غزة في مرآة الخذلان العربي
غزة في مرآة الخذلان العربي
/> ياسر قطيشات باحث وخبير ومؤلف في السياسة والعلاقات الدولية والدبلوماسية، من الأردن. 28 يوليو 2025 + الخط -ما يجري في قطاع غزة منذ أكثر من عشرين شهراً لم يعد مجرد عدوان إسرائيلي همجي، بل تحول إلى فضيحة أخلاقية عالمية بكل المقاييس. إنها حرب إبادة ممنهجة، وحصار شامل، وتجويع متعمّد، وخنق إنساني لشعب أعزل، ترتكب بحقه أبشع الجرائم تحت سمع وبصر العالم، بل وأحياناً بدعمه، أو بصمته، أو تواطئه المباشر.
في مشهد غزة اليوم، لا تنعدم فقط الموارد الأساسية كالغذاء والدواء والماء، بل ينعدم الحد الأدنى من القيم الأخلاقية التي طالما تباهى بها النظام العالمي الحديث. المفارقة المؤلمة أن هذا العالم، الذي يتشدق ليل نهار بحقوق الإنسان وحرية الشعوب وكرامة الإنسان، يقف عاجزاً أمام موت الأطفال جوعاً، ودفن الجرحى تحت الركام، واختفاء العائلات بأكملها بفعل آلة القتل الإسرائيلية.
لكن ما هو أخطر من الصمت الدولي، هو الصمت العربي والإسلامي المخجل، الذي تجاوز كونه موقفاً باهتاً، ليصبح مشاركة سلبية، وربما - من بعض الأطراف - تواطؤاً صامتاً. فمعظم الدول العربية، وخاصة الكبرى منها، لم تقم حتى بالحد الأدنى من مسؤولياتها الإنسانية أو السياسية، بل غلبت مصالحها وتحالفاتها على اعتبارات التاريخ والجغرافيا والأخلاق، وحتى على صلة الدم وأخوة التراب.
ما هو أخطر من الصمت الدولي، هو الصمت العربي والإسلامي المخجل، الذي تجاوز كونه موقفاً باهتاً، ليصبح مشاركة سلبية
هذا الصمت لم يعد مجرد غياب للدور، بل أصبح سياسة مقصودة تقوم على ثلاثة محددات رئيسية:
- التحالفات الجيوسياسية الجديدة، التي تشكلت في السنوات الأخيرة، والتي حولت الكيان الإسرائيلي من عدو تقليدي إلى شريك استراتيجي في بعض الأجندات.
- الخوف من الداخل؛ إذ تخشى أنظمة الثقب الأسود أن يفهم أي موقف تضامني على أنه دعم ضمني لثورات الحرية والمقاومة، ما يكشف عن أزمة بنيوية عميقة في علاقتها مع شعوبها.
- الارتهان للموقف الأميركي؛ حيث تفضل كثير من الدول العربية والإسلامية عدم إغضاب واشنطن، حتى ولو كان الثمن السكوت
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على