بين بيروت ودمشق حين يصبح الانتماء عبئا
بين بيروت ودمشق: حين يصبح الانتماء عبئاً
سالي موسى كاتبة وباحثة لبنانية متخصّصة في القانون الدولي والشؤون السياسية. تركّز على تحليل العلاقات الدولية، خاصة في الشرق الأوسط، مع اهتمام خاص بالعلاقات اللبنانية السورية. 04 فبراير 2025 + الخط -لم تؤثر العلاقات اللبنانية-السورية يومًا على هويتنا المزدوجة. فعلى الرغم من القمع الذي مارسه جيش الردع الأسدي على الجيش اللبناني، إلا أن والدتي، يوم تقاعد والدي من الجيش عام 2004، اقترحت عليه أن نستثمر تعويضه في شراء بيت دمشقي قديم، نحوله إلى منزل لنا ونعيش فيه.
لكن حلم أمي بقي معلقًا، ولم يتحقق حتى يومنا هذا. فبعد 2012، قلبت الأحداث الموازين، وتحوّل جزء من اللبنانيين إلى جيش ردع داخل الأراضي السورية، ليصبح الحلم كابوسًا، وليتحول الانتماء المزدوج إلى عبء نخشى حمله. كيف يمكن لجزئي اللبناني أن يقتل جزئي السوري، ويسلبه أرضه؟ وكيف لجزئي السوري أن يتحوّل إلى أداة قمع لحرية جزئي اللبناني؟ في هذه الفوضى، لم يبقَ للانتماء سوى شعور مرير بالضياع.
لم يكن ما سبق مجرّد مثال ذاتي، بل صورة مصغرة لواقع العلاقات اللبنانية السورية عبر التاريخ، حيث تشابكت المصائر بين القمع والتحالف، بين الأخوة والعداء، وظلّت الهوية المزدوجة رهينة تقلّبات السياسة والصراع.
على مدى أكثر من نصف قرن، اتسمت العلاقات السورية اللبنانية بمعادلة معقدة بين التحالف والوصاية، حيث لعبت سورية دور الأخ الأكبر، فارضة نفوذها السياسي والعسكري على لبنان. بدأ هذا النفوذ رسميًا عام 1976 مع دخول الجيش السوري تحت غطاء قوات الردع العربية خلال الحرب الأهلية اللبنانية، واستمرّ لعقود، خاصّة بعد اتفاق الطائف عام 1990، حيث تولت دمشق الإشراف على تنفيذه، ما عزّز هيمنتها. غير أنّ هذه الهيمنة بلغت ذروتها في مرحلة الوصاية السورية، قبل أن تنتهي بانسحاب القوات السورية عام 2005، عقب اغتيال رئيس الحكومة اللبناني، رفيق الحريري، وتحت وطأة ضغوط داخلية ودولية، في محطة مفصلية أعادت تشكيل العلاقة بين البلدين، وطرحت تساؤلات حول مستقبل لبنان بعيدًا عن معضلة الأخ الأكبر.
تشابكت المصائر بين
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على