تتحرك عشرات الحافلات الصغيرة على طرق دمشق وريفها لنقل الطلاب إلى مدارسهم لكن ما كان روتينا يوميا أصبح عبئا ماليا كبيرا على الأهالي في ظل ارتفاع غير مسبوق لأجور النقل المدرسي إذ تراوح التكلفة بين 3 و5 ملايين ليرة سورية سنويا أي ما يعادل حوالي 263 إلى 439 دولارا وهو ما يوازي أو يتجاوز في بعض الحالات القسط السنوي للمدرسة نفسها وهكذا بات دفع أجور النقل يشغل الأسر تماما كما الأقساط المدرسية في إحدى ضواحي ريف دمشق اتفق على دفع 250 ألف ليرة شهريا لكل طالب أي ما يزيد عن 4 ملايين ليرة سنويا نحو 351 دولارا وفي بعض المدارس الخاصة داخل العاصمة ارتفعت أجور النقل من مليوني ليرة للفصل الدراسي إلى 3 ملايين مبررة ذلك بارتفاع أسعار الوقود وشرائه من السوق السوداء إضافة إلى تكاليف صيانة السيارات وتأمين السائقين تفاوت بين المدارس الحكومية والخاصة تختلف أجور النقل بشكل واضح بين المدارس الحكومية والخاصة حيث تميل الأخيرة إلى فرض أسعار أعلى ففي بعض مدارس دمشق الخاصة تصل أجرة النقل إلى 3 ملايين ليرة سورية سنويا حوالي 263 دولارا لكل طالب بينما تراوح في المدارس الحكومية بين 1 5 و2 مليون ليرة 130 175 دولارا بحسب المسافة والخدمات nbsp ويرى خبراء أن هذه الفروق تعود إلى قدرة المدارس الخاصة على تحميل الأسر أعباء إضافية فضلا عن أن الحافلات الخاصة غالبا ما تقدم خدمات أكثر راحة وأمانا في حين تعتمد المدارس الحكومية على وسائل أقل تجهيزا لكن الضغط المالي يظل كبيرا على جميع الأسر خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع أسعار الوقود المستمر بدورها تقول شادن الصالح والدة أحد طلاب الصف الثالث لـالعربي الجديد لم أعد أستطيع تغطية القسط المدرسي وأجرة النقل معا الأمر أصبح يضغط علينا كثيرا ويضيف المهندس غياث الموسى والد طالب في المرحلة الإعدادية أجرة النقل أصبحت توازي القسط المدرسي نفسه وكل شهر أصبحنا نحسب كل ليرة أحيانا نضطر إلى تأخير دفع فواتير أخرى أو تقليص المصاريف اليومية من أجل تغطية النقل وهذا ضغط كبير علينا نحن الأهالي وجهة نظر السائقين سائقو الحافلات من جهتهم يؤكدون أن ارتفاع أسعار الوقود جعل من الصعب الاستمرار في التعرفة القديمة يقول منذر القصير سائق في ضواحي دمشق لـالعربي الجديد قبل عام كنا نقبض حوالي مليونين سنويا لكل طالب أما الآن فالمسافة نفسها تكلف أكثر من 3 ملايين بسبب ارتفاع سعر البنزين والطلب يزداد من الأهالي الذين يريدون النقل الآمن لأطفالهم يشير خبراء اقتصاديون إلى أن ارتفاع أجور النقل مرتبط مباشرة بأسعار الوقود المتقلبة إضافة إلى التضخم العام وتراجع قيمة الليرة السورية وفي محاولة للتخفيف تحاول بعض المدارس تنظيم النقل بشكل جماعي أو تقديم دعم جزئي إلا أن هذه الحلول لا تغطي جميع الطلاب ما يترك الأسر أمام خيارات صعبة ويزيد من القلق الاجتماعي ويرى مراقبون أن استمرار هذه الارتفاعات قد يرفع معدلات التسرب المدرسي خصوصا في المناطق الفقيرة ليضيف بعدا اجتماعيا جديدا إلى تداعيات الأزمة الاقتصادية في سورية كما يفتح الجدل حول أجور النقل النقاش بشأن دور الدولة في تنظيم هذه الخدمة سواء عبر وضع سقف للأسعار أو تقديم دعم مباشر للنقل المدرسي خاصة في ظل تقلب أسعار الوقود من جانبه يقول الخبير الاقتصادي nbsp محمد الخير لـالعربي الجديد الدولة في حاجة إلى تدخل عاجل لتخفيف الضغط على الأسر سواء من خلال دعم النقل أو إيجاد آلية رسمية لتنظيم أجور الحافلات المدرسية ارتفاع الأسعار بهذه الطريقة سيستمر ما لم يتم وضع سقف رسمي للأجور أو توفير دعم مباشر للمدارس أو شركات النقل خصوصا في ظل ندرة المازوت والبنزين في السوق المحلية ويضيف المسألة ليست مالية فقط بل لها انعكاسات اجتماعية وتعليمية واضحة إذ قد يؤدي استمرار ارتفاع تكاليف النقل إلى زيادة التسرب المدرسي ويضع الأسر أمام معادلة صعبة بين دفع الرسوم المدرسية أو تغطية تكاليف النقل لذلك أي خطة تنظيمية يجب أن تشمل دراسة دقيقة للتكاليف الفعلية وتوفير دعم حكومي جزئي وربما تشجيع النقل الجماعي لتقليل الأعباء غياب تنظيم رسمي في سورية في سورية لا تخضع أجور نقل الطلاب عادة لهيكل رسمي صارم ففي المدارس الخاصة تقع المسؤولية على إدارة المدرسة التي تحدد التعرفة بناء على تكلفة الوقود والصيانة وأجور السائقين وعدد الطلاب من دون وجود سقف رسمي أما في المدارس الحكومية فغالبا ما تعتمد مديريات التربية على تنظيم جزئي مع بعض التوجيهات أو التسهيلات لكن التعرفة النهائية غالبا ما تتفق عليها بين الأهالي والسائقين مباشرة ويؤكد خبراء أن تدخل وزارة التربية أو السلطات المحلية غالبا ما يكون في شكل دعم جزئي أو توصيات وليس فرض أسعار ملزمة ما يترك مساحة واسعة للمدارس الخاصة لتحديد الأسعار وفق تقديراتها الذاتية تظل أزمة ارتفاع أجور النقل أحد أبرز الأمثلة على الأثر المباشر للأزمة الاقتصادية على التعليم في سورية إذ تتحمل الأسر عبئا مضاعفا بين الرسوم المدرسية وأجور النقل وسط غياب حلول تنظيمية واضحة حتى الآن