سورية 2 4 مليون طفل خارج التعليم بسبب الفقر وغياب المدارس
٥٢ مشاهدة
يواجه قطاع التعليم في سورية واحدا من أخطر تحدياته منذ سنوات مع نحو 2 4 مليون طفل سوري خارج المدرسة في ظل تداخل عوامل اقتصادية وبنيوية واجتماعية وفقا لبيانات وزارة التربية والتعليم وقد أفاد وزير التربية والتعليم السوري محمد عبد الرحمن تركو nbsp في مقابلة خاصة مع الإخبارية السورية بثت اليوم السبت بأن ملف التسرب المدرسي لم يعد شأنا تعليميا فحسب بل قضية وطنية كبرى تتطلب تضافر جهود الحكومة بكاملها إلى جانب دور فاعل للمنظمات الدولية لمعالجة قضية الأطفال المتسربين مشيرا إلى أن حجم المشكلة يستدعي حلولا شاملة تتجاوز حدود وزارته وفي ريف إدلب شمال غربي سورية حيث تتقاطع آثار النزوح مع ضيق الحال تحول التعليم لدى عائلات كثيرة من حق أساسي إلى حلم مؤجل وتروي المواطنة رولا الأحمد نازحة تقيم في أحد التجمعات السكنية في شمال المحافظة لـالعربي الجديد قصة تشبه مئات قصص العائلات التي دفعتها الظروف القاسية إلى إخراج أطفالها من المدارس وتقول الأحمد إن ابنها البالغ من العمر 12 عاما انقطع عن العملية التعليمية قبل نحو عامين بعدما وجدت العائلة نفسها عاجزة عن تأمين احتياجاتها الأساسية وتشير إلى أن حالة زوجها الصحية إذ هو مصاب بمرض قلبي وغياب مصدر دخل ثابت جعلا الطفل يتحمل مسؤولية تفوق سنه فاضطر إلى العمل في ورشة حدادة لساعات طويلة يوميا تضيف الأحمد أن القرار لم يكن سهلا لكن الفقر وضغط الواقع فرضا نفسيهما على حساب مستقبل الطفل التعليمي مؤكدة أن كثيرين من الأهالي يعيشون المأزق نفسه إذ تتنازعهم الرغبة في تعليم أبنائهم والخوف من العجز عن تأمين لقمة العيش وإذ تلفت الأحمد إلى أن ابنها كان متفوقا في تعليمه ويحب المدرسة تشرح أن الظروف المعيشية القاسية وضعت حدا لذلك في وقت مبكر وتشدد على أن عائلتها ما زالت تنظر إلى التعليم بوصفه أولوية لكنها لا تملك رفاهية هذا الخيار في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وغياب كل دعم وتكمل أن ابنها يعود إلى المنزل مرهقا حاملا معه هم العمل بدلا من دفاتره المدرسية في مشهد تؤكد أنه صار مألوفا بين أطفال المخيمات والنازحين وفي قرية البرقوم بريف حلب الجنوبي في شمال سورية حيث ما زالت مشاهد الدمار واضحة في تفاصيل الحياة اليومية يقول محمد ديوب أب لثلاثة أطفال متسربين إن المدرسة للوحيدة في القرية دمرت قبل سنوات ولم يعد تأهيلها حتى اليوم يضيف لـالعربي الجديد أن أبنائي يحبون المدرسة لكن أقرب مدرسة تقع في قرية مجاورة والوصول إليها يتطلب أجور نقل يومية لا تستطيع العائلة تحملها في ظل غياب أي مصدر دخل الثابت من جهته يرى الخبير التربوي والاجتماعي مازن الخليل أن التسرب المدرسي في سورية ليس مجرد حالة عابرة بل هو انعكاس لـتآكل البنية التحتية التعليمية بالتوازي مع تدهور الحالة النفسية للتلاميذ الذين عايشوا سنوات من عدم الاستقرار الأمر الذي جعل المدرسة بيئة طاردة بدلا من أن تكون حاضنة ويحذر الخليل في حديث لـالعربي الجديد من أن بقاء آلاف الأطفال خارج المقاعد الدراسية سوف يؤدي حتما إلى فجوة معرفية ومجتمعية يصعب ردمها مستقبلا إذ سوف ينمو جيل كامل يفتقر إلى المهارات الأساسية الأمر الذي يجعله عرضة للاستغلال في سوق العمل غير المنظم أو الوقوع في فخ الجريمة والفقر الدائم ويرى الخليل أن كل جهد تربوي لن ينجح ما لم يقترن بـتمكين اقتصادي للأسر فالحاجة المادية هي المحرك الأول لدفع الأطفال نحو العمل وبالتالي فإن الدعم المالي المباشر للعائلات الأكثر فقرا هو صمام الأمان لإعادة الأطفال إلى فصولهم الدراسية ويشدد على ضرورة التوسع في برامج التعليم التعويضي والمسرع لاستقطاب الفئات التي فاتها قطار التعليم لسنوات مشيرا إلى أن المناهج التقليدية والدوام الصارم قد لا يتناسبان مع ظروف هؤلاء الأطفال حاليا ويقترح الخبير السوري إعادة صياغة العلاقة ما بين المدرسة والمستقبل عبر تطوير التعليم المهني والتقني وربطه بمتطلبات سوق العمل الفعلية ليشعر التلميذ وولي أمره بأن التعليم ليس مجرد شهادة ورقية بل هو استثمار حقيقي يضمن حياة كريمة ويبين الخليل أن إنقاذ القطاع التربوي في سورية يتطلب إرادة دولية ومحلية مشتركة تبدأ من ترميم الحجر وتنتهي ببناء البشر محذرا من أن كلفة الجهل مستقبلا سوف تفوق بكثير تكلفة الاستثمار في التعليم اليوم وفي خلال حديثه اليوم عرف وزير التربية والتعليم السوري التسرب المدرسي بأن يكون كل طفل في سن التعليم الإلزامي في خارج العملية التعليمية سواء في حال لم يتمكن من الالتحاق بها في الأساس أو اضطر إلى تركها في وقت لاحق ويقسم تركو التسرب المدرسي إلى أنواع عدة من بينها ما يسميه التسرب التعليمي ويعني الأطفال الذين يرغبون في التعليم من دون أن تتوفر لهم مدارس في مناطقهم على خلفية الدمار أو غياب البنية التحتية ويقدر عدد هؤلاء بنحو 400 ألف طفل أما الشريحة الأكبر من الأطفال المتسربين في سورية فهي مشمولة بـالتسرب الاقتصادي على خلفية عمالة الأطفال بحسب ما أضاف تركو شارحا أن آلاف الأطفال يجبرون على العمل في سن مبكرة للمساهمة في إعالة عائلاتهم نتيجة الفقر وتدهور الأوضاع المعيشية وتابع الوزير أن عددا كبيرا من الأطفال السوريين باتوا يتحملون مسؤولية إعالة عائلاتهم الأمر الذي يجعل إعادتهم إلى المدرسة مهمة شديدة التعقيد وأكد أن التسرب مرتبط مباشرة بالوضع الاقتصادي وكل تحسن يطرأ على دخل العائلة ينعكس تلقائيا بانخفاض أعداد المتسربين في هذا السياق تعمل وزارة التربية والتعليم في سورية على إعادة ربط الأسر الأكثر فقرا ببرامج الحماية والدعم الاجتماعي وذلك بالتنسيق مع وزارات أخرى ولا سيما وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إذ إن تحسين الوضع الاقتصادي شرط أساسي لضمان الحق في التعليم وقد شدد الوزير على أن جعل الحق في التعليم في متناول كل طفل سوري وعلى كامل الجغرافيا السورية يمثل واجبا وطنيا مشيرا إلى صدور مرسوم رئاسي يسمح للمدارس الدولية بالعمل في سورية أخيرا لكن هذا المسار يصطدم بتحديات كبيرة أبرزها تضرر واسع في البنية التحتية ونقص في المستلزمات التعليمية يذكر أن نحو ثمانية آلاف مدرسة في سورية تحتاج إلى إعادة تأهيل وقد رمم حتى الآن أكثر من ألف مدرسة منها فيما تخضع نحو ألف مدرسة أخرى لأعمال ترميم في الوقت الراهن أي ما بين 15 و18 من إجمالي المدارس المتضررة وفي محاولة لإعادة ضبط المنظومة التعليمية اتخذت وزارة التربية والتعليم السورية قرارا بتوحيد المناهج والصفوف الانتقالية في خلال العام الدراسي الحالي على أن تجرى امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية في عام 2026 وفقا للمناهج القديمة وحددت عام 2027 موعدا لتوحيد المناهج والامتحانات العامة في عموم سورية تجدر الإشارة إلى أن نحو 570 ألف طفل عادوا من المهجر إلى مدارس سورية في الفترة الأخيرة بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم التيnbsp اعتمدت مناهج خاصة تتيح للمنقطعين إتمام عامين دراسيين في عام واحد لتعويض الفاقد التعليمي كذلك نفذت الوزارة برامج دعم نفسي للأطفال بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف في محاولة لمعالجة الآثار النفسية العميقة التي خلفتها سنوات الحرب وأعلنت الوزارة إعادة المعلمين المفصولين على خلفية دعمهم الثورة السورية وقد باشر نحو 11 ألف معلم أعمالهم حتى الآن بالتوازي مع الجهود المبذولة لتوحيد أوضاع المعلمين من ضمن نظام إداري مالي موحد