خروج جماعات من الجيل Z في المغرب إلى الشارع مطالبة بتحسين الخدمات الصحية والتعليمية أظهر أن كل شيء يحدث لسبب فالمطالبة بتعليم أفضل كشفت نوعا آخر من سوء التعلم وهو الأسوأ تعانيه السلطة التي لا تتعلم من أخطائها وتكرر الفعل القاتل نفسه وهو القمع وأن أسوأ أنواع المرض هو ضعف النظر لدى المسؤولين الذي جعلهم يرون الأمور على غير حقيقتها وماذا يفعل سائق سيئ النظر بالركاب بذلك أخضع الجيل اليانع القبضة الأمنية التي صارت تتحكم في الحريات والحقوق في المغرب منذ سنوات في أول امتحان حقيقي فبعد أن ذهبت القبضة بعيدا في محاصرة الناشطين والمدونين خلت الشوارع من أسباب الاستفزاز الأمني ولأن المطارق ترى كل شيء في صورة مسامير وفت لعادتها في الإسراع إلى دق كل ما يتحرك رغم أن الاستفزاز كان خفيفا في شكل عدد من الشباب المتحمس لكن ما حدث كان عاديا في نتيجته المنطقية فالعنف لا ينفع لحل مشكلة حتى لو كان الناس مسامير ورغم أن موجة الاحتجاج كانت مختلفة لا تختلف قوانين الشارع وقمع الاحتجاجات لعب بالنار لأنك لا تعرف أي عفريت تستفز وحتى لو عاد الشباب المحتج خائفا إلى بيته فهناك من ليس لديه ما يخاف عليه وكان ينتظر فرصة مثل هذه وما لم تتعلمه القبضة الأمنية أن الأجيال الجديدة تتعلم وتلتقط ولو من بعيد ولذا كان من الطبيعي في عصر التواصل أن يلتقط شاب من أقصى الأرض سلوكا رآه في الطرف الآخر من الكرة الأرضية ولم يكن بالإمكان توقع المنطقة التي تنتقل إليها عدواه لمنعها وقد يناسب هذا السلوك البيئة الجديدة التي انتقل إليها أكثر وستمتصه كالإسفنجة ويصبح جزءا منها وليس على البيئة الصحية سوى التفاعل معه بحسب قدرتها أما البيئة الملوثة فهي ستدخل في صراع ضار معه أشعل الجيلZ فتيل الاحتجاج على الفساد في أقصى الأرض ومن دون ترتيب جغرافي أو تاريخي وصلت الكرة إلى المغرب قافزة عن عشرات البلدان فبعض الأحداث الكبرى في التاريخ لم تحتج كثير تخطيط بل كانت تداعيات ناتجة من تداعيات غيرها وحدث أن اجتمعت العوامل المؤدية إليه صعوبة تعلم السلطة وتعثرها في قراءة الأحداث أديا إلى عكس ما أرادته فأول ما لفت الانتباه إلى احتجاجات الشباب المغربي على قلة المشاركين فيها هي الاعتقالات التي حاصرت فيها الشرطة الشابات والشبان ودست بهم بلا تفرقة في عربات الشرطة في مشاهد لم يعتد عليها المغاربة من قبل فلم يسبق أن استعملت السلطة القوة لتفريق المتظاهرين بهذا الشكل منذ عقود ربما لم يكن الشباب ليخرج لولا تفاعله مع أحداث نيبال أو لم تحدث المصادفة مع احتجاجات محلية على ضعف خدمات الصحة ولعل في الأمر أمورا صغيرة ولعل شبابا دخل نقاشا لا يظن الآخرون حولهم أن جيلهم يخوضونه وهكذا تم الاتفاق لكن هذا ليس الأكثر أهمية في الحركة أي السبب والمحرك فهي أمور للباحثين يحللونها لاحقا وللمخبرين لقطع جذور الحراكات المقبلة أما التفاعل الحالي معها فيعني شيئا آخر في قياس السبب والنتيجة لم يحدث أي تأثير في ما يتعلق بما يطالب به وربما لن يحدث بحكم سياسة الأطرش التي تتخذها الحكومة لكن منافع كثيرة حدثت للصحة العامة وأولها إسقاط الخوف الشباب الذي دعا إلى إسقاط الفساد أسقط الخوف ولعل الفساد سيبقى لكن سقوط الخوف أول مرحلة في مكافحته لأنه حارس قوي له أول ما أظهرته الاعتقالات أمام الكاميرا أن تهديد الشباب بالقبض عليه وبدسه في سيارات الشرطة التي كانت تخيف الأجيال السابقة وترعبهم بما ورثوه من صور ذهنية مخيفة عنها لم يهزهم هؤلاء شباب لم يقبض عليه الأمن في وقت متأخر في مكان ناء ولم يرو لهم الآباء قصصا مخيفة عن سنوات الرصاص ومعظمهم لم يخرق القانون بشكل فادح يدفعهم إلى الخوف شباب بعين طازجة أظهروا أن الأجيال تتعلم التأقلم ولها مرونة كبيرة في ذلك على عكس السلطة