سباق خليجي على المعادن الحرجة تقوده السعودية

٥٣ مشاهدة
تقود السعودية سباقا خليجيا نحو الاستثمار في المعادن الحرجة Critical Minerals عبر سلسلة من الزيارات التي قام بها وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف وآخرها إلى الصين في الفترة من 22 إلى 26 سبتمبر أيلول المنصرم والتي استهدفت توسيع الشراكات لنقل أحدث التقنيات في القطاع ما سلط الضوء على دوافع هذا الاهتمام الاستثنائي وانعكاساته الاقتصادية المتوقعة ويعرف الجهاز الجيولوجي الأميركي USGS المعادن الحرجة بأنها تلك المواد الخام الأساسية التي تشكل الأسس الأساسية للاقتصادات الحديثة والتي تواجه خطر انقطاع سلاسل التوريد الخاصة بها وتمثل العناصر الأساسية للتقنيات عبر قطاعات الطاقة والدفاع والتصنيع وتنبع أهميتها الاستراتيجية من قيمتها الاقتصادية والمخاطر الكبيرة التي تواجهها سلاسل التوريد نتيجة التوترات الجيوسياسية أو تركز الإنتاج في مناطق محددة أو القيود في المعالجة حسبما أورد تقرير نشرته منصة ديسكفوري أليرت discovery alert وفي هذا الإطار يشير الخبير الاقتصادي علي سعيد العامري في حديث لـالعربي الجديد إلى أن التعدين أصبح اليوم محورا رئيسيا في الخطط الوطنية ولذا أعلنت السعودية عن استثمارات ضخمة في استكشاف وتطوير هذه الموارد بهدف تحقيق إيرادات تصل إلى 64 مليار دولار بحلول عام 2030 وبحسب الجهاز الأميركي فإن المعادن الحرجة تشمل الليثيوم والكوبال والنيكل والمنغنيز والغرافيت الطبيعي والعناصر الأرضية النادرة مثل الديسبروسيوم والنيوديميوم بالإضافة إلى النحاس والغاليوم ولا تتعلق أهميتها فقط بدورها المحوري في الصناعات التكنولوجية والطاقة النظيفة بل بكون سلاسل توريدها عرضة للاضطرابات الجيوسياسية أو الاحتكار وأي نقص فيها قد يؤدي إلى تعطيل الإنتاج العالمي وهذه المعادن ليست نادرة من حيث الوجود الجيولوجي لكن استخراجها وتنقيتها يتطلب تقنيات متقدمة وغالبا ما تتركز مصادرها في مناطق محددة مثل أستراليا جمهورية الكونغو الديمقراطية أو الصين وتصل قيمتها إلى أكثر من أربعة تريليونات دولار في الولايات المتحدة وحدها بحسب تقرير نشرته منصة Carbon Credits المتخصصة في الطاقة النظيفة والاستدامة وتضم المملكة العربية السعودية احتياطيات معدنية هائلة تقدر بحوالي 2 5 تريليون دولار يتركز نصفها في منطقة الحدود الشمالية بحسب تقرير نشره موقع منتدى الخليج الدولي Gulf International Forum مشيرا إلى أن منطقة الدرع العربي الغربية تحتوي على احتياطيات كبيرة من النحاس حيث كشفت الحملة الاستكشافية عن رواسب لم يتم استغلالها سابقا في وادي الجو على الساحل الشرقي للبحر الأحمر كما كشفت شركة أرامكو السعودية تراكيز واعدة من الليثيوم في المنطقة بحسب تقرير نشره موقع CNBC المتخصص في الأسواق المالية والأعمال فيما أورد تقرير منصة WAM Saudi المتخصصة في التصنيع المتقدم واللوجستيات أن السعودية تدرك في الوقت ذاته التحديات البيئية المرتبطة بممارسات التعدين في المنطقة والتي تشمل شح المياه وتدهور الأراضي وتوليد النفايات وهذه تحديات ملحة يجب معالجتها لضمان الاستدامة طويلة المدى لصناعة التعدين والحفاظ على الموارد الطبيعية الثمينة للبلاد كما تواجه عمليات التعدين في المناطق القاحلة بالمملكة تحدي شح المياه حيث تتبنى الشركات أنظمة متقدمة لإعادة تدوير المياه وتقنيات تحلية المياه لتقليل استخدام المياه العذبة وتشمل هذه الممارسات الاستفادة من الاستخدام الفعال للمياه مع تقليل التأثير البيئي لأنشطة التعدين بحسب تقرير نشرته منصة Saudi Mining Consulting المتخصصة في استشارات التعدين المستدام والسعودية بحسب العامري تسعى إلى تأمين سلاسل توريد آمنة من خلال شراكات دولية مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتطبيق إصلاحات قانونية لتحسين الشفافية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية لافتا إلى أن المملكة ومعها دولة الإمارات تعملان على بناء مراكز متخصصة للمعالجة والتحويل المحلي ما يضيف قيمة صناعية ويعزز مكانتهما الجيوسياسية في سوق عالمية تشهد تنافسا حادا بين القوى الكبرى خاصة في ظل هيمنة الصين على معالجة هذه المعادن ويشير العامري إلى أن المعادن الحرجة تلعب دورا لا غنى عنه في صناعات المستقبل حيث تشكل المكونات الأساسية للطاقة النظيفة والتقنيات الرقمية ففي السيارات الكهربائية تعتمد بطاريات الليثيوم أيون على الليثيوم والكوبالت والنيكل والمنغنيز والغرافيت لضمان كفاءة التخزين والشحن ما يجعلها حجر الزاوية في التحول نحو التنقل المستدام كما تدخل العناصر الأرضية النادرة مثل النيوديميوم في تصنيع المغناطيسات القوية المستخدمة في المحركات الكهربائية بينما يستخدم الغاليوم والإنديوم في الرقائق الإلكترونية والشاشات الذكية وبدون هذه المعادن يتوقف الإنتاج بحسب العامري الذي يلفت إلى توقعات بأن يرتفع الطلب على المعادن الحرجة بنسبة 500 بحلول عام 2050 بسبب التوسع الواسع في الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وهنا يلفت العامري إلى أن استخراج المعادن الحرجة في السعودية يمكن أن يكون ذا تأثيرات مزدوجة على البيئة والمجتمعات المحلية حسب طريقة إدارته فقد يؤدي التعدين بيئيا إلى تآكل التربة وتلوث المياه الجوفية وزيادة الانبعاثات خاصة في المناطق الصحراوية الشمالية الغربية التي تتركز فيها الاحتياطيات ما يزيد الضغط على الموارد المائية المحدودة ويهدد التنوع البيولوجي كالوجود النادر للحيوانات الصحراوية مثل الجرذ الرملي لكن التزامات المملكة بالاستدامة كما وردت في رؤية 2030 تفتح الباب لتطبيق تقنيات التعدين الأخضر وإعادة تدوير المعادن واستخدام الطاقة النظيفة في العمليات وهو ما يراه العامري عاملا في تقليل الأثر البيئي ودعم الحفاظ على التراث الطبيعي على المدى الطويل وعلى المستوى الاقتصادي يلفت العامري إلى توقعات بأن يخلق قطاع التعدين مئات الآلاف من فرص العمل بحلول عام 2030 وأن يشجع تطوير البنية التحتية في المناطق النائية ما يعزز التنمية المحلية والاندماج الاجتماعي لكنه يشير في الوقت ذاته إلى مخاطر تتعلق بتهميش المواطنين في دول الخليج إذا لم يتم إدماجهم في شراكات حقيقية من شأنها أن توزع عوائد الاستثمارات بشكل عادل ولذا يؤكد العامري على أن النجاح يعتمد على الشفافية والمشاركة المجتمعية وتطبيق المعايير الدولية مثل تلك المنصوص عليها في اتفاقيات الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية ما يجعل التأثير الإيجابي لتصاعد الاهتمام بنشاط التعدين هو الأرجح إذا تم التخطيط له بحكمة ويخلص العامري إلى أن الاستثمار في المعادن الحرجة ليس مجرد مشروع تعديني بل يمثل تحولا اقتصاديا استراتيجيا يربط بين الأمن القومي والتنمية المستدامة والتحول التكنولوجي مؤكدا أن السعودية إذا حافظت على التوازن بين النمو والبيئة والعدالة الاجتماعية ستحول مواردها الجيولوجية من مجرد احتياطيات تحت الأرض إلى رافعة لاقتصاد مرن ومستقل وقادر على المنافسة عالميا المعادن والسيليكون ومزيج الطاقة وفي السياق يشير الخبير الاقتصادي محمد الناير في حديث لـالعربي الجديد إلى أن المعادن الحرجة تشهد طلبا عالميا متزايدا ويدور حولها سباق دولي محموم نظرا لأهميتها البالغة في الصناعات المستقبلية لافتا إلى أن معدن السيليكون المستخلص من الرمال البيضاء بات عنصرا جوهريا في صناعة الخلايا الشمسية التي باتت ركيزة أساسية في مزيج الطاقة العالمي ومع تراجع الاعتماد التدريجي على الوقود الأحفوري عاما بعد عام واحتمال انخفاضه بشكل كبير خلال العقدين المقبلين يزداد الدور الاستراتيجي للمعادن الحرجة في تشكيل مستقبل الاقتصادات والصناعات النظيفة كما يوضح الناير لافتا إلى أن دول الخليج تدرك أن امتلاك مصادر مستقرة ومنتظمة من المعادن الحرجة بات ضرورة وطنية خاصة أنها لا تمتلك احتياطيات داخلية منها وتتواكب مساعي دول الخليج مع توجه القوى الاقتصادية الكبرى لتأمين سلاسل إمداد موثوقة لضمان استمرارية صناعاتها المتطورة وعدم تعرضها لاختناقات قد تهدد أمنها التكنولوجي والصناعي بحسب الناير مشيرا إلى أن من يتملك المعادن الحرجة اليوم يمتلك نفوذا اقتصاديا واستراتيجيا متزايدا في المستقبل خاصة في أسواق الصناعات الدقيقة والإلكترونية ومن هذا المنطلق يقرأ الناير الاهتمام السعودي الكبير بالمعادن الحرجة وإدراج المملكة لها ضمن ركائز رؤية 2030 باعتبارها أحد المحركات الأساسية لتنويع الاقتصاد وتعزيز مصادر الدخل غير النفطية لافتا إلى أن المملكة تملك إمكانات واعدة في إنتاج هذه المعادن شأنها في ذلك شأن دول أخرى مثل السودان التي تعد من الدول الواعدة في هذا المجال ويخلص الناير إلى أن تصاعد الطلب العالمي يدفع باتجاه زيادة الوعي بأهمية المعادن الحرجة ودمجها في سلاسل القيمة العالمية ما يمنح الدول الغنية بها موقعا محوريا في المشهد الاقتصادي والصناعي القادم

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم