البحث عن واي فاي

٦٦ مشاهدة

البحث عن واي فاي

مدونات

أحمد دهر

/> أحمد دهر كاتب وروائي عراقي. 05 سبتمبر 2025 + الخط -

في عصرٍ باتت فيه الأصابع لا تهدأ على شاشات الهواتف، نجد أنفسنا أمام سؤال وجودي بسيط لكنه عميق: لماذا نخشى مواجهة الفراغ؟ يرى الفيلسوف الألماني من أصول كورية بيونغ تشول هان، أن التمرير المستمر على الشاشات ليس مجرد عادة يومية، بل أداة للهروب من الملل. ويذهب أبعد من ذلك حين يؤكد أننا خسرنا القدرة على التريث والتأمل، وأننا بذلك نحرم أنفسنا من تجربة الملل العميق الذي يعده شرطًا للإبداع والتفكير الحقيقي.

في زمن أجدادنا، كان الفراغ فرصة للتأمل، للكتابة، للرسم، أو حتى للجلوس مع الذات. أما اليوم، فإن أي لحظة صمت أو هدوء تتحول إلى قلق يدفعنا للبحث عن إشارة واي فاي. لا نطيق أن نكون وحدنا، نملأ الفراغ بمقاطع سريعة وصور متدفقة، حتى غدا التمرير عادة تلقائية لا نفكر فيها. لكن السؤال: متى آخر مرة جلسنا مع أنفسنا من دون هاتف؟ هل ما نحمله من قناعات هو نتاج فكرٍ شخصي أم مجرد استهلاك لما تبثه الصفحات الرقمية؟

في مجتمعاتنا العربية، التي كثيراً ما يقال إنها تعاني ضعفاً في الإبداع، يُعزى السبب غالباً إلى ضيق الوقت. لكن الحقيقة أعمق: نحن لا نمنح أنفسنا وقتًا للتفكير أصلاً. نحن في سباق مع شاشاتنا، نلتقط معلومة تلو الأخرى، ونعيش في عاصفة من المشاعر المتناقضة: دقيقة واحدة قد تنقلنا من الضحك إلى الحزن، ومن السياسة إلى الدين، ومن الفلسفة إلى فيديو ساخر. هذه السرعة تجعل من المستحيل أن نستقر على فكرة واحدة أو نتأمل شعوراً واحداً. المعرفة تحتاج إلى بطء، إلى صمت يتخلله تفكير عميق، تماماً كما تحتاج المشاعر إلى وقت للتعايش معها. لكننا نعيش حياة لحظية، حياة الاستقبال السريع والتفريغ الأسرع. والنتيجة أن أذهاننا صارت مزدحمة بالمثيرات، خالية من المعنى. نحن نبحث عن الهدوء بأعيننا، بينما أيدينا منشغلة بضجيج لا ينتهي من تمرير لا واعٍ.

وإذا توقفنا لحظة لنتساءل: بعد سنوات من التمرير المستمر،

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم