بورتسودان مشهد ثقافي ولد من ركام الحرب

٥٥ مشاهدة
على جزيرة نائية يبحث البطل بين حطام المركب لا ليصلحه بل ليشعل حطبه موقدا ويبحث عن الحب تبدو أحداث مسرحية جزيرة السقنقور للمخرج السوداني محمود طالب التي عرضت في اتحاد الأدباء والفنانين ببورتسودان 700 كلم شمال شرق الخرطوم الخميس الماضي محاولة للهروب من واقع البلاد أو تخيل عوالم بديلة للنجاة العرض الذي قدمته مجموعة الرصيف المسرحية ضمن موسمها الحالي يندرج ضمن أنشطة الاتحاد التي باتت أشبه بورشة مفتوحة تقام فيها الأمسيات الشعرية والمعارض التشكيلية والعروض الموسيقية والمسرحية وتتقاطع فيها الأفكار والرؤى بين أجيال وتجارب متباينة من جميع أنحاء السودان هذا النشاط المكثف لم ينبع فقط من الحاجة إلى التعبير بل من الرغبة في إعادة بناء ما تهدم في البنية التحتية الثقافية وفي ترميم الوعي الجمعي أيضا تقام الفعاليات وسط نقص الكهرباء والوقود والاتصال مع اندلاع الحرب السودانية في 14 إبريل نيسان 2023 تحولت المدينة الساحلية إلى أكثر من مجرد ملاذ آمن فالمجتمع البورتسوداني بطبعه المنفتح والمتعدد استوعب هذه الموجة الجديدة من الإبداع وتفاعل معها وأصبح الجمهور شريكا في العملية الإبداعية يتابع المعارض ويشارك في الندوات ويحتفي بالفن والثقافة بوصفها جزءا أساسيا من حياته اليومية خاصة أن المدينة شكلت نقطة التقاء للثقافات حيث امتزج إرث قبيلة البجا التي تسكن مناطق شرق السودان بالتأثيرات الوافدة عبر البحر الأحمر على مدار قرون مما منحها نسيجا اجتماعيا غني الألوان هذا الموقع الاستراتيجي جعل من بورتسودان مركزا لقطاعات حديثة ومتنوعة من التجارة إلى التعليم والخدمات ما أنتج نخبة متعلمة كانت دائما حريصة على المشاركة في الحياة العامة في إحدى أمسيات الشهر الماضي أنصت الناس إلى صوت العود لأحد العازفين في ساحة مركز بورتيف الثقافي المطل على البحر كما اعتاد المركز خلال الفترة الماضية على تنظيم معارض تشكيلية ومنها معرض آثار متجددة الذي ضم لوحات فنانين محليين ونازحين تعبر عن المدن المهدمة والوجوه المهاجرة من السودان إلى جانب ندوات فكرية حول الحقوق الثقافية والفن في أزمنة الطوارئ وورش حول إدارة الفعاليات وصناعة المحتوى الثقافي في شارع متفرع من وسط المدينة يقع اتحاد الأدباء والفنانين الذي فتح مقره للعروض المسرحية والقراءات الشعرية والورش التدريبية وأطلق مبادرة ليالي الاتحاد لإحياء التواصل الثقافي بين النازحين وسكان المدينة ورغم ضعف التمويل نجح الاتحاد في تنسيق أنشطة متنوعة واستقبال فنانين شبان من مدن الداخل على الطرف الآخر من المدينة تنشط منصة X Zone التي تمثل مختبرا للفنون المعاصرة والموسيقى البديلة أسسته مجموعة من الشباب ليكون مساحة عرض للفنانين الذين فقدوا جمهورهم في الخرطوم تبث المنصة حفلاتها عبر الإنترنت وصارت نقطة التقاء لجيل جديد من الموسيقيين والتشكيليين الذين يوثقون للحرب بلغتهم الخاصة إيقاعات إلكترونية وأعمال رقمية ومشاريع بصرية تعرض على الجدران وفي الشوارع وينشط مركز خلال الثقافي الذي يجمع بين الفنون والمشاريع المجتمعية إذ أقام العديد من المعارض التشكيلية لعدد من الفنانين النازحين أمثال مظفر رمضان والمغيرة عبد الباقي أما مركز SPACE فقد تحول إلى مساحة عمل جماعية للفنانين والباحثين إذ ينظم عروضا سينمائية وورشا حول كتابة السيناريو والإنتاج ويعد اليوم من أبرز المساحات تنظيما في المدينة وسط نقص الكهرباء والوقود والاتصال والعديد من الخدمات الأساسية تقام ورش رسم في باحات المدارس وتتحول المقاهي إلى مسارح صغيرة الفنانون هنا لا ينتظرون نهاية الحرب ليبدأوا إنما يمارسون فعل الحياة وسط ركامها

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم