رسالة أخيرة من مدينة غزة
رسالة أخيرة من مدينة غزّة
زوايا /> سما حسن كاتبة وصحفية فلسطينية مقيمة في غزة، أصدرت ثلاث مجموعات قصصية، ترجمت قصص لها إلى عدة لغات. 24 سبتمبر 2025 alt="كاريكاتير نزوح أهالي غزة / حجاج"/>+ الخط -وصلت إلي رسالة أخيرة منها، وبعد ذلك لم أعرف عنها شيئاً، فقد كتبت لي بكل ألم، وفي فجر يومٍ مضى، وكنتُ أعلم أن رسالتها قد استغرقت وقتاً طويلاً حتى وصلت، ولكن الألم ظلَّ حاضراً فيها، وحروفها تقول: نحن بخير، ولكني لا أعرف، لو متنا، كيف ستعرفين بذلك.
هنا اعتصر الوجع قلبي، وأعاد إليَّ ذكرى مريرة عن الأيام الأولى من هذه المحرقة، حين لجأتُ مع أولادي إلى أحد بيوت أقاربي في منطقة الكرامة شمال غربي مدينة غزّة، معتقدين أن هذه الجولة لن تستمر أكثر من أيام. ورغم تعرّض بيتنا للقصف، لم نفكّر في مغادرة المدينة. وهكذا، كنا نلقي بأنفسنا في أكثر المناطق سخونة، لكننا لم نكن نعرف ذلك، لأن الاتصالات كانت قد انقطعت تماماً عنها.
تذكرتُ، ومع انقطاع الاتصالات المتزامن مع حملة إخلاء مدينة غزّة متسارعة الوتيرة، ما حدث معي في تلك الليلة التي تُعدُّ من أقسى الليالي التي عشتها. لذلك، كنتُ أتخيّل مشاعر الناس الذين يكونون في منطقةٍ بلا أي وسيلة اتصال بالعالم، وهم لا يعرفون شيئاً عمّا يدور حولهم، ويشعرون بالعجز والخوف، لأنهم لا يستطيعون أن يرسلوا إلى أحبّتهم البعيدين ولو كلمة واحدة ليطمئنوهم.
ذلك الشعور عشته في ليلة الأربعاء الأولى من ليالي هذه المقتلة الحارقة، حين انقطعت الاتصالات، وأصبحنا قرابة خمسين شخصاً في بناية من ثلاثة طوابق، لا نعلم أن هناك أوامر إخلاء قد صدرت بضرورة الخروج من المنطقة. بل تلقّى أكبر مساجدها أمراً محدّداً بالإخلاء تمهيدًا لقصفه، وهو لا يبعد سوى بضعة أمتار عن البناية التي كانت تهتزّ كل دقيقة على وقع الانفجارات الهائلة.
كيف يمكن أن تبقى في مكانٍ لا تعرف إن كان صاروخٌ سيصيبه في أية لحظة، لأنه أصبح مصنَّفاً ضمن دائرة مناطق الإخلاء؟... يبدو أنني
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على