عبادة الشخصية في الأنظمة العربية سوريا نموذجا
وحتى يومنا هذا، لم يقدم أي نظام عربي نموذجاً منفتحاً لشعبه للمشاركة السياسية في إدارة الحكم والمؤسسات، بما يسمح بالتعددية الحزبية وقبول المعارضة لها، والفصل الفعال بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وضمان وجود دولة موحدة. صحافة حرة تحفظ الحق في حرية الرأي والتعبير. بل اعتمدت بشكل عام على شخصية رأس النظام، والعمل بشكل ممنهج على ترسيخ عبادة شخصية الحاكم “الملهم” و”الفذ” و”القائد”، حتى لو كان مستواه التعليمي شهادة ثانوية. أو أقل من ذلك أنه وصل إلى السلطة عبر انقلاب عسكري.
كل هذه الأنظمة أثبتت فشلها الذريع في بناء الدولة والمجتمع، لأن الدولة كانت تتمحور حول شخص الحاكم، والحاكم فقط، أو بمعنى آخر كما يقال: الدولة أنا وأنا. أنا الدولة، “فمن أنت؟” ويتجلى هذا النوع من الحكم في صور الحاكم وتماثيله التي تملأ ساحات المدينة وزواياها المظلمة والمشرقة، وظهور الجيش كقوة ردع صارمة لكل من يجرؤ على مهاجمة الكيان الحاكم، بالإضافة إلى مؤسسة استخباراتية تراقب أنفاس الناس وتطلعاتهم، وإذا استطاعت التسلل إلى أحلامهم، والأمثلة الصارخة على ذلك في الماضي القريب شوهدت في أكثر من دولة عربية شهدت سقوط أنظمتها وقتلها منها القادة “الملهمون” الذين يعتبرون أنفسهم محصنين. من السقوط. ولم يتعلموا من أسلافهم الذين كانوا مثلهم (هتلر في ألمانيا، موسوليني في إيطاليا، ماركوس في الفلبين، بينوشيه في تشيلي، باتيستا في كوبا)، ومنهم المثال السوري.
بدايات التخصيص
ولم يمر في سوريا نظام واحد بعد الاستقلال وصلت فيه عبادة الشخصية إلى حد التأليه. خلال الفترات القصيرة التي حكمت فيها أنظمة اعتمدت على الانتماءات الحزبية وتاريخها النضالي ضد الاستعمار، ووصلت إلى السلطة سلميا عبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية (حكومات شكري القوتلي، وهاشم الأتاسي، وناظم القدسي) لم تعتمد سياسة الشخصنة واستخدام القوة العسكرية المفرطة لتثبيت حكمها، وربما كان هذا هو سبب فشلها في الاستمرار وتطور التجربة الديمقراطية الوليدة بسبب الانقلابات. الانقلاب العسكري عليها (انقلاب حسني الزعيم وسامي الحناوي وفوزي سلو وأديب الشيشكلي، واغتيل ثلاثة منهم ونجا فوزي سلو).
بدأ أول ظهور للشخصانية وعبادة الشخصية مع مشروع
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على