السودان تحولات صراع الفاشر

٦٣ مشاهدة
قد نختلف كثيرا حول تاريخ الأداء السياسي للأحزاب السودانية منذ مرحلة ما بعد الاستقلال وقد نتجادل حول أدوار الجيش في تشكيل المشهد السياسي وهيمنته المتكررة على الحكم لكن ما لا يختلف عليه معظم السودانيين اليوم أن قوات الدعم السريع لم تكن يوما مؤسسة دولة حديثة بل مجرد كيان نشأ خارج منظومة الجيش النظامي وارتبط منذ تأسيسه بمصالح السلطة أكثر من ارتباطه بمفهوم الوطن وكان الرئيس المعزول عمر البشير قد أنشأ هذه القوة في الأصل لمواجهة تمرد الحركات المسلحة في دارفور على نظام الإنقاذ ومنذ ذلك الحين تطورت في بنيتها وعتادها العسكري إلى أن تحولت إلى لاعب رئيسي في معادلة الحكم بل إلى خصم للجيش ذاته بعد تحرير الجيش السوداني للعاصمة الخرطوم وود مدني وسنجة اتجهت الأنظار غربا نحو دارفور وكردفان حيث يبدو أن الدعم السريع أو من يقف خلفه قد انتقل إلى خطة جديدة التمركز في نطاق جغرافي محدود بعد فشله في السيطرة على البلاد بأكملها أي اتفاق لا يقتلع جذور الميلشيا من بنية السلطة إنما يؤجل الصراع فقط nbsp هذا التوجه يعكس محاولة لتثبيت سلطة أمر واقع في الغرب وربما لتأسيس نموذج شبيه بما حدث في ليبيا حكومتان تتقاسمان النفوذ في جغرافيا واحدة وقد يكون ذلك تمهيدا لانفصال مستقبلي أو ورقة ضغط في أي تسوية قادمة ما يضع السودان أمام مفترق طرق خطير لكن خيارات البلاد محدودة وصعبة الحسم العسكري الذي يطالب به الشارع يبدو بعيد المنال في ظل الدعم الخارجي الكبير الذي تتلقاه قوات الدعم السريع بينما خيار التفاوض معها لا يقل خطورة لأنه يمنح شرعية جديدة لتشكيل مسلح تأسس على منطق القوة لا منطق الدولة فالتاريخ القريب يؤكد أن أي اتفاق لا يقتلع جذور المليشيا من بنية السلطة إنما يؤجل الصراع فقط في ضوء ذلك يبدو أن سقوط الفاشر إن حدث لن يكون مجرد معركة عسكرية بل تحولا استراتيجيا في موازين القوى داخل السودان نفسه وربما في الإقليم بأسره التجارب السابقة تظهر أن المليشيات التي تبنى على الولاءات القبلية والعلاقات العابرة للحدود غالبا ما تصبح أداة في أيدي أطراف إقليمية تبحث عن نفوذها عبر إضعاف الدول المركزية الميليشيات التي تبنى على الولاءات القبلية والعلاقات العابرة للحدود غالبا ما تصبح أداة في أيدي أطراف إقليمية تبحث عن نفوذها عبر إضعاف الدول المركزية وإذا كان ثمة دعم خارجي يغذي هذه التحولات فهو بالتأكيد ليس بدافع إنقاذ السودان بل بدافع إعادة تشكيله بما يخدم مصالح الآخرين إن السودان اليوم أمام سؤال مصيري هل يمكن أن تستقيم دولة فيها جيشان ولكل جيش حكومة خاصة به الجواب على الأرجح لا فما لم يستعد الاحتكار الشرعي للسلاح وما لم تبن مؤسسات الدولة على أساس وطني جامع سيظل السودان مهددا بالانقسام والتآكل من الداخل وستظل دارفور عنوانا لصراع لا ينتهي nbsp nbsp

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم