القبلية المستدامة وعبء الانتماء

٩ مشاهدات
يشكل النقد السياسي عند نعوم تشومسكي أحد أبرز تجليات مشروعه الفكري وهو نقد أحدث ثورة لغوية ومعرفية أسهمت في تطوير أدوات فهم وتحليل الواقعين الاجتماعي والسياسي وفي سياق قراءتي لمقاله دعوة استعمارية لحرب قبلية جديدة المنشور في صحيفة لوس أنجليس تايمز استوقفني مصطلح Tribalism الذي يشير إلى نزعة الولاء المفرط للفرع على حساب الانتماء الأعمق والأجدى للأصل أي تغلب العصبوية على المدنية بما يؤدي إلى إضعاف الهوية الوطنية الجامعة وتعزيز الولاءات الفئوية الضيقة تتجلى هذه الظاهرة بوضوح في الشارع السوري الجديد الذي يعاني من حمى الاصطفافات والتحزبات ما أسهم في إضاعة البوصلة الوطنية وإبعاد البلاد عن مسار خلاصها الممكن العزلة المدنية وسوسيولوجيا اللون الواحد لا شك أن غياب فضاءات المشاركة أو محدودية الدور المجتمعي في صناعة القرار يقود بالضرورة إلى خلق حالة من الخصام والانفصال بين المجتمع المدني والمؤسسة الرسمية ويتيح هذا الفراغ تمدد الولاءات الفرعية التي تتمترس خلف المزاج الخاص والمصلحة الضيقة على حساب الرؤية الوطنية الجامعة وفي محاولة جادة لإنقاذ المجتمع السوري من تفككه الأخير وربما النهائي تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة قراءة بنية المجتمع السوري القائم في جوهره على التنوع والتعددية كما يتطلب الأمر عملا فعليا على إدماج ثقافة الاختلاف والبحث عن نقاط التماسك داخل النسيج الاجتماعي مع تحييد الخاص الإيديولوجي لصالح العام الوطني أن غياب فضاءات المشاركة أو محدودية الدور المجتمعي في صناعة القرار يقود بالضرورة إلى خلق حالة من الخصام والانفصال بين المجتمع المدني والمؤسسة الرسمية الغالبية السورية هوية مستغلة أم تبعية طوعية لم تكن الغالبية الطائفية في سورية يوما ذات لون واحد أو توجه فكري أحادي فهي في جوهرها تعددية رؤى وأصوات ومسارات غير أن اختزالها في شعارات وألوية يفقدها بعديها الإنساني والوجودي ويحولها إلى أداة للهيمنة تكمن خطورة الخطابات التعبوية الانفعالية في إضعاف موقع المعتدل الوسطي وتهديد صورة المتعايش الإصلاحي وقد تقود من حيث لا تدرك إلى زج المجتمع في صراع الطائفة الواحدة ضد ذاتها في المقابل فإن صهر الأكثرية في بوتقة فكرية واحدة لا يمنحها تعريفا حقيقيا بل يطمس هويتها التعددية ويحولها إلى كتلة صماء وظيفتها إعادة إنتاج الجمود العقائدي لم تكن الغالبية الطائفية في سورية يوما ذات لون واحد أو توجه فكري أحادي فهي في جوهرها تعددية رؤى وأصوات ومسارات ولعل أسوأ ما قد تتعرض له الأكثرية في أي مجتمع هو استغلالها لتبرير ممارسات القمع واستثمار هويتها المشتركة في محاولة لاكتساب شرعية زائفة ما يحدث شرخا عميقا في النسيج الاجتماعي ويترك أثره في الذاكرة الجمعية على المدى الطويل وقد أثبتت التجارب التاريخية للشعوب عبر أزمنة الحروب والنزاعات أن النضج المجتمعي القائم على فصل الهوية الفرعية عن المصلحة العامة وتأكيد الانتماء العاطفي أولا للأرض يشكل المدخل الأكثر إنسانية لإنقاذ الوطن والإنسان وعندها فقط يمكن القول إن إرادة الشعوب تنتصر

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم