صادرات تركيا تقلب معادلة النمو قفزة تاريخية وسط ركود عالمي
١٣ مشاهدة
كشفت حصيلة الصادرات التركية خلال العام 2025 عن تحول نوعي في موقع التجارة الخارجية داخل الاقتصاد بعدما سجلت حتى مطلع كانون الأول ديسمبر الجاري أعلى قيمة صادرات على الإطلاق وتخطت 270 مليار دولار رغم الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد من صقيع وفيضانات أثرت على الإنتاج الزراعي وصادراته لدرجة أن مراقبين وصفوها بـنكبة زراعية nbsp وأظهرت البيانات الرسمية اتساع خريطة الشركاء التجاريين لأنقرة في وقت تتسم فيه البيئة الاقتصادية العالمية بتباطؤ الطلب وارتفاع تكاليف التمويل واضطراب سلاسل الإمداد وكذلك اتساع رقعة الصادرات نحو دول الجوار ومجموعة العشرين مع تسجيل تطورات لافتة في خريطة الشركاء أبرزها القفزة القوية في الصادرات إلى سورية بما يعكس تحولات ملموسة في اتجاهات التجارة التركية وقدرتها على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية وسجل حضور المنتجات التركية في دول الجوار هذا العام زيادة بنسبة 3 4 مقارنة بعام 2024 لتصل قيمة الصادرات حتى مطلع ديسمبر كانون الأول الجاري إلى 25 3 مليار دولار وفق بيانات وزارة التجارة التركية التي أظهرت أيضا ارتفاع إجمالي الصادرات التركية خلال عام 2025 بنسبة 3 7 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي وزادت صادرات تركيا إلى دول الجوار وإن بوتيرة أقل من الزيادة المسجلة مع الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة العشرين التي بلغت وفق المصادر الرسمية نحو 100 مليار دولار خلال العام الجاري وبلغت صادرات تركيا إلى دول الجوار وهي أذربيجان وبلغاريا وجورجيا وإيران والعراق وسورية واليونان نحو 25 مليارا و310 ملايين و335 ألف دولار nbsp العراق بالصدارة وسورية الأعلى نموا وتصدر العراق قائمة دول الجوار المستوردة من تركيا بقيمة تقارب 9 3 مليارات دولار تليه بلغاريا بنحو 4 2 مليارات دولار ثم اليونان بنحو 3 2 مليارات دولار وتراجعت إيران عن أوائل الشركاء التجاريين رغم حرص البلدين على إيصال التبادل إلى 10 مليارات دولار كما أكد وزير الصناعة والتعدين والتجارة الإيراني محمد أتابك خلال لقائه وزير التجارة التركي عمر بولاط في أنقرة الشهر الماضي وكان التطور الأبرز في صادرات تركيا لعام 2025 هو الارتفاع الحاد في الصادرات إلى سورية التي جاءت في المرتبة الأولى من حيث أعلى معدل نمو سنوي بين دول الجوار بنسبة 54 2 تلتها أذربيجان بنسبة 6 1 ثم بلغاريا بنسبة 6 ويفسر الاقتصادي التركي أوزجان أويصال هذه التحولات في خريطة الشركاء التجاريين بأن إيران عاشت عام حرب وحصار الأمر الذي صعب التبادل التجاري في حين أن هذا العام بالنسبة لسورية كان عام استيراد نتيجة شلل الإنتاج وتهديم البنى فضلا عن الانفتاح على تركيا وتخفيض الرسوم فيما بين البلدين بعد التحرير وأشارت وزارة التجارة التركية إلى أن صادرات تركيا إلى دول مجموعة العشرين ارتفعت بنسبة 46 2 بين عامي 2020 و2024 لتتجاوز 100 مليار دولار العام الماضي وتبلغ نحو 75 6 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري وتضم مجموعة العشرين الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والسعودية وجنوب أفريقيا وتركيا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي وحول قيمة الصادرات إلى دول مجموعة العشرين التي بلغت 75 6 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري مقارنة بتجاوزها 100 مليار دولار خلال العام الماضي قال أويصال لـالعربي الجديد إن من بين دول المجموعة شركاء تركيا التقليديين وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي إضافة إلى روسيا التي تصنف ثالث أكبر شريك تجاري لتركيا بعد الصين والهند وأشار إلى أن الحديث عن مجموعة العشرين يعني التعامل مع أكثر من 80 من الناتج الاقتصادي العالمي وأكثر من 75 من حجم التجارة الدولية ويلفت الاقتصادي التركي إلى أن آفاق تركيا التجارية تبدو واعدة أيضا مع منظمة الدول التركية التي تشهد نموا متسارعا خلال السنوات الأخيرة معتبرا أن من أسرار ثبات الصادرات التركية وزيادتها نجاحها في اختراق القارات الخمس ولا سيما بعد توسع حضورها في القارة الأفريقية وتحسن علاقاتها التجارية مع دول أميركا الجنوبية والولايات المتحدة خلال الأعوام الماضية وكان وزير التجارة التركي عمر بولاط قد أعلن الأسبوع الماضي أن الصادرات التركية ارتفعت خلال العام الجاري بنسبة 2 9 في حين تراجعت الواردات بنسبة 4 4 وأوضح أن قيمة الصادرات قفزت من 262 مليار دولار في عام 2024 إلى 270 6 مليار دولار خلال العام الجاري وأضاف بولاط أن الاقتصاد التركي نما بنسبة 3 7 خلال الربع الثالث من العام الحالي مؤكدا أن الصادرات تعد أحد المحركات الرئيسية للنمو الصناعي وأن تركيا حققت نموا على مدى 21 ربعا متتاليا متجاوزة هدف البرنامج متوسط المدى المتمثل في بلوغ الدخل القومي 1 538 تريليون دولار أعلى مستوى بتاريخ تركيا وتتطابق هذه الأرقام إلى حد كبير مع تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي حين أعلن أن حجم الصادرات السنوية لبلاده بلغ في أكتوبر تشرين الأول 270 2 مليار دولار وهو أعلى مستوى في تاريخ تركيا كما أشار أردوغان إلى أن صادرات قطاع الخدمات بلغت 91 9 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري وأن الحكومة تستهدف رفع صادرات السلع والخدمات من 379 مليار دولار في عام 2024 إلى 390 مليار دولار بنهاية عام 2025 وتركز أنقرة على رفع قيمة الصادرات لتعزيز تنافسية منتجاتها في الأسواق الخارجية وتوفير العملات الأجنبية لدعم توازن العرض والطلب في السوق المحلية وتحسين سعر صرف الليرة التركية التي سجلت 42 5 ليرة مقابل الدولار إضافة إلى تعزيز موقع البلاد في سلاسل الإنتاج العالمية واعتمدت الحكومة خلال السنوات الأخيرة سياسات لدعم الإنتاج المحلي شملت برامج تحفيز وتسهيلات تمويلية للصناعات التصديرية إلى جانب مساع لتحسين ميزان الحساب الجاري عبر زيادة عائدات التصدير والسياحة والخدمات ويرجح مراقبون أن الزيادة في صادرات الصناعات الدفاعية عوضت جزئيا تراجع الصادرات الزراعية والصناعية خلال عام وصف بعام الكوارث الزراعية إذ تجاوزت صادرات الصناعات الدفاعية 7 مليارات دولار وفق تقرير سابق لوكالة الأناضول وارتفعت صادرات قطاع الدفاع والطيران من 2 2 مليار دولار في عام 2020 إلى أكثر من 7 مليارات دولار في عام 2024 مستفيدة من قيمتها المضافة العالية والتطور التكنولوجي المتسارع ويؤكد المراقبون أن تنوع الصادرات التركية جغرافيا وقطاعيا بين الزراعية والصناعية والدفاعية لعب دورا حاسما في إعادة توازن النمو الاقتصادي في ظل تباطؤ التجارة العالمية وارتفاع تكاليف التمويل واضطراب سلاسل الإمداد وأسهم ارتفاع الصادرات إلى مستويات قياسية واتساع قاعدة الشركاء التجاريين في دعم النمو الصناعي وتخفيف الضغوط على الميزان التجاري والحساب الجاري بما حول الصادرات من عامل داعم إلى عنصر فاعل في توجيه مسار النمو خلال عام اتسم بظروف اقتصادية عالمية غير مواتية الصادرات للخليج تتضاعف 4 مرات وسجلت الصادرات التركية مع دول الخليج العربي تضاعفا بنحو أربع مرات خلال السنوات الأخيرة لتبلغ نحو 127 مليار دولار كما برزت الولايات المتحدة بما هي أحد الأسواق التي شهدت تطورا ملحوظا في حجم الصادرات هذا العام من دون أن يلغي ذلك تراجع التبادل التجاري مع روسيا بنحو 10 مقارنة بعام 2023 حين بلغ حجم التبادل 56 5 مليار دولار لتصبح تركيا ثالث أكبر شريك تجاري لروسيا بعد الصين والهند وتشهد العلاقات الاقتصادية بين أنقرة وواشنطن تطورا متدرجا في ظل تطلعات مشتركة لبلوغ حجم تبادل تجاري قدره 100 مليار دولار بحسب تصريحات متكررة للرئيس أردوغان وفي هذا السياق أعلن وزير التجارة عمر بولاط الذي يزور الولايات المتحدة أنه بحث مع نظيره الأميركي هوارد لوتنيك سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية بين البلدين وأكد في تدوينة عبر منصة إن سوسيال التركية التزام الجانبين بتحقيق هدف التبادل التجاري البالغ 100 مليار دولار وبحسب البيانات الرسمية ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا والولايات المتحدة من 21 7 مليار دولار في عام 2020 إلى 27 8 مليار دولار في 2021 ثم إلى 32 1 مليار دولار في 2022 قبل أن يتراجع إلى 30 7 مليار دولار في 2023 ليعاود الارتفاع إلى 32 5 مليار دولار خلال العام الماضي وحول كيفية وصول تركيا لمستوى قياسي بصادراتها رغم ما مر به اقتصادها من تراجع بالإنتاج الزراعي وحتى بعض الصناعي كالغزل والنسيج والألبسة والأهم الاضطرابات بالمنطقة وما يتركه الجيوسياسي على التجارة والاقتصاد يرى الاقتصادي التركي خليل أوزون أن الإجابة تكمن في تبدل بنية الصادرات التركية إذ لم يعد النسيج والألبسة وحتى الخضر والفواكه على أهميتها وما تشكله من الصادرات اهتمام بلاده الأساسية بالصادرات وزيادة قيمتها ويضيف أوزون خلال حديثه لـالعربي الجديد أن ما وصفه الشكل التقليدي للصادرات التركية قد تبدل بعد دخول التكنولوجيا والمركبات والعدد الصناعية والأهم الصناعات الدفاعية على بنية الصادرات والتي تشكل القيمة الأكبر والطلب الأهم للدول المستوردة ويلفت الاقتصادي التركي إلى أن صادرات المركبات خلال عام 2025 تعدت 37 مليار دولار نحو 15 من إجمالي الصادرات بل وحققت تلك الصادرات حضورا بأكثر من 200 دولة ومنطقة حرة ومستقلة حول العالم وأضاف لو قرأنا بيانات اتحاد مصدري المركبات في أولوداغ بولاية بورصا لرأينا أن الدول الأوروبية ألمانيا فرنسا واسبانيا بالمرتبة الأولى وهو ما يدل على تنافسية الصادرات التركية وجودتها تحول لافت وسط منافسة صينية وحول انعكاس الزيادة المتسارعة في الصادرات التركية على وفرة المعروض ومستويات الأسعار في السوق المحلية لا سيما في ظل استمرار الضغوط المعيشية وارتفاع التضخم إلى نحو 31 وتراجع القدرة الشرائية للأتراك خصوصا شريحة العاملين بأجر الحد الأدنى الذي يبلغ نحو 22 ألف ليرة شهريا مقابل كلفة معيشة تقدر بنحو 90 ألف ليرة للأسرة الواحدة وفق تقديرات اتحاد العمال يقول صاحب متاجر فاتح ماركت في إسطنبول إلهان آدم لـالعربي الجديد إن وفرة السلع في السوق المحلية لم تتأثر إطلاقا بارتفاع الصادرات موضحا أن الزيادات السعرية ولا سيما في الفواكه والسلع الاستهلاكية تعود أساسا إلى معدلات التضخم وتراجع سعر صرف الليرة لا إلى نقص المعروض وأشار إلى أن بعض الأسعار شهدت انخفاضا فيما استقرت أخرى خلال الشهر الأخير ويلفت آدم إلى أن البازارات الأسبوعية المنتشرة في مختلف الولايات والأحياء التركية تظل خيارا مهما للمستهلك المحلي لما توفره من تنوع واسع في السلع وأسعار أقل مقارنة بالمتاجر التقليدية موضحا أن هذه الأسواق لا تقتصر على المواد الغذائية بل تشمل الملابس والمنتجات المنزلية ومختلف احتياجات الأسرة من جهته يرى المحلل الاقتصادي التركي علاء الدين شنكولر أن التحول في بنية الصادرات التركية خلال السنوات الأخيرة أسهم في رفع قيمتها دون إحداث ضغط مباشر على السوق الداخلية ويشير في حديثه لـالعربي الجديد إلى أن نحو نصف الصادرات التركية بات يتكون من مركبات ومنتجات صناعية ذات تكنولوجيا متوسطة وعالية بعدما أعادت الحكومة توجيه استراتيجيتها بعيدا عن الاعتماد التقليدي على تصدير المواد الأولية والمنتجات الزراعية والملابس فقط وأوضح شنكولر أن السياسات الاقتصادية باتت تركز على التأهيل الصناعي والاستثمار في قطاعات التصنيع الموجهة للتصدير لا سيما الصناعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الطيران والفضاء والمعدات الكهربائية وأجهزة الحاسوب والمركبات والمنتجات الطبية إلى جانب القفزة اللافتة في صادرات الصناعات الدفاعية بما يشمل الأسلحة والذخائر ويخلص المحلل التركي إلى أن التصدير يشكل خيارا استراتيجيا للاقتصاد التركي ليس فقط لتعزيز النمو بل لتكريس حضور البلاد في الأسواق الدولية التي تسعى الحكومة إلى توسيعها باستمرار ويقر في الوقت نفسه بتأثير المنافسة الصينية القوية خاصة في قطاع الألبسة وبأثر التباطؤ الاقتصادي العالمي معتبرا أنه لولا هذه العوامل لكانت الصادرات التركية مرشحة لتجاوز 300 مليار دولار هذا العام