوية الأساسية بما قد يوسع الفجوة بين حاجة السوق وقدرة المزارعين على تلبية الطلب المحلي وأضاف الضامن لـالعربي الجديد أن صدور الخطة الزراعية يأتي عقب توقيع الاتفاق الإطاري للتعاون المائي بين العراق وتركيا وهو تطور يعكس محاولة الحكومة التحرك على مسارين متوازيين يتمثلان في تقليص المساحات لحماية الموارد المائية المتاحة في المدى القريب والسعي لزيادة كفاءة الإدارة المائية عبر مشاريع مشتركة مع أنقرة في المدى المتوسط وشدد الضامن على أن أثر هذه التفاهمات لن يكون فوريا وأن الموسم الحالي سيبقى الأكثر حساسية بسبب محدودية المياه المتاحة مقارنة بالحاجة الفعلية إذ إن الاعتماد المتزايد على المياه الجوفية لتعويض نقص الموارد السطحية يحمل مخاطر على المدى المتوسط خصوصا في المناطق التي تشهد انخفاضا مستمرا في مناسيب الآبار ودعا إلى وضع ضوابط صارمة للحفر والاستخراج حتى لا تتحول الأزمة الحالية إلى أزمة مضاعفة بين السطح والجوف مؤكدا أن نجاح الخطة يتوقف على قدرة الدولة على توفير منظومات الري الحديثة بأسعار مناسبة لأن اشتراط استعمالها من دون دعم فعلي سيجعل جزءا من الخطة غير قابل للتنفيذ وأكد أن مرحلة ما بعد إعلان الخطة تحتاج إلى موازنة دقيقة بين الأمن المائي والأمن الغذائي وإلى متابعة صارمة لضمان عدم تحول تقليص المساحات إلى انخفاض حاد في الإنتاج المحلي وتشير بيانات وزارة الزراعة العراقية إلى أن نحو 70 من الأراضي الصالحة للزراعة باتت تواجه مخاطر الجفاف نتيجة انخفاض منسوب نهري دجلة والفرات لأدنى مستوياتهما منذ أكثر من عقدين كذلك تؤكد تقارير الأمم المتحدة أن العراق خسر خلال السنوات الخمس الماضية ما يقارب 40 من موارده المائية السطحية ما يضع الأمن الغذائي في دائرة الخطر ويهدد سلاسل التوريد الزراعي وقطاع الحبوب