أطفال غزة بعين الأدب

٥٦ مشاهدة
يسأل طفل فلسطيني من غزة في أي صف مدرسي سيكون هو ورفاقه إذا ما انتهت الحرب هذه أبسط وأعمق خلاصة يقدمها طفل لكاتب يفكر عبر نصه المرصود لأدب الطفل تحت الإبادة في الزمن ما الزمن إلا هذا الذي تبدو ساعاته كأنما أطفئت في السابع من أكتوبر هكذا تبلورت رؤية استثنائية في الأيام الدراسية التي عقدتها مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي الفلسطينية وهي الأبرز لجهة إنتاج أدب الطفل الإبداعي السردي خصوصا أو الذي يدور في سياقه الثقافي في مسرح البلد بعمان على مدار يومين اختتمت مساء الاثنين الماضي سلسلة الندوات والورش تحت عنوان أدب الطفل العربي في زمن الإبادة بمشاركة أكثر من أربعين باحثا وكاتبا وميسرا وفنانا ليؤكدوا أن الطفل الفلسطيني ليس مستقبل الجماعة فحسب إنما فاعل ومنتج للمعنى ومشارك في تشكيل سرديتها الكبرى nbsp مقاربات سمع كل هؤلاء الذين قدموا من فلسطين التاريخية والعالم العربي ودول أجنبية سؤالا عبر تطبيق زووم عن أطفال كانوا يكتبون نحن في الصف الرابع صاروا يكتبون نحن كنا في الصف الرابع جميع الطروحات بدت بوضوح لكأنها مقاربات من الكبار في السن سواء الذي يعملون مع الأطفال في غزة أو الذين يدرسون ويحللون ويتأملون من الخارج هذا المعجم الطفولي وهو يتفجر غضبا وكرها بدل أن يتفتح مع شروق شمس عادية وغيابها عاينت ثماني جلسات مواضيع نظرية وميدانية حول الأطفال في سياقات استعمارية والحروب والثورات وتجارب عالمية في أدب الأطفال ضمن سياقات استعمارية وحروب إبادة وثورات ركزت الأيام الدراسية على مفهوم الصدمة والتعافي في أدب الطفل كما بحث ضيوف الأيام الدراسية اللغة البصرية ورسوم الأطفال للتعبير عن الحرب والإبادة ومفهوم الصدمة والتعافي في أدب الأطفال وخصوصيته في سياقات الحرب والهجرة والسرد والفراغ المنظور الشمالي للهجرة في أدب الأطفال والشباب غير ذلك العديد من العناوين التي نوقشت وجاهيا أو عبر الفيديو هي في مجملها فعل كسر للحصار وإصرار على بقاء الثقافة الفلسطينية حية في زمن الخراب كما ذهبت المديرة العامة للمؤسسة رناد القبج في كلمتها الافتتاحية نكتب أكثر قبل الدخول إلى المسرح هناك معرض في البهو لصور شهداء من الذين عملوا أو كتبوا أو عزفوا أو أدوا عروضا مسرحية في غزة كل صورة على كرسيها الفارغ هؤلاء هم يوسف دواس محمد الأخرس بلال عقل روان شبير إيمان وجودي محمد حسونة ميسرة الشيخ علي محمد قريقع ضرغام قريقع محمد الحليمي فاطمة حسونة ومحمد الأخرس الذي ربما كتب نيابة عنهم نحتاج أن نكتب أكثر لكي يقرؤوا موتنا السيرة الذاتية المحاضرة الرئيسية قدمها إسماعيل الناشف الأستاذ المشارك في برنامج علم الاجتماع وعلم الإنسان في معهد الدوحة للدراسات العليا تحت عنوان السيرة الذاتية الفلسطينية في زمن الإبادة فكك فيها مجموعة من المفاهيم المركزية الحدث السؤال اللغة السيرة الأمل في محاولة للإجابة عن سؤال جوهري كيف سيسجل أطفال غزة الذين يعيشون الإبادة اليوم تجاربهم في سيرهم الذاتية المستقبلية رأى الناشف أن ما يجري في غزة ليس حربا عابرة بل نقطة انكسار في التاريخ الفلسطيني حيث تراكمت طبقات من الإبادة المادية والرمزية واعتبر أن الكتابة نفسها باتت فعلا صعبا محملا بالمسؤولية الأخلاقية إذ يواجه الفلسطيني اليوم فراغا لغويا في توصيف ما يحدث وعجزا عالميا عن صياغة معنى ما بعد الإبادة تساءل كيف سجل الفلسطينيون تجاربهم السابقة في النكبة والنكسة وكيف سيسجل أطفال غزة تجاربهم الراهنة ليخلص إلى أن الكتابة الذاتية الفلسطينية تحولت من أرشفة النجاة إلى مساءلة الوجود نفسه وأن كل نص يكتبه طفل اليوم هو وثيقة تأريخية وأدبية معا لغة جديدة وتوقف الناشف عند اللغة بوصفها ميدانا آخر للاحتلال والمقاومة فاللغة الإمبريالية التي يتداولها العالم لتوصيف الفلسطيني تخونه وتشوهه بينما لغة الذات الفلسطينية تتفتت تحت وطأة الصدمة ودعا هنا إلى ابتكار لغة جديدة تخرج من الرماد لغة الطفل الذي يشهد ويكتب دون وسطاء وتتبع الناشف تطور السيرة الفلسطينية منذ النكبة من خليل السكاكيني إلى غسان كنفاني بوصفها أرشيفا للوعي الوطني لكنه رأى أن الإبادة الراهنة تهدد محو اللغة نفسها الأمل اليوم كما قال يكمن في السير الذاتية الموجهة للأطفال الذين عاشوا الإبادة إذ إن تسجيلهم لتجاربهم قد يكون بداية الحياة بعد نهاية العالم في كل جلسات وورشات الأيام الدراسية قناعة كان يبدأ بها المسهمون وينتهون مفادها أن العمل الثقافي مع الأطفال جوهر الفعل التحرري الفلسطيني والعربي وبالتالي ليس نشاطا مكملا أو تجميليا وأن الأدب والفن الموجهين للأطفال وسيلتان للنجاة الجماعية والتعافي تعملان على صوغ الوعي ودرء النسيان وعي الصدمةnbsp ما طرحه الناشف نظريا حول السيرة الذاتية الفلسطينية في زمن الإبادة تجلى عمليا في الجلسة التالية بعنوان فعل جماعي تعلمي لفهم الصدمة التي شارك فيها عبر الاتصال المرئي عدد من العاملات والعاملين مع الأطفال في غزة وهم جيهان أبو لاشين منى الحناوي آلاء كمال الجعبري هناء أسامة أحمد نداء أبو زعنونة محمد العمودي نور معين عبد الجواد حميد وهاني السالمي هؤلاء كتاب وميسرون وعاملون وفنانون جميعهم في غزة وتحدثوا عن التجربة اليومية للعاملين في التعليم المجتمعي داخل غزة حيث لم يعد العمل مع الأطفال فعلا نفسيا أو تربويا فحسب إنما شهادة حية على تحول اللغة والحياة معا تحت الإبادة واحدة من أشد التحولات مباشرة حتى أن الواحد لا ينتبه إليها في ظرف عادي تتحول فيه الأشياء والكائنات ضمن سقف من التغيرات المتوقعة وصولا إلى كوارث الطبيعة أما القاص والروائي هاني السالمي فقدم نفسه بصوت أقرب إلى الخفوت أنا كاتب ونازح وهو التعريف غير المتوقع لكاتب في أي منصة إلا حين يعلن الإنسان عن زمنه الآن لا عن مكانه ولا هويته قضى ساعتين تحت الشمس حتى بلغ المكان الذي تتوافر فيه شاشة لابتوب أو موبايل ليخبرنا نحن لا نعمل مع الأطفال بل نعمل مع أنفسنا ومعهم مشيرا بين تقطعات في الصوت لأسباب تقنية إلى أن العباد هنا كلهم متشابهون دون طبقات سوى طبقة المنكوبين يقول هذا إلى أن يصل إلى النص الذي سيكتبه أحد ما فيرى إلى غزة ويرى كل من فيها أبطال حكايات أي شخص في غزة له حكايته وهو بطلها لا بل يضيف إن من باب السخرية أن الموسيقى التصويرية المميزة في العالم لا تجدها سوى هناك وبات الغزيون خبراء في تمييز موسيقى القصف يعرفونها في الصباح وفي الليل والنغم الدائم للزنانة كلها موسيقى لا نعتذر منها بل نعرفها بذاتها إنها موسيقى تعزف بشكل منتظم بشع جسدت الجلسة بأكملها تجربة التعليم بوصفها تعافيا جماعيا من الصدمة حيث تتحول الكلمة والرسمة إلى وسيلة تنفس ومقاومة في آن معا وتصبح الحكاية نفسها ممارسة بقاء من التوثيق إلى التأليف أثارت ورقة الباحثة والقيمة ناديا شفيق سياسات تنسيق شهادات الأطفال من غزة الشكل الأدبي الفاعلية والأطر ما بعد الاستعمارية اهتماما واسعا بين المشاركين ووفق ما جادلت به شفيق فإن شهادات الأطفال الفلسطينيين يجب أن تقدم بوصفها تدخلات مؤلفة لا أدلة جمالية ضمن نظام فني يستثمر الصراع بوصفه محتوى واستعادت مثالا على ذلك عمل المصور الفنان الإسباني سانتياغو سييرا أسماء الذين قتلوا في الصراع السوري لتبين كيف يفرغ الفعل الفني من فاعليته حين يتحول إلى فرجة مهيبة تعيد إنتاج العنف تشير هنا ورقة الباحثة إلى مشروع نفذه سييرا في أحد المعارض حيث عرض أسماء ضحايا الحرب السورية على الجدران بطريقة بدت في أعين الناقدين قائمة إحصائية تقريبا تسلع الألم وتحول المأساة إلى مشهد فني فرجوي بدل أن يكون فعل مقاومة وفي المقابل قرأت إنتاجات مؤسسات فلسطينية ومنها تامر بوصفها أشكالا أدبية وبصرية تقدم تحليلا واعيا وموقفا أخلاقيا من حيث إن الأرشفة نفسها يمكن أن تكون ممارسة تحررية ضد المحو خلصت الأيام الدراسية إلى رؤية شاملة تعيد التفكير في موقع أدب الطفل ضمن الثقافة العربية من خلال إعادة تعريف الطفل الفلسطيني والعربي فاعلا ثقافيا لا موضوع رعاية واعتبار الأدب والفن وسيلتين للتعافي والمقاومة الثقافية والدعوة إلى شبكة بحثية عربية عالمية لتوثيق الأدب المنتج في مناطق النزاع ودعم منهجيات تعليمية حساسة للصدمة تجمع بين التربية والإبداع وحماية الذاكرة الجماعية عبر السرديات التي يكتبها الأطفال أنفسهم

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم