عن أخلاق الناس في هذا الزمان
في مجالس شيخي الحكيم... عن أخلاق الناس في هذا الزمان
عبد الحفيظ العمري
/> عبد الحفيظ العمري كاتب ومهندس من اليمن، مهتم بالعلوم ونشر الثقافة العلمية. لديه عدّة كتب منشورة إلكترونيا. الحكمة التي يؤمن بها: قيمة الانسان هي ما يضيفه للحياة ما بين حياته ومماته للدكتور مصطفى محمود. 07 اغسطس 2025 + الخط -شيخي رجلٌ طاعنٌ في السن، لكنه خَبَرَ الناس، وعَلِمَ تقلبات الزمان، وله في الحكمةِ باعٌ طويل، وأنا أزوره بين الفينةِ والأخرى لأتزوّدَ من حكمته.
هو اليوم معتكفٌ في خلوته يتعبّد بالتفكّر، ويرى أنَّ تلك العبادة أهملها كثيرٌ من الخلق.
وهنا أوردُ بعضًا مما دار في مجالسه.
(1)
سألتُ شيخي: لِمَ ساءت أخلاق الناس في هذا الزمن؟
قال: لقد ساءت لمّا تمادى الناس في الترف والتوسع في النعمة.
قلتُ: لكن ليس كلّ الناس يعيشون في ترف، فهناك الفقراء.
قال: لا يذهب عقلك بعيدًا في تأويل لفظة الترف؛ فهي تُطلق على كلِّ زائد على الحاجة، وهي سمة أهل زماننا، يقتنون ما لا يحتاجونه، وهم في ذلك يتفاوتون، لكن لن تجد مَنْ يريد مجرّد القوت الضروري.
قلتُ: لكن يا شيخي، ما علاقة ذلك بسوء الأخلاق؟
قال: إنَّ الناس كي يعيشوا في ترف يتطلّب منهم كثرة الدخل، وهذا ما يدفعهم إلى سلوك طرق غير شريفة في التحصّل على هذه الزيادة في الدخل، وكذلك يؤدي كثرة الترف إلى التفنّن في الشهوات؛ يقول ابن خلدون: يكثر منهم الفسق والشرّ والسفسفة والتحيّل على تحصيل المعاش من وجهه ومن غير وجهه. وتنصرف النفس إلى الفكر في ذلك والغوص عليه واستجماع الحيلة له، فتجدهم أجرياء على الكذب والمقامرة والغشّ والخِلابَة (أي: الخداع) والسرقة والفجور في الأيمان والربا في البياعات، ثمّ تجدهم لكثرة الشهوات والملاذ الناشئة عن الترف أبصر بطرق الفسق ومذاهبه والمجاهرة به.
بل إنَّ ابن خلدون يتوسع في هذا الأمر، قائلًا: وتجدهم أيضًا أبصر بالمكر والخديعة، يدفعون بذلك ما عساه أن ينالهم من القهر وما يتوقّعونه من العقاب على تلك القبائح، حتّى يصير
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على