فتيات السودان طول أمد الحرب يفاقم زواج القاصرات

٦٤ مشاهدة
توقفت آلاف الفتيات في السودان عن الدراسة نتيجة اندلاع الحرب وبمرور الوقت قررت عائلات كثيرة تزويج فتياتها رغم أنهن لم يبلغن السن القانونية للزواج بخاصة لدى العائلات النازحة واللاجئة لم تقتصر تداعيات الحرب في السودان والمستمرة منذ أكثر من ثلاثين شهرا على القتل والتشريد وتخريب البنية التحتية وتعطيل سبل حياة الملايين بل تعدت كل هذه المآسي إلى تدمير مستقبل آلاف الطفلات واللاتي أصبحن ضحايا لظاهرة زواج القاصرات التي تعد إحدى أخطر الجرائم القائمة على النوع ويتفشى زواج القاصرات بصورة لافتة منذ اندلاع الحرب في السودان بالتزامن مع توقف العملية التعليمية وموجات النزوح واللجوء وتدهور الأوضاع المعيشية وانعدام الأمن وكلها أسباب تدفع كثيرا من أولياء الأمور إلى تزويج بناتهم قبل بلوغ السن القانونية مع رواج اعتقاد خاطئ بأن هذا الزواج يمثل حماية للفتيات خاصة في المناطق التي ترزح تحت وطأة الحرب أو في مخيمات النزوح واللجوء ومع تراجع سيطرة الدولة وضعف الرقابة القانونية في مناطق واسعة من البلاد أصبح زواج القاصرات خاضعا لرغبة أولياء الأمور وكذلك للعادات والتقاليد المتوارثة التي تنظر إليه على أنه أفضل الخيارات نزحت الطفلة سميرة عبد الله 16 سنة مع أسرتها من أم درمان إلى إقليم كردفان وزوجت في يونيو حزيران 2024 وتؤكد أن الحرب والزواج حرماها من استكمال تعليمها إذ إن مدرستها أغلقت بعد اندلاع الحرب ثم نزحت أسرتها وكانت تظن أنها ستعود للدراسة فور توقف الحرب لكنها وجدت نفسها مجبرة على الزواج بقرار أسري لم يضع رغبتها في الاعتبار لا يجرم أي من قوانين حماية الأطفال في السودان زواج القاصرات ويخضع زواج القاصرات لرغبة أولياء الأمور والعادات المتوارثة تقول سميرة لـالعربي الجديد في حضور والدتها لو لم تندلع الحرب لواصلت تعليمي فأسرتي لم يسبق أن فكرت في زواجي ولا أظنها كانت ستفكر فيه قبل إنهاء الجامعة كانت أسرتي مصرة على تعليمي وكانت حياتنا مستقرة إذ كان والدي يدير عملا جيدا ساعده في إرسالي مع ثلاثة من أشقائي إلى المدارس لكن الحرب عطلت كل شيء وبعد شهر واحد من اندلاعها اضطررنا إلى النزوح لإقليم كردفان وعلى مدار أكثر من عام كنا ننتظر توقف الحرب للعودة إلى منزلنا لكن الحرب لم تتوقف وأصبح تفكير والدي مطابقا للتفكير السائد في المنطقة الريفية التي نزحنا إليها ما جعله يقبل بزواجي من أحد الأقرباء الزواج قلب حياتي رأسا على عقب إذ كنت متفوقة في دراستي وكانت لدى طموحات ولم يخطر ببالي أن أجبر على الزواج بدورها تزوجت نعمات علي 14 سنة في نوفمبر تشرين الثاني 2024 من رجل أرمل وتقول شقيقتها لـالعربي الجديد كانت تحرز المراتب الأولي في المدرسة وكانت الأسرة مهتمة بتعليمها لكن توقف الدراسة وانتشار ظاهرة زواج عناصر الدعم السريع من الفتيات من دون موافقة أسرهن جعلا فكرة زواجها مقبولة داخل الأسرة بحجة الحفاظ عليها من الانتهاكات التي يتداول الناس أخبار وقوعها في المنطقة سارعت الأسرة بتزويجها خشية مخاوف من طلب أحد عناصر الدعم السريع زواجها وهؤلاء يتزوجون بطريقة أقرب إلى التسلية وتخبر أن المأساة لم تتوقف عند نعمات إذ على خلاف المتوقع تزوجت شقيقتها الأصغر وعمرها لا يتجاوز 12 سنة من رجل لديه زوجة أخرى وتضيف الزيجتان ما كان لهما أن تحدثا لولا اندلاع الحرب إذ أصبح والدي يعمل لساعات طويلة لتوفير القليل من المتطلبات الأساسية للأسرة في المنطقة الريفية التي نعيش فيها في كردفان وإلى جانب معاناة توفير لقمة العيش تسيطر عليه دائما المخاوف علينا الكثير من العوامل والظروف أدت إلى هذا الزواج من بينها الظروف المعيشية التي حالت دون مغادرتنا المنطقة الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع وتوقف العملية التعلمية وطول أمد الحرب والأوضاع الأمنية المضطربة وحدوث انتهاكات ضد النساء في ولاية سنار التي خضعت لسيطرة قوات الدعم السريع خلال عام 2024 ثمة كثير من حالات زواج القاصرات وتقول سامية 16 سنة التي طلبت عدم ذكر اسمها كاملا لـالعربي الجديد كنت في الصف الأول الثانوي عندما اندلعت الحرب وقد نزحنا إلى ولاية كسلا شرق وعشنا في مخيم للنازحين وهناك قررت أسرتي زواجي من أحد سكان المنطقة رغم أن فارق العمر بيننا يتجاوز ثلاثة وعشرين عاما تستطرد سامية لم أفكر يوما في الزواج بهذه الطريقة إذ كنت منكبة على دراستي وكنت متفوقة وكان حلمي الالتحاق بالجامعة التي كان يفصلني عنها عامان فقط لكن بسبب الحرب والنزوح وتوقف التعليم ضحت أسرتي بمستقبلي وزوجتني من رجل عمره 39 سنة ثمان من زميلاتي في المدرسة تزوجن أيضا وجميعهن أعمارهن أقل من 17 سنة يعتقد أولياء الأمور أنه في ظل الحرب التي لا يلوح في الأفق أمل بنهايتها وتوقف التعليم وحالة النزوح واللجوء فإن زواج الفتيات أفضل من الاحتفاظ بهن في المنازل أو خيام النزوح في السياق ذاته تقول الباحثة الاجتماعية فاطمة محمد عبد الله لـالعربي الجديد الظروف التي يمر بها المجتمع السوداني منذ اندلاع الحرب ضيقت عليه الخيارات العقلانية ودفعت كثيرين إلى قرارات غير منطقية وزواج القاصرات أحد القرارات غير المنطقية التي أصبح أولياء الأمور يلجأون إليها خشية وقوع اعتداء على بناتهم وإلحاق الوصمة بهم وينظر إلى الزواج كحماية للفتيات بينما هو في الحقيقة تدمير لمستقبلهن تضيف عبد الله من المتوقع أن تزيد حالات زواج القاصرات كلما طال أمد الحرب والتي أدت إلى توقف العملية التعليمية في معظم الأقاليم لأكثر من عامين وفي الظروف الراهنة يمكن أن تنتج عن ذلك انتهاكات متعددة بحق النساء والفتيات فمن بين مخاطر تفشي زواج القاصرات كونه ارتدادا خطيرا عن الخطوات الملموسة التي وصل إليها تعليم الفتيات في السودان وجهود مكافحة الزواج المبكر الممتدة لسنوات ولا يستبعد أن تستمر هذه الظاهرة لفترة طويلة قادمة إذا لم تبذل جهود رسمية وشعبية لوضع نهاية لها ورغم تعدد القوانين الخاصة بحماية الأطفال والنساء في السودان لكن أيا منها لم يشر صراحة إلى تجريم زواج القاصرات وتقول المحامية علوية عبد العاطي لـالعربي الجديد لا يوجد قانون سوداني يجرم زواج القاصر والقوانين القائمة تضع شروطا للزواج لكنها تترك سلطة تقديرية للقاضي الذي ينظر في قضايا زواج القاصرات إذ يحق له تزويج الطفلة إذا رأى أنها مناسبة للزواج وتستطرد عبد العاطي هناك ثلاثة قوانين يفترض أنها تحكم زواج القاصرات وهي قانون الطفل لسنة 2010 والذي لم يمنع زواج القاصرات لا صراحة ولا تلميحا وقانون الأحوال الشخصية لسنة 1991 وفيه المادة 34 التي تنص على عدة شروط لزواج الفتاة البالغة بدون إذن القاضي منها إذا وافق ولي أمرها وكان الزوج كفئا وكان الزواج لمصلحتها ودفع مهر المثل بينما المادة 40 من القانون نفسه تجيز زواج القاصر بشرط موافقة القاضي وأن يكون الزواج لمصلحتها والزوج كفئا بينما لا يضم القانون الجنائي السوداني الصادر في سنة 1991 أي مادة تدين زواج القاصرات صراحة وتتابع المحامية القوانين السودانية في مجملها لا تجرم زواج القاصرات وتعتبره فعلا مرضيا عنه طالما انطبقت عليه الشروط الواردة في قانون الأحوال الشخصية والواقع أن الكثير من الفتيات القاصرات لا يستطعن مقاومة قرار الزواج المبكر والذي يجبرن عليه وهناك تكتم كبير من قبل المجتمع على زواج القاصرات ما يوقع الكثير من الفتيات فيه وانخفض عدد الفتيات في المدارس التي أعيد فتحها في بعض الولايات السودانية بصورة ملحوظة وتؤكد المعلمة بالمرحلة الثانوية في ولاية الخرطوم سلوى إبراهيم لـالعربي الجديد أن بعض المدارس كان عدد التلميذات فيها قبل الحرب أعلى من عدد التلاميذ لكن بعد فتحها مؤخرا يظهر النقص الكبير في أعداد التلميذات فالكثير من الفتيات توقفن عن الذهاب إلى المدارس لأسباب مختلفة من بينها أن الكثيرات منهن زوجتهن عائلاتهن خلال العامين الماضيين

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم