كثرة المحللين السياسيين تفتح الباب على مصراعيه لازدهار نظريات المؤامرة وتفتح شهية المحللين على منافسة بعضهم البعض في السيناريوهات المحتملة للمستقبل ولقد لفت نظري في هذا الإطار ما قام به الزعماء العرب من اتخاذ قرارات مفاجئة ومنها على سبيل المثال لا الحصر زيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الأردن والتي تأجلت إلى ما بعد القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة عاصمة دولة قطر وبحضور أعداد تكاد تكون قياسية من زعماء الدول السبع وخمسين الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي ومن ناحية أخرى قام وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بزيارة مهمة إلى الجمهورية التركية التقى خلالها الرئيس رجب طيب أردوغان ووقع الطرفان اتفاقيات استثمارية وتجارية وكذلك لا ننسى توقيع اتفاقية الدفاع والأمن المشترك بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية وفي أثناء ذلك سافر ولي العهد الأردني الأمير حسين بن عبد الله إلى واشنطن ليلتقي المسؤولين الأميركان وأعضاء الكونغرس وبعض رجال الأعمال أما زيارة والده إلى نيويورك فقد أتت مباشرة بعد عودة الشيخ تميم إلى الدوحة وسوف يسخر العاهل الأردني عبد الله الثاني بن الحسين جهوده لدعم إيقاف الحرب على غزة والضفة ولبنان وسورية واليمن والعراق وليشجع الدول الأوروبية على الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 ورأينا مصر تبذل جهودا لكي تحافظ على الهدوء والأمن والأمان على حدودها خاصة في جنوب قطاع غزة وفي ليبيا والسودان ولذلك يعتقد البعض أن الاهتمام المصري سيكون له أولوية متابعة الأحداث في الدول المجاورة هذا خارجيا أما داخليا فمصر تسعى لجذب الاستثمار في قطاعات مهمة مثل السياحة والخدمات الأساسية النقل والشحن والموانئ وتسعى لتحقيق المزيد من التقدم في الزراعة والصناعة وتتوقع كثير من مراكز التحليل الاقتصادي أن تشهد مصر طفرة اقتصادية مركزة على زيادة الانتاج والتصدير أكثر من تركيزها على الحماية الاجتماعية ولكن رغم كل هذا التوجه المصري تشكو حكومة إسرائيل المتطرفة إلى الأميركان أن مصر لم تعد ملتزمة باتفاقية كامب ديفيد بعدم نشر السلاح والعتاد والبنى التحتية العسكرية في سيناء فما هي الحكاية وبمناسبة هذا الحديث قد أورد أول رئيس وزراء إسرائيلي ديفيد بن غوريون في مذكراته أنه التقى إحدى الجمعيات الصهيونية الأساسية في أوائل العام 1949 وأخبرهم أن لدى إسرائيل حوالي عشرة أهداف استراتيجية مثل جلب المهاجرين اليهود وتقوية إسرائيل عسكريا وغيرها ولكن واحدة من هذه الأهداف كان تحييد مصر عن جبهة القتال مع إسرائيل وفي رأي بعض الكتاب والمحللين الإسرائيليين أن هذا الحلم تحقق عام 1979 بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل علما أن السلام بين البلدين بقي محصورا على الرسميين وفئة قليلة من رجال الأعمال ولكن السلام بين الشعبين بقي باردا ورسميا في أثناء هذا الشهر سبتمبر أيلول 2025 من المتوقع أن تعترف دول أوروبية بدولة فلسطين وهي دول مهمة ويزيد عدد الدول التي تكون قد اعترفت بدولة فلسطين أكثر من 150 دولة من أصل 193 دولة عضوا وقد تصل نسبة الأعضاء المعترفين 80 على الأقل من الدول الأعضاء ولكن المشكلة ليست في الجمعية العمومية بل في المراجعة التي يجريها مجلس الأمن على الطلب ويضع تقريرا عن أحقية الدولة في أن تكون عضوا في الأمم المتحدة وقد تدعي دولة كبرى مثل الولايات المتحدة أن فلسطين ليست دولة واضحة الحدود والأراضي التي تقع عليها وقد يكون هذا الأمر عذرا للولايات المتحدة لتؤخر النظر في عضوية فلسطين ولكن أعتقد أن ثلثي الأعضاء المطلوب تصويتهم بالإيجاب على عضوية فلسطين متاحة بشكل واضح nbsp وأمام هذه التغييرات التي تفتح أمام عيوننا كل يوم على شكل تصريحات غريبة ونظريات مركبة وأفعال عسكرية ظالمة قد يفقد المراقب للأمور البوصلة والبصيرة ولا يعرف إلى أين ستؤول الأمور ولكن هنالك من يقول إن إدماج العالمين العربي والإسلامي بدأ يخلق حقائق جديدة الأولى أن التقارب التركي الأردني القطري قد يفتح المجال لانضمام سورية ولبنان فتكون هذه المنطقة متكاملة تسمح بعبور التجارة الترانزيت وتساهم في زيادة حجم التبادل التجاري بينها وكذلك الاستثمار فهكذا نرى أن وجود دولة إسلامية مثل تركيا يخدمها وييسر تجارة الدول العربية مع دول وسط آسيا التي زارها الملك عبد الله الثاني بن الحسين قبل شهرين وهما كازاخستان وأوزباكستان وإذا بدأ العمل على إنشاء دولة فلسطينية أو ترتيب يسمح للفلسطينيين بالعمل والتنقل والاستثمار فإن ضمها إلى هذه المجموعة يصبح أمرا مقبولا ومفيدا أما التقارب الإسلامي العربي الآخر فهو الذي تجلى في توقيع اتفاقية أمن ودفاع مشتركة بين الباكستان والمملكة العربية السعودية وهذه يمكن أن تتحول في المستقبل إلى ورقة ضغط بيد السعودية إذا بدأت المفاوضات لدفع إيران وإسرائيل من أجل توقيع اتفاقية تحديد برامجها النووية ومراقبتها لتتأكد من سلميتها وباكستان التي يقدر عدد سكانها في نهاية العام 2024 بأكثر قليلا من ربع مليار نسمة وفي تقديري أن هذا القرار مهم جدا يذكر الإسرائيليين المتطرفين أن أحلامهم بإسرائيل الكبرى على حساب الدول العربية لن يحصل ولكن يبقى التعاون العربي الإسلامي فاتحة للطريق من أجل الدخول في المستقبل القريب في تفاوض مع جمهورية إيران الإسلامية صحيح أن عدد المسلمين يقارب ملياري نسمة و15 منهم هم من الشيعة إلا أن الخلاف بين الطرفين يمكن تجاوزه إن حسنت النيات ولكن ما تزال هنالك نظريات تطرح خاصة من علماء سياسيين يهود يريدون أن يتأكدوا أن ما يجري وجرى إبان الحرب على غزة كان استثنائيا وأن بالإمكان التوفيق بين تطلعات الفلسطينيين وإسرائيل ولذلك nbsp يعرض بعضهم خلق اتفاق فيدرالي ويعرض على الراغبين الدخول فيه من دون الحاجة إلى إعادة الأراضي واستبدالها أو تبادلها ويقترحون أن يبدأ ذلك الترتيب بفلسطين وإسرائيل ويمكن للأردن أن ينضم إليهم لاحقا وآخرون يطرحون فكرة فتح الحدود بعد تحديد حدود الدولة الفلسطينية وإسرائيل لأن الأردن واضحة الحدود والجغرافيا ومن ثم يسمح للإسرائيليين بالإقامة في الأردن وفلسطين إلخ nbsp والواقع أن هذه النظريات ليست عملية خاصة للفلسطينيين والأردنيين ولأن الميول والنزاعات الإسرائيلية صارت توسعية احتلالية وتعتمد أسلوب التصفية العرقية ولهذا فإن الحل الأمثل هو بقاء كل دولة وحدها والتنسيق الأكثر بين الأردن وفلسطين وليس بين فلسطين وإسرائيل والأيام التوالي ستكشف إذا كان المناخ والظروف المرافقة له تسمح بالاندماج بينهم على أسس اقتصادية تفيد الجميع وتسهم في حل المشكلات الأساسية التي تعانيها المنطقة مثل المياه والبيئة والطاقة والأمن الغذائي على أقل تقدير ولكن هذا التطور لن يستقيم أو يصبح له تجليات عملية إلا إذا نال الشعب الفلسطيني حقوقه على أرضه وترابه الوطني بما في ذلك القدس الشريف ومن الواضح أن أول خطوة عملية يجب أن تؤخذ من قبل الإسرائيليين تنطوي على أمرين الأول هو إسقاط الحكومة الحالية وتغيير فلسفتها لأن أحدا من العرب لن يتحدث معها أو يصدقها والثاني هو استبدالها بأشخاص يريدون السلام ويؤمنون أنه الأصلح لإسرائيل في المدى الطويل وإذا لم يقتنع الإسرائيليون بذلك فإن المنطقة مرشحة لمزيد من الحروب المتكررة وفي النهاية تقول الشواهد التاريخية إن الغلبة للأكثر سكانا وليست للأقوى تكنولوجيا وعليه فإن العودة إلى الحروب ستكون أمرا متوقعا وإن الشعب الفلسطيني ومن ورائه الشعب العربي يدرك أن إسرائيل تقتل الأطفال والمدنيين أكثر من قتلها للمناضلين والمقاومين ولذلك ستبقى باستمرار ضمن دائرة الخطر وهي قادرة على تجنب ذلك ويجب ألا ينغر العرب والمسلمون والعالم كثيرا بعنتريات بنيامين نتنياهو بل إن قسوته وتعديه على كل الأعراف والقوانين الدولية لم تكسبه لا جيشه ولا شعبه احتراما بل على العكس تعاني إسرائيل أكبر نكسة في تاريخها وإن كل الطلاء على وجهها قد غسلته المقاومة وظهر الوجه الحقيقي لشخص يصيح ويزأر كما فعل ساحر أوز إلى أن نكتشف أنه متى ما خرج من صندوقه فإذا هو قميء وظاهرة صوتية ولا أدري لماذا يقف ترامب مع الحكومة الإسرائيلية الحالية موقف المؤيد ولكن الرجل ليس مسيطرا على الأوضاع بل إن تحالفه مع نتنياهو سوف يكشف لنا أسرارا ومعلومات خطيرة