محلل مالي 70 من القروض الحسنة تمنح خارج الأطر المؤسسية والنتيجة تعثر وتبديد

أكد الدكتور عبد المحسن اللافي اسويسي ، المحلل المالي، إنه لا يمكن تجاهل ما رسّخه القرض الحسن من تضامن مالي، استنادًا إلى ما ينطوي عليه من قيم إنسانية واجتماعية واقتصادية متجذرة في المجتمعات الإسلامية. وأوضح أنه نظراً لأن القرض الحسن يعني في جوهره تلبية حاجة المستفيد من خلال تمويل مالي بلا فوائد أو أعباء، فإن الحاجة باتت ملحّة لتأطيره ضمن سلسلة من المعايير والضوابط، خصوصًا الرقابية منها، لضمان نوع من الاستدامة تسهم في ترسيخ هذه القيم. ويزداد الأمر تعقيدًا حين يتم تداول هذا النوع من القروض بين الأقارب أو الأزواج من دون تحرير أو توثيق رسمي.
وتابع أن إقراض المال على مستوى الأفراد بحسن نية يعد سلوكًا شائعًا بين الأقارب والأصدقاء، لكنه غالبًا ما ينتهي إلى نزاعات تُحال إلى القضاء، نتيجة الحرج الاجتماعي أو غياب الاتفاقات القانونية الواضحة. وأضاف أن دراسة صادرة عن البنك الإسلامي للتنمية عام 2018 تعكس بوضوح حجم الإشكالية، حيث تشير إلى أن ما يُقدّر بنحو 70% من القروض الحسنة الممنوحة في العالم العربي تُدار خارج الأطر المؤسسية المعروفة، ما يجعلها أكثر عرضة للتعثر أو الإهمال أو حتى الضياع.
وأشار إلى أن غياب نظام مؤسسي يُعنى بتنظيم القروض الحسنة في إطار رقابي وشفاف يفرز عدة تحديات، منها إهدار الأثر والقيمة التنموية المرجوة، خاصة في ظل غياب أدوات تقييم واضحة تساعد في قياس مدى تحقق هذه الغايات. كما أن نقص الشفافية الناتج عن غياب بيانات دقيقة للمستفيدين وآليات السداد، يحول دون أي متابعة فعالة أو رقابة موثوقة. إلى جانب ذلك، فإن تنوع الصناديق الإسلامية والمؤسسات الخيرية المانحة للقروض دون وجود تنسيق أو تشبيك مركزي، يكرّس حالة من الفوضى ويحدّ من الكفاءة في إدارة الموارد.
وأوضح أن هذا الواقع يضعنا أمام تحديات إضافية تعيق ديمومة هذا النوع من القروض، ومنها غياب التشريعات التي تحفز البنوك الإسلامية على تقديم القرض الحسن، خاصة في الدول العربية، ما يشكّل حجر عثرة أمام انتشاره واستمراره.
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على