تعرض الدولار لضربات مزدوجة خلال العام الجاري لأسباب عدة من أبرزها تراجع الثقة بالأصول الأميركية وتنامي المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية داخل الولايات المتحدة وخارجها على خلفية تداعيات حرب الرسوم الجمركية الخطيرة التي شنها دونالد ترامب على الأسواق والتجارة والاستثمار في العالم وما أسفر عنه من اندفاع دول عدة نحو تقليص حيازة العملة الأميركية وحيازة عملات وأدوات استثمار أخرى أبرزها اليورو والذهب وانعكس النزاع الحاد بين ترامب ومجلس الاحتياطي الفيدرالي البنك المركزي الأميركي بشأن خفض أسعار الفائدة وتهديد ترامب أكثر من مرة بعزل رئيس البنك جيروم باول والمخاوف المتنامية على استقلالية الفيدرالي على سعر الدولار والذي تأثر سلبا أيضا بعودة شبح التضخم والركود وتباطؤ النمو وضعف سوق العمل وفرص التشغيل وغيرها للأسواق الأميركية وتذمر المواطن الأميركي المتنامي من سياسات ترامب الاقتصادية والتي أسفرت عن زيادات في أسعار السلع الرئيسية وتأجيل خفض تكلفة الأموال كما اتسمت بالعنف والاندفاع ومراعاة المصلحة الأميركية أولا حتى لو أدت إلى إلحاق أضرار فادحة بالدول والأسواق الخارجية إلى جانب إخفاق ترامب في إحداث خفض كبير في أسعار الوقود والأدوية كما وعد في بداية فترته الرئاسية وتلقى الدولار ضربات بسبب أزمات أخرى منها الإغلاق الحكومي وتفاقم الدين العام والذي تجاوز 38 تريليون دولار ويكلف الموازنة الأميركية نحو تريليون دولار سنويا وخفض البنك الفيدرالي سعر الفائدة ثلاث مرات خلال العام الجاري وتوقعات بخفض إضافي في العام المقبل وأخطر الأسباب التي ضغطت على الدولار هو الانسحاب الهادئ للدول ذات الاحتياطيات النقدية الضخمة من الأسواق الأميركية ومنها سوق السندات والودائع فقد تراجعت حيازة الصين من السندات الأميركية إلى 688 7 مليار دولار خلال أكتوبر تشرين الأول الماضي مقارنة بنحو 1 32 تريليون دولار عام 2011 وهو ما يعني سحب الصين أكثر من 667 مليار دولار كانت مستثمرة في أدوات الدين الأميركية وكذا الحال في ما يخص الصين وروسيا وتركيا وبريطانيا وإن كان بكميات أقل ثمة ضربات أخرى للعملة الأميركية قادمة من دخول الذهب والفضة والعملات الرقمية في منافسة حادة مع الدولار واستقطاب تلك الأدوات المالية شبه الآمنة تريليونات الدولارات خلال العام 2025 وبسبب تلك العوامل وغيرها تلقى الدولار ضربة تلو الأخرى في العام الجاري أولى الضربات تمثلت في تراجع سعره بنسبة تقارب 10 مقابل العملات الرئيسية وهو أكبر انخفاض سنوي منذ العام 2003 بل يتجه الدولار نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من عقدين مع توقعات المستثمرين بخفض الفيدرالي أسعار الفائدة العام المقبل والضربة الثانية هي ضعف ثقة الأسواق المالية والمستثمرين والبنوك المركزية بالدولار وهو ما تمت ترجمته في تراجع حصة الدولار من الاحتياطيات النقدية العالمية خلال الربع الثالث من عام 2025 مقابل ارتفاع نصيب اليورو والين الياباني وبحسب أحدث بيانات لصندوق النقد الدولي فقد انخفضت حصة الدولار إلى 56 92 بنهاية سبتمبر أيلول مقارنة بـ 57 08 في نهاية الربع الثاني بينما ارتفعت حصة الاحتياطيات المقومة باليورو إلى 20 33 مقابل 20 24 في الفترة السابقة كما زادت حصة الين الياباني إلى 5 82 في الربع الثالث من 5 65 في الربع الثاني وهناك ضربات أخرى للعملة الأميركية قادمة من دخول الذهب والفضة والعملات الرقمية في منافسة حادة مع الدولار واستقطاب تلك الأدوات المالية شبه الآمنة تريليونات الدولارات خلال العام 2025 وتوجه بنوك مركزية كبرى نحو زيادة سعر الفائدة وليس خفضها وهو ما يزيد الضغوط على الورقة الخضراء وربما يهدد مكانتها عملة احتياط مفضلة عالميا لكن على المدى البعيد