حرب الأجنحة بين الجمهوريين والعلاقات مع إسرائيل في القلب منها
٥٥ مشاهدة
من أبرز سمات المشهد السياسي الأميركي في عام يشارف على نهايته أنه شهد انفجار الخلافات بين أجنحة الحزب الجمهوري وكانت العلاقات مع إسرائيل إحدى الشرارات التي أشعلت ناره إلى غير رجعة على ما يبدو ومنذ نحو عقد من الزمن يمر الحزب الجمهوري بحالة تضعضع إذ انتقل من نموذج الحزب المحافظ التقليدي الذي طبع حقبة الرئيس رونالد ريغان في ثمانينيات القرن الماضي إلى حزب أعاد دونالد ترامب تشكيله على أسس مختلفة تحت شعاري أميركا أولا ولنجعل أميركا عظيمة مجددا هذا التحول لم يكن شكليا بل مس جوهر الخطاب السياسي والعلاقة مع الحلفاء ومفهوم الدور الأميركي في العالم ما فتح الباب أمام صراعات داخلية لم تعد قابلة للاحتواء بالآليات الحزبية التقليدية على هذا الأساس أمسك الرئيس ترامب الحزب منذ 2016 لينبثق منه تيار يؤيد شعار الرئيس ترامب أميركا أولا لكنه يعترض على سياساته الخارجية وفي مقدمتها العلاقات مع إسرائيل ومن أبرز رموزه الإعلاميين تاكر كارلسون وستيف بانون فيما توزعت الرموز التقليدية في الحزب بعد سيطرة ترامب على الحزب بين رافض لخط الرئيس مثل نائبه السابق مايك بانس ومن التبست عليه الأمور مثل مؤسسة هاريتاج فاوندايشن العريقة في خطها المحافظ المتشدد والتي توزعت في ميولها بين نهج بانس وخط كارلسون بانون ورغم هذا التباين الحاد حرص ترامب على إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع معظم هذه التيارات باستثناء مايك بنس الذي بدا أنه خرج نهائيا من دائرة التفاهم مع الرئيس سياسيا وشخصيا على حد سواء في الآونة الأخيرة بدأ التململ يتبلور في هذا المشهد الجمهوري المعقد الذي يمر في مرحلة مخاض إذ اصطفت صفوف التيار الكلاسيكي فيه المعروف باسم حزب ريغان ضد سياسات ترامب قبل أن يتحول التململ بعد الفوز الكاسح للحزب الديمقراطي في الانتخابات الفرعية في عدد من الولايات في نوفمبر تشرين الثاني الفائت إلى اعتراض مكشوف ثم إلى تمرد شمل عددا من النواب الجمهورين مثل النائبة مارجوري تايلور غرين التي انقلبت 180 درجة ضد الرئيس ترامب بعد أن كانت من أكثر المقربين منه nbsp ويتردد أن أجواء الجمهوريين في مجلس الشيوخ بدأت تشهد مثل هذا التحول ولو بالهمس في ضوء اقتراب الانتخابات النصفية في نوفمبر تشرين الثاني القادم الأمر الذي دفع باتجاه الفرز بين هذه التشكيلات الحزبية التي صار من الصعب استمرار التعايش بينها وبما قاد إلى دخول هذه الأجنحة في حرب تفكيك فكري وسياسي وإعلامي وأيضا إسرائيلي تجلى ذلك أخيرا في تطورين أولهما وصول التمزق أخيرا إلى مؤسسة هاريتاج فاوندايشن للدراسات والأبحاث في واشنطن التي تعتبر معقل الفكر المحافظnbsp ومرجعيتهnbsp وطروحاته وسياساته التي يعتمدها أو على الأقل يستضيء بها الجمهوريون في الإدارة والكونغرس ومطابخ الرأي إذ ترك فريق وازن من كبار الباحثين فيها 15 والحبل على الجرار المؤسسة اعتراضا على امتناع قيادتها عن إدانة تاكر كارلسون لإجرائه مقابلة مع ناشط من ذوي التوجهات النازية المعادية للسامية وإسرائيل أما التطور الثاني فكان في المؤتمر السنوي الذي عقدته منظمة نقطة تحول في أميركا التي تأسست في 2012 للترويج للطروحات المحافظة في صفوف الطلاب الجامعيين على يد الناشط الجمهوري المحافظ تشارلي كيرك الذي اغتيل في 10 سبتمبر أيلول الماضي شارك في المؤتمر العديد من وجوه المحافظين الموزعين على الأجنحة أعلاه والذين اشتبكوا في جولات من التراشق الشخصي الجارح والاتهامات التي تناولت القضايا الخلافية بينهم وبالتحديد الموقف من إسرائيل nbsp وخلال المؤتمر هاجم بن شابيرو أحد أبرز الرموز المؤيدة لإسرائيل الناشطة والكاتبة كنداس أونز بزعم أنها عملت على ترويج مؤامرة مفادها أن جهات حكومية إسرائيلية قد تكون شاركت في مقتل الناشط المحافظ كيرك لترد الإعلامية المحافظة ماغين كيلي على التهمة بالقول إن تزايد معاداة السامية في أميركا يعود إلى الجهود التي يبذلها شابيرو وأمثاله من مؤيدي إسرائيل لمنع أي نقد لتل أبيب هذا السجال لم يكن معزولا عن سياقه الأوسع إذ ظهرت أصداء مشابهة لهذا الخلاف في مناسبات سياسية وانتخابية أخرى من بينها الحملة الانتخابية للمرشح الديمقراطي لمقعد مجلس الشيوخ في ولاية تكساس جيمس تالاريكو وتعد مسألة دمج نقد إسرائيل مع معاداة السامية رائجة خصوصا خلال حرب الإبادة والتجويع في غزة التي تحدثت عنها دون مواربة جهات أميركية إعلامية وأكاديمية مثل البروفيسور جيفري ساكس وجهات وسياسية مثل السيناتور بيرني ساندرز وغيره ومن المعروف أن ملف العلاقة بين واشنطن وإسرائيل مفتوح بوتيرة متزايدة وغير مسبوقة عبر منابر مؤثرة مثل كارلسون وبانون وغيرهما إذ يرى الأول أن الربط بين نقد إسرائيل ومعاداة السامية مهين لأميركا فيما يذهب الثاني إلى حد اتهام الموساد بالتجسس على وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي إيه لمصلحة إسرائيل رغم كل ما سبق يبقى هذا الخطاب في إطار التصريحات فقط إذ إن خلخلة العلاقات بين واشنطن وتل أبيب إن حصلت تبقى مسألة طويلة الأمد إلا أن الجديد في مثل هذا الكلام والتصريحات أنها بدأت تظهر بلغة غير مسبوقة وعبر وسائط سياسية وإعلامية مختلفة وفي توقيت يتزامن مع تراجع ملموس في رصيد إسرائيل داخل الولايات المتحدة حتى إن الرئيس حذر أخيرا اليهود الأميركيين من تراجع قوة اللوبي الإسرائيلي وصورة إسرائيل في العالم وفي هذا السياق استوقفت ملاحظته وكأنها كانت تحمل رسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أو ربما لتحقيق غرض آخر