أدى قرار رفع أسعار الكهرباء في دمشق إلى تغير ملحوظ في أنماط استهلاك الطاقة لدى الأسر مع توسع الاعتماد على منظومات الطاقة الشمسية بديلا عمليا للحد من كلفة الفواتير المتصاعدة في ظل دخول محدودة وضغوط معيشية متزايدة وقال موظفون وأصحاب محال تجارية لـالعربي الجديد إن فواتير الكهرباء بعد تطبيق التعرفة الجديدة باتت تشكل عبئا يفوق قدرتهم على التحمل حيث تجاوزت في بعض الحالات نصف الدخل الشهري ما دفعهم إلى الاستثمار في منظومات شمسية راوحت كلفتها بين 22 و30 مليون ليرة سورية راتب النابلسي موظف حكومي من حي ركن الدين يقول إن فاتورة الكهرباء بعد القرار الأخير ستكون غير منطقية قياسا بالدخل ويضيف لـالعربي الجديد أن الفاتورة من المتوقع أن تتجاوز نصف الراتب ما جعله يشعر بأن الاستمرار على النمط السابق لم يعد ممكنا وتابع بعد تردد طويل قررت تركيب منظومة شمسية بكلفة قاربت 22 مليون ليرة نحو 1600 دولار كان المبلغ صادما في البداية لكنه بدا أقل قسوة من فواتير تتراكم دون أفق ويوضح النابلسي أنه بات يعتمد اليوم على المنظومة لتأمين الإنارة وتشغيل البراد وبعض الأجهزة الأساسية واصفا التجربة بأنها خيار اضطراري منح العائلة حدا أدنى من الاستقرار nbsp وفي منطقة المزة تتحدث وفاء اليوسف عن تحول مشابه لكنه ترافق مع تغيير جذري في نمط الحياة داخل المنزل تقول لـالعربي الجديد إن قرار تركيب منظومة شمسية جاء بعد نقاشات طويلة داخل الأسرة خصوصا مع اقتراب فصل الشتاء وبداية العام الدراسي وتابعت لم نعد نشغل أي جهاز دون حساب وتشير إلى أن الغسالة وسخان الماء والطباخ الكهربائي خرجت إلى حد كبير من الاستخدام اليومي ورغم أن كلفة المنظومة بلغت نحو 28 مليون ليرة نحو ألفي دولار فإنها تعتبرها استثمارا طويل الأمد فرضته ظروف لم تترك مجالا حقيقيا للاختيار nbsp أما نادر السلوم صاحب محل ألبسة في حي برزة البلد فذهب إلى خطوة أبعد حين قرر إلغاء اشتراكه الرسمي بعداد الكهرباء يروي لـالعربي الجديد أن الفاتورة الشهرية باتت تلتهم جزءا كبيرا من أرباحه ما جعله يعتبر العداد خسارة ثابتة وبعد استشارة فنية ركب منظومة شمسية أكبر نسبيا بكلفة وصلت إلى 30 مليون ليرة نحو 2100 دولار تغطي احتياجات المنزل والمحل معا وتابع كنت أدفع هذا المبلغ على شكل عجز متكرر واليوم أدفعه مرة واحدة ويؤكد أن القرار لم يكن سهلا لكنه كان الأقل ضررا شكاوى وضغوط معيشية هذه التحولات لم تمر من دون صدى لدى الجهات المعنية إذ يقول رئيس جمعية حماية المستهلك عبد العزيز المعقالي لـالعربي الجديد إن الجمعية تلقت عقب صدور قرار رفع أسعار الكهرباء عددا كبيرا من الشكاوى والبلاغات من مواطنين عبروا عن عجزهم عن تحمل الفواتير الجديدة ويوضح أن الجمعية قامت بدراسة هذه البلاغات وأعدت مذكرة رسمية رفعت إلى وزارة الاقتصاد والصناعة تضمنت جملة ملاحظات وتوصيات أبرزها الدعوة إلى تأجيل تطبيق القرار مدة لا تقل عن ستة أشهر ويرى المعقالي أن هذا التأجيل ضروري لإتاحة المجال لمعالجة الفواتير المتراكمة وضمان إصدارها بشكل أكثر عدالة معتبرا أن توقيت القرار المتزامن مع بداية العام الدراسي واقتراب فصل الشتاء يفاقم الأعباء على الأسر وفي السياق نفسه يرى الخبير الاقتصادي الدكتور علي الأحمد أن ما يحدث اليوم في دمشق هو نتيجة طبيعية لاختلال العلاقة بين الدخل وكلفة الطاقة ويقول لـالعربي الجديد إن اللجوء إلى الطاقة الشمسية لم يعد خيارا بيئيا أو استثماريا بحتا بل تحول إلى آلية دفاع اجتماعي في مواجهة تراجع القدرة الشرائية ويشير إلى مفارقة لافتة تتمثل في أن كلفة تركيب المنظومات الشمسية أصبحت أقل نسبيا مما كانت عليه في السنوات السابقة سواء بسبب تراجع أسعار بعض المكونات عالميا أو نتيجة دخول منافسين جدد إلى السوق المحلية ويضيف الأحمد أن هذه المفارقة تبدو أكثر وضوحا عند مقارنتها بمرحلة ما قبل سقوط النظام السابق حين كانت الطاقة الشمسية حكرا على الميسورين وتابع في تلك الفترة لم تكن المشكلة في سعر الألواح فقط بل في الضرائب والرسوم المرتفعة المفروضة على استيرادها ما جعل تركيب منظومة شمسية حلما بعيد المنال لغالبية السوريين يقول معتبرا أن تراجع تلك القيود ساهم في توسيع قاعدة المستخدمين حتى وإن بقيت الكلفة مرتفعة قياسا بالدخل بدائل تقليدية وبالتوازي مع انتشار الألواح فوق الأسطح تغيرت تفاصيل الحياة اليومية داخل البيوت الدمشقية فقد عادت وسائل التدفئة التقليدية لتحل محل المدافئ الكهربائية وتراجع استخدام الأجهزة ذات الاستهلاك العالي لصالح حلول أبسط وأقل ضغطا على المنظومات الشمسية كما نشط البحث عن أجهزة موفرة للطاقة من البرادات منخفضة الاستهلاك إلى مصابيح الليد والمراوح التي تعمل مباشرة على الطاقة الشمسية وبرغم الجدل المستمر حول تعرفة الكهرباء الجديدة يبدو أن الشارع الدمشقي اتخذ قراره العملي فبين فواتير متصاعدة ودخول محدودة اختارت شريحة واسعة الاستثمار في الشمس لا بوصفها حلا مثاليا بل خيارا أقل كلفة على المدى الطويل وفي مدينة اعتادت التكيف مع الأزمات باتت الألواح الشمسية اليوم علامة جديدة على اقتصاد الضرورة وعلى مجتمع يعيد صياغة عاداته تحت ضغط الواقع بحثا عن حد أدنى من الأمان الطاقي ويقوم نظام التعرفة الجديد على تقسيم الاستهلاك الكهربائي إلى أربع شرائح رئيسية في محاولة لمراعاة الفروق بين القدرات المعيشية وأنماط الاستخدام إذ خصصت الشريحة الأولى لأصحاب الدخل المحدود ممن لا يتجاوز استهلاكهم 300 كيلوواط ساعة شهريا بسعر 600 ليرة نحو أربعة سنتات للكيلوواط الواحد مع دعم حكومي يقدر بنحو 60 أما الشريحة الثانية التي تشمل ذوي الدخل المتوسط والمشاريع الصغيرة ممن يتجاوز استهلاكهم هذا الحد فقد حدد سعر الكيلوواط فيها بنحو 1400 ليرة نحو عشرة سنتات وفي الشريحة الثالثة التي تضم المؤسسات المعفاة من التقنين مثل المصانع وبعض الجهات الحكومية ارتفعت التعرفة إلى نحو 1700 ليرة نحو 12 سنتا للكيلوواط في حين جاءت الشريحة الرابعة الأعلى كلفة مستهدفة الاستهلاكات المرتفعة كإنارة اللوحات الإعلانية بسعر بلغ 1800 ليرة نحو 13 سنتا للكيلوواط الواحد بما يعكس توجها رسميا لرفع العبء عن الشرائح الأدنى مقابل تحميل الاستخدامات العالية جزءا أكبر من الكلفة