ماركس ونقد الرأسمالية وإرثها الفلسفي
ماركس ونقد الرأسمالية وإرثها الفلسفي
/> عاصم أمين كاتب سوري ومدرس للفلسفة، مقيم في ألمانيا. 17 سبتمبر 2025 + الخط -منذ منتصف القرن التاسع عشر، برز اسم كارل ماركس بكونه أحد أبرز المُفكّرين الذين قلبوا الموازين في فهم الاقتصاد والمجتمع. فبينما كان الاقتصاد الكلاسيكي في أوروبا يتغنّى بمكاسب السوق الحرّة وبقدرة الرأسمالية على توليد الثروة، جاء ماركس ليكشف الوجه الآخر للعملية الاقتصادية: الاستغلال، الاغتراب، وهيمنة رأس المال على الإنسان. إنّ فلسفته الاقتصادية لم تكن نظرية محضة، بل قراءة جدلية للتاريخ وللقوى التي تحرّكه، حيث اعتبر أنّ البنية الاقتصادية هي الأساس الذي يشكّل كلّ ما يعلوه من مؤسسات سياسية وفكرية.
استمدّ ماركس الكثير من أدواته الفكرية من الفلسفة الألمانية، خصوصاً من فريدريش هيغل، لكنه قلب جدلية الأخير على رأسها. فإذا كان هيغل يرى أنّ التاريخ تحرّكه الروح المُطلقة، فإنّ ماركس اعتبر أنّ التاريخ ليس سوى تاريخ صراعات الطبقات. في هذا السياق، لم يعد الوعي هو الذي يحدّد الوجود الاجتماعي، بل على العكس، الوجود الاجتماعي هو الذي يحدّد الوعي. بهذا الانقلاب النظري، وضع ماركس الاقتصاد في قلب الفلسفة، ورأى أنّ العلاقات الإنتاجية هي المحرّك الحقيقي للمجتمعات.
تأثّر ماركس أيضاً بالاقتصاد السياسي الإنكليزي، ولا سيما آدم سميث وديفيد ريكاردو. فقد أخذ عن سميث تحليله لقيمة العمل بوصفه أساس الثروة، وعن ريكاردو مفاهيم تتعلّق بتوزيع القيمة. غير أنّ ماركس لم يكتفِ بتطوير هذه الأفكار، بل تجاوزها جذرياً، مُعتبراً أنّ الاقتصاد الكلاسيكي لم يرَ إلا سطح الظاهرة. فبينما ركّز سميث على تقسيم العمل، شرطاً للتقدّم، رأى ماركس أنّ هذا التقسيم يُنتج اغتراب العامل عن نتاج عمله، إذ يصبح العمل مجرّد سلعة تُباع وتُشترى في السوق.
الرأسمالية في نظر ماركس لا تسرق جهد العامل فقط، بل تسلبه إنسانيته أيضا
جوهر النقد الماركسي للرأسمالية يتمثّل بمفهوم فائض القيمة. فالقيمة في نظره تتحدّد بكمية العمل المبذول، لكن الرأسمالي يدفع للعامل أقلّ ممّا ينتج فعلياً. هذا الفرق بين القيمة التي يخلقها العمل والأجر الذي يتقاضاه
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على