بعد عام وصف بالأسوأ من حيث هطول الأمطار وإنتاج المحاصيل تواجه تركيا تداعيات التغيرات المناخية ولا سيما موجات الصقيع التي ضربت البلاد العام الماضي وتسببت في تراجع الإنتاج الزراعي عبر حزمة من القروض الميسرة والتعويضات المالية المباشرة للفلاحين في محاولة للحد من العجز في الإنتاج وزيادة المعروض السلعي في السوق المحلي الذي شهد هذا العام ارتفاعات قياسية في الأسعار خصوصا في الفواكه إلى جانب اتساع عجز الميزان التجاري وتحول البلاد إلى استيراد بعض المنتجات الزراعية وأعلنت وزارة الزراعة والغابات التركية أمس الأربعاء عن تحويل 707 ملايين و112 ألف ليرة تركية نحو 17 7 مليون دولار مبالغ إضافية للمزارعين المسجلين في نظام تسجيل المزارعين Çiftçi Kayıt Sistemi ممن لا يملكون تغطية تأمينية زراعية ويعد هذا التحويل امتدادا لمدفوعات سابقة ضمن برنامج مواجهة آثار الصقيع الزراعي وأوضح وزير الزراعة والغابات إبراهيم يومكلي أن الدعم يستمر للمزارعين المسجلين في نظام ÇKS من أصحاب الزراعات المكلفة الذين لا يتمتعون بتأمين زراعي مؤكدا عبر منشور على منصة NSosyal أن الدفعة الجديدة تهدف إلى ضمان استمرارية الإنتاج الزراعي وتعزيز قدرة الفلاحين على مواجهة المخاطر المناخية تشجيع الفلاحين وأشار العامل في القطاع الزراعي جيزمي آرال إلى أن مبالغ الدعم الحالية تركزت على أصحاب الأراضي الصغيرة والحقول التي تضررت من الصقيع ولا سيما مزارعي أشجار الفاكهة لكنها تشترط التسجيل في نظام ÇKS لتحديد حجم التعويضات وضمان وصولها إلى مستحقيها وأضاف في حديثه لـالعربي الجديد أن المبالغ قد لا توازي الخسائر الكبيرة المسجلة العام الماضي لكنها تشكل دعما مباشرا يضاف إلى القروض من دون فوائد التي أعلنتها الحكومة الشهر الماضي ما يساهم في تشجيع الفلاحين على الاستمرار بالعمل الزراعي بعد عزوف كثيرين نتيجة الخسائر المتكررة وقال آرال إن الدعم المباشر مستقبلا يمكن أن يشمل المزارعين الجدد الذين يسجلون حاليا في النظام داعيا جميع المتضررين من الصقيع والجفاف والعواصف إلى التسجيل لضمان شمولهم بالبرامج اللاحقة وشهدت تركيا العام الماضي أسوأ موسم مطري منذ ستين عاما تفاقم بفعل الصقيع والفيضانات وارتفاع درجات الحرارة ما أدى إلى تراجع حاد في الإنتاج الزراعي nbsp ووفق شمسي بيرقدار رئيس اتحاد غرف الزراعة التركية TZOB انخفضت غلة القمح الجاف بنسبة 48 والمروي بنسبة 10 8 والشعير الجاف بنسبة 63 بينما تراجع إنتاج الفاكهة من 28 مليون طن إلى 20 مليون طن فقط برامج دعم تمتد حتى 2027 استجابت الحكومة للتحذيرات عبر قروض ميسرة وبرامج دعم جديدة للإنتاج النباتي والحيواني معلنة عن خطة تمتد بين عامي 2025 و2027 تهدف إلى رفع جودة المحاصيل وزيادة دخل المزارعين وأوضحت الوزارة أن الدعم الأساسي للإنتاج النباتي لعام 2026 سيرتفع بنسبة 27 مقارنة بالعام السابق ليصل إلى 310 ليرات لكل دونم مع حوافز إضافية للنساء الريفيات والشباب والمزارعين الأعضاء في التعاونيات الزراعية كما زاد دعم الزراعة العضوية بنسبة 25 بهدف رفع جودة الإنتاج وتحسين المعايير البيئية ويرى الخبير الاقتصادي محمد كامل ديميريل من مركز الدراسات الاستراتيجية في إسطنبول أن الزراعة التركية واجهت العام الماضي أسوأ إنتاج منذ ثلاثة عقود وصقيعا غير مسبوق منذ 65 عاما ما خفض إنتاج الفاكهة بأكثر من 30 ورفع الأسعار محليا وقلص الصادرات الزراعية رغم كون تركيا الأولى أوروبيا والثامنة عالميا بالإنتاج الزراعي وأضاف ديميريل أن هجرة العمالة الأجنبية ولا سيما الأفغان والسوريين فاقمت الأزمة في القطاعين الزراعي والحيواني مشيرا إلى أن الزراعة كانت القطاع الوحيد الذي تراجع نموه العام الماضي في حين نما قطاع البناء بنسبة 7 8 والخدمات 6 4 والعقارات 2 7 والصناعة 0 8 حزمة تسهيلات ائتمانية ويؤكد ديميريل أن دعم الاقتصاد الحقيقي المنتج زراعة وصناعة واجب على الدولة وليس إخلالا بمبادئ السوق إذ تساهم هذه القطاعات في تشغيل الأيدي العاملة وزيادة القيمة المضافة وتغني البلاد عن الاستيراد لذلك وجه الرئيس رجب طيب أردوغان الحكومة لإطلاق حزمة تسهيلات ائتمانية واسعة تشمل مشاريع البيوت البلاستيكية وتربية المواشي إلى جانب قروض طويلة الأجل وتأجيل أقساط القروض السابقة في إطار سياسة متكاملة لتقوية القطاع الزراعي وبعد توجيهات أردوغان أعلن مصرف زراعات بنك الحكومي عن قروض تصل إلى عشرة ملايين ليرة تركية نحو 238 ألف دولار لإنشاء بيوت بلاستيكية بفترة سداد تصل إلى عشر سنوات تتضمن إعفاء عاما من سداد أصل الدين مع خفض نسبة رأس المال المطلوب إلى 10 للشباب والنساء كما رفعت الحكومة دعم المستشارين الزراعيين بنسبة 17 5 لعام 2025 ليصل إلى 345 450 ليرة وزادت دعم الأسمدة العضوية والكيميائية من 0 21 إلى 0 32 وهو ما من شأنه خفض التكاليف وتحسين خصوبة التربة ورفع الإنتاجية ورغم الصعوبات المناخية ما زالت تركيا من بين الدول الرائدة في الإنتاج الزراعي إذ بلغ الناتج الزراعي 74 مليار دولار عام 2024 بحسب وزير الزراعة والغابات الذي أكد أن تقدم البلاد إلى المرتبة السابعة عالميا يعد تتويجا لسياسات الدعم والإصلاح الزراعي المستمرة منذ مطلع الألفية من تحديث أنظمة الري وتشجيع الصناعات التحويلية إلى توسيع البرامج الائتمانية للمزارعين وتحفيز الزراعة المستدامة