قميص متروك

٢ مشاهدات

قميص متروك

زوايا

بسمة النسور

/> بسمة النسور

كاتبة أردنية، تحمل الليسانس في الحقوق، صدر لها ست مجموعات قصصية، وكتبت نصين مسرحيين. تكتب في الصحافة العربية منذ 1990، وتشغل موقع رئيسة تحرير مجلة تايكي المتخصصة بالإبداع النسوي.

03 فبراير 2025 alt="لؤي كيالي"/>

(لؤي كيالي)

+ الخط -

غادر آخر الأبناء بيت العائلة سعيداً ببيته الصغير الذي سيضمّه وعروسته الجميلة، بعد حفل الزفاف الذي حضره جمع كبير، وساد فيه الصخب، وعلت الموسيقى، ورقص العروسان محاطين بأحبّتهما. لم تصدّق الأمّ المرتبكة أن آخر العنقود، صغيرها المُدلّل، الأقرب إليها، سيرحل حقّاً. لن تتكبّد بعد الآن عناء إيقاظه في الصباحات، ولن تتذمّر من نومه الثقيل، ولن تفزع إذا تأخّر في الوصول إلى عمله، وفوّت وجبة الإفطار، لن تنهمك يومياً في تحضير ثيابه، وإعداد أصناف الأطعمة التي يُحبّ، واستقبال رفاقه المشاغبين، الذين يُحبّون أطباقها.
أدركت في لحظة أن الصغير لم يعد صغيراً، نبتت أجنحته في حين غفلةٍ منها، وها هو يتأهّب للتحليق بعيداً. دارت دمعة أوشكت أن تغلبها، وهي ترقب دخوله القاعة ببدلة سموكن سوداء، وحذاء لامع، وشعر مصفّف، وابتسامة كبيرة، متأبّطاً ذراع عروسته، التي ارتبط بها بعد قصّة حُبّ عذبة لم تعترضها أيُّ عقبات. استغرق عثورهما على شقّة ملائمة وقتاً، لكنّهما نجحا في نهاية الأمر، وتعاونا في تأثيثها، وقد وضعت العروس لمساتها الجمالية في الزوايا.
لم يستشر العريس (كما هي عادته) أمّه في أي تفصيل متعلّق بمنزله الجديد، وتوقّف منذ إعلان خطوبته عن مشاركتها الأسرار الصغيرة، ما كان يثير غيرةَ إخوته، الذين كثيراً ما اتهموها بالتمييز في المعاملة، وبأنها تفرط في دلاله، محذّرين إياها من إفساده، فتضحك قائلةً: الصغير حتى يكبر، غير منكرة التهمة. بدأت تلاحظ تباعده التدريجي عنها، وانهماكه الدائم بشؤون الحبيبة وانشغاله عن أمّه، التي كرّست وقتها كلّه للاعتناء به وتلبية طلباته، حاولت أن تتقبّل هذا التحوّل باعتباره سنّة الحياة، وطبيعة الأمور، وظلّت تكرّر مقولة جبران خليل جبران: أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة، غير أن الحزن استقرّ في نفسها عميقاً، واستولى

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم