السيطرة على الشرق من الجو حلم الغرب القديم الذي تحقق
كتب / مسعود عمشوش
منذ بدايات العصور الحديثة في القرن السادس عشر الميلادي بات الغرب يتفوّق عسكريا على الشرق المسلم بعد أن استطاع بناء أساطيل بحرية مجهزة بمدافع البارود والبنادق.
لكن وقوع بعض مراكز الشرق بعيداً عن سواحل المحيطات والبحر ظلت فترة طويلة عقبة أمامه.
وقد عبّر الدبلوماسي الفرنسي العنصري أرتور دي غوبينو عن رغبة الغرب الاستعماري في تجاوز تلك المعضلة في كتابه (ثلاث سنوات في آسيا ١٨٥٤م) الذي قمنا بترجمة بعض فصوله في كتابنا (جدة وعدن ومسقط في كتابات آرثر دي غوبينو، ٢٠١٤م).
فمنذ مطلع القرن التاسع عشر احتدم التنافس بين الدول الأوروبية الكبرى للهيمنة على مناطق واسعة في أفريقيا وآسيا… وفي تلك المعركة لم تكتف تلك الدول الغربية باللجوء إلى القوة، بل وظفت أيضا علماءها ليضعوا عددا من النظريات والأطروحات والمفاهيم العنصرية والاستعمارية التي تبرِّر ما تقوم به من سلب ونهب.
وفي سنة١٨٥٤ رأى دي غوبينو أنه ليس أمام الغرب إلا خياران: “إما أن ترك شعوب آسيا الوسطى في حالة الركود كما فعلت منذ قرون ونهب ما لديها من ثروات بسلام، أو يتم غزوها وإخضاعها مباشرة لهيمنة الأمم الأوروبية.
وعلى الرغم من أن أراضيها واسعة جدا، وفي الغالب بعيدة عن السواحل التي يمكن أن تهاجم منها، فهذا الافتراض لا يمكن استبعاده كليا، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار القدرة الكبيرة على التوسع والحاجة للغزو اللتين تبرزان اليوم في مجتمعنا. لهذا ليس هناك عائق أمام هذا الخيار، لاسيما أن تحت تصرفنا وسائل مادية كبيرة تمكننا من تحقيق رغباتنا. كما أن طريقة تنظيم قواتنا العسكرية تضمن لنا التفوق المؤكد في أي مكان نريد الذهاب إليه، حتى وإن كان عدد سكانه يفوق عددنا بمائة ضعف… لهذا أنا أقبل إمكانية استقرار أمة أوروبية في آسيا… ويمكنها فعل ذلك بطريقتين. لنفترض أولا أنه سيتم استخدام تبني النظام البريطاني الذي تكمن سمته الأبرز في رغبته السيطرة على الناس الذين تم غزوهم دون الاختلاط بهم، والتحكم فيهم وإدارتهم من الأعلى مع البقاء متميزا عنهم، وعدم منحهم
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على