تأثير الإرث لماذا نختار اختيارات لا تشبهنا
في لحظة صدق مع النفس، قد نكتشف أن بعض اختياراتنا لم تكن لنا تماماً، بل لأشخاص أو بيئات سبقتنا. هل أنت حيث أنت لأنك أردت؟ أم لأنك نشأت هناك؟
بعض القرارات التي نظن أننا اتخذناها بأنفسنا، قد لا تكون لنا فعلاً. نختار مساراً دراسياً أو مهنياً، نظن أنه الأنسب، بينما هو في الحقيقة الأكثر رسوخاً في ذاكرتنا، الأشد التصاقاً بمشهد الطفولة، والأكثر ألفةً لقلوبنا، وإن لم يكن الأصدق مع ميولنا.
هذا ما يُعرف في علم النفس والسلوك الاجتماعي بـ Legacy Effect، أو تأثير الإرث. ويُقصد به الميل اللاشعوري لدى الأفراد إلى تكرار المسارات التي نشأوا في ظلها، سواء كانت مهنية، أو اجتماعية، أو حتى عاطفية. ليست بالضرورة أنها الأنسب، بل لأنها الأكثر رسوخاً في الذاكرة، والأكثر ألفة في الشعور.
يظهر هذا التأثير حين يتبع الأبناء خطى من سبقوهم، لا بدافع القناعة، بل بدافع التعود. هو ميلٌ لا شعوري لتكرار النموذج الذي كبرنا في ظله، سواء كان نموذجاً مهنياً، أو نمطاً للحياة، أو أسلوباً للتفكير. وقد نرى الابن الذي اختار الطب لأن والده طبيب، أو الابنة التي التحقت بإدارة الأعمال لأنها نشأت وسط حوارات والدها عن الأرباح والخطط، أو الشاب الذي انخرط في التجارة لأنه نشأ في بيتٍ لا يعرف الوظيفة. وهنا، لا تُطرح المشكلة في مجرد الاقتداء أو الاستلهام، بل في تضاؤل المسافة بين الألفة والقناعة؛ حين نظن أننا اخترنا، بينما نحن فقط نسير على أثر خفي، ممهَّد برغبات غيرنا، لا رغباتنا.
الطفل الذي يتردد على عيادة والده ليراه يلبس المعطف الأبيض، يُصفق له المرضى، ويحظى بالاحترام، تتشكل لديه صورة لا واعية عن النجاح. ليس بالضرورة أن يرغب في مهنة الطب، لكن نموذج النجاح بات واضحاً ومربوطاً بهذه الصورة. حين يكبر ويختار الطب، قد يظن أنها رغبته، بينما هي انعكاس لتجربة رسخت في عمرٍ لم يكن فيه قادراً على التمييز بين الإعجاب والرغبة. وهكذا، نرى جيلاً بعد جيل، يعيد نفس القصص، بنفس
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على