المرأة المكسورة جراح أنثوية على المسرح

٥٨ مشاهدة
كل معنى الإنسان وكل دراما وجوده تكمن في داخله لو كان تشيخوف الذي قال هذه العبارة موجودا بيننا اليوم ربما كان سيعدل عبارته ليقول كل دراما المرأة الحديثة تكمن في الصراع بين داخلها وخارجها هذا تحديدا ما تتناوله مسرحية المرأة المكسورة التي تعرض حاليا على مسرح إنفاني إيزابيل في مدريد حتى الثامن عشر من الجاري nbsp بعد أكثر من نصف قرن على صدور نص المرأة المكسورة لسيمون دو بوفوار يعود العمل إلى الخشبة الإسبانية بجرأة جديدة وأداء لافت تمثيلا وإخراجا ليعيد طرح أسئلة ما زالت تلاحق المرأة حتى اليوم الحب والعمر والوحدة والذنب والهوية تبدأ المسرحية بمشهد بسيط مورييل وحيدة في شقتها بينما العالم يحتفل في الخارج لكن خلف هذا الهدوء الظاهري تنفتح هاوية من الذكريات والخيبات زواج فاشل ابن بعيد ماض يطفو على السطح ووحدة خانقة تجعل الكلام وسيلتها الوحيدة للبقاء تتحول الغرفة إلى مرآة لداخلها المنكسر وتغدو الإضاءة الخافتة والألوان الباردة جزءا من البناء النفسي للشخصية إنها امرأة في منتصف العمر تقضي ليلة رأس السنة وحيدة بعدما تخلى عنها زوجها وأبناؤها لتجد نفسها محاطة بأصوات احتفالات الآخرين وداخلها خراب عميق من خلال مونولوغ طويل بلا نقاط أو فواصل كما كتبته بوفوار عام 1967 تنفتح جراح الذات الأنثوية على المسرح في عرض يستحضر شعور الاختناق الذي ينتج عن الخضوع الاجتماعي لمعايير النجاح والأسرة والأنوثة المثالية لا يتعلق الأمر برؤية امرأة مهزومة أو وحيدة أو خائبة بقدر ما نرى مرآة لمجتمع جعل من فشلها مادة لتأنيبها ومن ألمها إثباتا لعجزها عرض يستحضر شعور الاختناق الذي ينتج عن الخضوع الاجتماعي على الرغم من مرور أكثر من خمسين عاما على نص بوفوار إلا أن كلماتها كما تبدو في العمل المسرحي لم تفقد شيئا من حدتها على العكس ربما اكتسبت طبقة جديدة من المعنى في زمن ما بعد النسوية إذ لا تزال المرأة تنتزع مكانها في فضاء عام يطالبها دوما بالتبرير بطلة العمل تقدم مونولوجا يمزج بين السخرية والدمع الكبرياء والانكسار لتمنح الشخصية عمقا إنسانيا لا يقع في فخ الشكوى إنها مساحة التأمل الفلسفي التي أرادتها بوفوار هل الحرية ممكنة دون ألم وهل يمكن للمرأة أن تكون ذاتها دون أن تتهم بالأنانية كل شيء في ديكور المسرح ساعد على ذلك بدءا من خيار المخرج في أن يجعل الغرفة التي تدور فيها الأحداث شبيهة بالخلية العقلية لمورييل الجدران الرمادية الضوء المتذبذب وإيقاع الأصوات الخارجية كلها تعمل بوصفها عناصر نفسية إنها محاولة من المخرج لنقل الأحوال الداخلية التي تعيشها بطلة العمل إلى الفضاء الخارجي ربما لهذا السبب كانت خشبة المسرح مكتظة إذ بدت هناك رغبة بعدم ترك مجال للفراغ كل زاوية تنبض بتوتر داخلي وكل لحظة صمت تحمل في طياتها ما لا يقال ينتمي عرض المرأة المكسورة إلى سلسلة من الأعمال المسرحية المعاصرة التي تتناول أزمة منتصف العمر عند النساء بينما يختار بعض المخرجين مواجهة الأزمة بالهروب أو السخرية قرر مخرج هذا العمل أن يعكس نص بوفوار تماما كما هو عبر المواجهة المباشرة nbsp

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم