يتزامن موسم قطف الزيتون في فلسطين سنويا مع تصاعد الحملات التحريضية ضد المزارعين الفلسطينيين لتتحول هذه المناسبة إلى ساحة مواجهة إعلامية وميدانية إذ لا تقتصر الاعتداءات على الأرض فحسب بل تمتد إلى الفضاء الرقمي حيث تنتج حسابات ومنصات إسرائيلية محتوى منظما يهدف إلى نزع الشرعية عن المزارعين وتصوير نشاطهم بوصفه تهديدا أمنيا أو تعديا على ملكيات خاصة يظهر تحليل أعده موقع مسبار لتقصي الحقائق أن هذا الخطاب التحريضي الذي تشارك فيه جهات يمينية إسرائيلية تزامن مع نشر مزاعم ومقاطع مصورة مضللة أبرزها ما نشر في 20 أكتوبر تشرين الأول عبر حسابات إسرائيلية ادعت أن مثيري شغب من السلطة الفلسطينية حاولوا اقتحام أراضي مستوطنة قرب قرية نزلة الشرقية شمالي طولكرم إلا أن التحقق الذي أجراه الموقع كشف أن الحدث كان فعالية رسمية لقطف الزيتون نظمتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ومحافظة طولكرم ووزارة الزراعة ومجلس البلدة في إطار حملة الزيتون لعام 2025 الصحافية سندس علي التي وثقت الفعالية لصالح تلفزيون المدينة أكدت أن قوات الاحتلال أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة على المشاركين بزعم أن المنطقة عسكرية مغلقة مشيرة إلى أن الاعتداء جرى قرب بؤرة استيطانية رعوية ملاصقة لمستوطنة حرميش وأوضحت أن المزارع الذي ظهر في الفيديو المتداول عبد الخالق ناصر كان يبكي لحرمانه من دخول أرضه التي تتعرض منذ سنوات لاعتداءات المستوطنين شملت سرقة معداته وحرق شبكات الري وفي سياق متصل وثقت وسائل إعلام فلسطينية اعتداءات مشابهة في مناطق أخرى من الضفة الغربية منها إطلاق نار وقنابل غاز على مزارعين ومتضامنين في بيت لحم والخليل وطولكرم فيما أكد نائب محافظ طولكرم فيصل سلامة أن هذه الاعتداءات تتكرر سنويا لمنع الفلسطينيين من قطف ثمارهم وفرض وقائع استيطانية جديدة كما صرح رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان بأن قوات الاحتلال فضت الفعالية بالقوة منذ بدايتها وأكد أن المشاركين لم يقتربوا من أي مستوطنة ورصد مسبار مزاعم إسرائيلية متكررة بأن موسم الزيتون يمثل خطرا أمنيا كان آخرها منشورات حركة إم ترتسو اليمينية المتطرفة التي دعت إلى إلغاء الموسم في المناطق القريبة من المستوطنات بحجة أن الفلسطينيين يستغلونه لتنفيذ عمليات إرهابية كما نشرت الحركة عرائض رقمية ولافتات تحذر من المذبحة القادمة في ربط مباشر بين النشاط الزراعي والمواجهة العسكرية وتواصلت حملات التحريض مع اتهامات طاولت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان نفسها إذ زعمت حسابات إسرائيلية أن الهيئة تثير التوتر وتتحرك بين القرى الفلسطينية لـمواجهة الجيش والمستوطنين وهو ما نفاه مسبار بعد تتبع أنشطتها الرسمية وأكدت الهيئة أن فعاليتها في إذنا في محافظة الخليل جرت في 12 أكتوبر وليس في 20 منه كما تدعي تلك الحسابات مشيرة إلى أن جيش الاحتلال صادر خلالها معدات المزارعين ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم القريبة من مستوطنتي أدورا وتيلم وفي تقرير بثته القناة الإسرائيلية 14 اتهمت الهيئة ورئيسها مؤيد شعبان إضافة إلى ناشطين مثل عبد الله أبو رحمة ومنذر عميرة بأنهم منظمو مواجهات في محاولة لإعادة تأطير مشاركتهم المدنية بوصفها تحركات عدائية واعتبر التقرير أن موسم الزيتون يستغل من ناشطين فلسطينيين للاقتراب من المستوطنات بأساليب عنيفة في سردية إعلامية متكررة تسعى إلى تصوير النشاط الزراعي الفلسطيني غطاء للعمل الأمني غير أن البيانات الميدانية الرسمية تظهر عكس ذلك تماما إذ وثقت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان حتى 28 أكتوبر أكثر من 259 اعتداء ضد قاطفي الزيتون منذ بدء الموسم منها 218 نفذها مستوطنون و41 نفذها جيش الاحتلال وشملت الاعتداءات الضرب والمنع من الوصول والاعتقال وإطلاق النار المباشر كما سجلت الهيئة 125 حالة اعتداء على الأراضي المزروعة بينها قطع وتجريف أكثر من 1070 شجرة زيتون ويشير هذا النمط المتصاعد من التحريض بحسب مسبار إلى محاولة إسرائيلية متعمدة لإعادة صياغة صورة المزارع الفلسطيني من رمز للأرض والصمود إلى مشتبه به أمني في إطار حملة سياسية وإعلامية منظمة تبرر الاعتداءات وتمنحها غطاء خطابيا فالزيتون الذي ظل لعقود رمزا للسلام والارتباط بالأرض يتحول في الرواية الإسرائيلية الجديدة إلى ذريعة أمنية لاستكمال مشروع السيطرة على الأرض وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية تحت غطاء مكافحة الإرهاب