سلم المغني فضل شاكر نفسه إلى الجيش اللبناني أول من أمس السبت تمهيدا لإقفال ملفه بحسب ما أفاد مصدر قضائي بعدما أمضى أكثر من عقد متواريا داخل مخيم للاجئين الفلسطينيين صدرت خلاله أحكام بالسجن على خلفية قضايا مرتبطة بالإرهاب وقال المصدر لوكالة فرانس برس إن الفنان فضل شاكر سلم نفسه للجيش اللبناني عند مدخل مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا في جنوب لبنان ليكون ذلك مقدمة لإنهاء ملفه القضائي بينما أعلن الجيش اللبناني في بيان صباح الأحد أن المطلوب فضل عبد الرحمن شمندر المعروف بـ شاكر سلم نفسه إلى دورية من مديرية المخابرات عند مدخل مخيم عين الحلوة صيدا وذلك على خلفية أحداث عبرا في العام 2013 وأشار إلى أن التحقيق بوشر معه بإشراف القضاء المختص وشاكر المولود في صيدا عام 1969 لوالد لبناني وأم فلسطينية هو من أبرز المطربين في العالم العربي عرف بأعماله الرومانسية ودفء صوته قبل أن يعتزل الغناء عام 2012 بعد تقربه من الشيخ المتشدد أحمد الأسير في يونيو حزيران 2013 اندلعت اشتباكات بين أنصار الأسير والجيش اللبناني في بلدة عبرا قرب صيدا إثر هجوم على حاجز عسكري أدت المعارك إلى مقتل 18 عسكريا و11 مسلحا وانتهت بسيطرة الجيش على مجمع كان يتخذه الأسير ومناصروه ومنهم شاكر مقرا لهم وتوارى شاكر واسمه الحقيقي فضل شمندر في مخيم عين الحلوة الأكبر للاجئين الفلسطينيين في لبنان وتتولى الفصائل الفلسطينية أمن المخيمات التي لا تدخلها القوات المسلحة اللبنانية وأصدر القضاء العسكري حكما غيابيا بحقه عام 2020 قضى بسجنه 15 عاما مع الأشغال الشاقة وتجريده من حقوقه المدنية بعد إدانته بجرم التدخل في أعمال الإرهاب الجنائية التي اقترفها إرهابيون مع علمه بالأمر عن طريق تقديم خدمات لوجستية لهم كما صدر حكم آخر بالسجن سبع سنوات وغرامة مالية بتهمة تمويل جماعة الأسير وتأمين أسلحة وذخائر أما الأسير الذي أوقف عام 2015 أثناء محاولته الفرار عبر مطار بيروت فصدر حكم بإعدامه في 2017 وسبق لشاكر أن دفع عبر موكليه ببراءته مؤكدا عدم مشاركته في إطلاق النار على الجيش خلال المعارك التي عرفت حينها بـأحداث عبرا وقال مصدر مقرب منه لـفرانس برس إنه مؤمن ببراءته ويثق باستقلالية القضاء اللبناني الذي سينصفه هذه المرة وخلال الأعوام الأخيرة اقتصر ظهوره على أعمال قليلة أبرزها أغنية كيفك ع فراقي التي أطلقها مع نجله محمد وحظيت بـ113 مليون مشاهدة على يوتيوب منذ يوليو تموز الماضي من فضل شاكر النجم إلى المطلوب عقد في الظل شكلت قصة فضل شاكر أحد أكثر التحولات الدرامية في المشهد الفني العربي خلال العقد الماضي فالفنان الذي تغنى بالحب والسلام وأعاد للأغنية اللبنانية الدفء في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية أصبح فجأة رمزا للانقسام الطائفي والسياسي اعتزاله الغناء عام 2012 بعد تقربه من الشيخ أحمد الأسير بدا للوهلة الأولى قرارا روحيا شخصيا لكنه سرعان ما تحول إلى موقف سياسي علني ضد حزب الله والنظام السوري كان شاكر آنذاك يعيش تحولات داخلية عبر عنها علنا حين وصف الغناء بأنه حرام قبل أن يظهر مسلحا في فيديوهات من عبرا مهاجما الحزب وقيادته لكن بعد معركة 2013 تلاشى المشهد الإعلامي لشاكر وتحول الفنان من رمز جماهيري إلى مطلوب فار من العدالة داخل مخيم عين الحلوة عاش في عزلة قسرية بينما ظل صوته حاضرا في ذاكرة الناس بأغنياته القديمة لم يختف شاكر تماما إذ أطل في مقابلات مصورة نادرة نافيا انخراطه في المعارك ومؤكدا أنه لم يحمل السلاح ضد الجيش اللبناني لسنوات بقيت تجربة شاكر الفنية أقرب إلى بقايا تحول سياسي واجتماعي عبر عن العلاقة المضطربة بين الداخل اللبناني والداخل السوري وانعكاس هذا على ذاك والعكس ولعل صورة فضل شاكر حاملا السلاح ثم اختفاؤه داخل عين الحلوة كانت الصورة الأكثر وضوحا لخسارة لبنان التوازنات التي حكمته في الأعوام التي تلت الحرب الأهلية واتفاق الطائف خطوة قانونية أم تسوية تسليم شاكر نفسه وفق المصادر جرى بتنسيق مسبق مع الأجهزة الأمنية وبعلم محاميه وتحدثت تقارير إعلامية عن تفاهم ضمني يضمن إعادة النظر في الأحكام الغيابية الصادرة بحقه في مقابل مثوله طوعا أمام القضاء العسكري الخطوة وإن بدت قانونية تحمل أبعادا تتجاوز الشخصي إلى السياسي فالمخيم الذي احتمى به شاكر لعقد من الزمن لم يكن مساحة للاختباء فحسب بل منطقة رمزية خرجت فيها الدولة اللبنانية من المشهد لتتولى الفصائل الفلسطينية إدارة أمنها وعودة شاكر إلى سلطة الدولة قد تكون مؤشرا على مرحلة جديدة من إعادة بسط السيطرة ومحاولة لطي ملفات كانت تعتبر من المحرمات الأمنية في وقت تمضي فيه الحكومة اللبنانية في خطة تسلم السلاح الفلسطيني لكن الأكيد أنه لا يمكن فصل عودة فضل شاكر إلى الواجهة عن التحولات التي يشهدها لبنان والمنطقة فالمناخ السياسي الحالي يختلف جذريا عما كان عليه حين اختفى شاكر عام 2013 اليوم يتراجع نفوذ حزب الله داخليا أقله ظاهريا فيما تعود الدولة ولو جزئيا إلى محاولة ترميم حضورها الأمني والقضائي في المقابل تشهد سورية بدورها تغيرا في موقعها الإقليمي مع انفتاح عربي حذر على دمشق ومحادثات أمنية متجددة بين السلطة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع والسلطات اللبنانية تهدف إلى إقفال ملفات عالقة منذ بدء الثورة السورية وحتى ما قبلها منها قضايا المقاتلين اللبنانيين الذين لجأوا أو قاتلوا عبر الحدود nbsp