قرر المجلس الوزاري للاقتصاد التابع لرئاسة الحكومة العراقية مجموعة قرارات خاصة بتقليص الإنفاق وتعظيم الإيرادات من بينها تقليص الإنفاق للرئاسات الثلاث الجمهورية الوزراء البرلمان وتوحيد رواتب موظفيها وتخفيض تخصيصات الإيفاد لموظفي الدولة إلى 90 في إجراء لم يكن مفاجئا بالنسبة للمراقبين في العراق لا سيما مع وجود تأكيدات كثيرة بشأن قلة السيولة المالية إضافة إلى إنفاق كبير غير مبرر في الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة محمد شياع السوداني وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي في بيان أن السوداني ترأس اجتماعا استثنائيا للمجلس الوزاري للاقتصاد خصص لمناقشة تقليص الإنفاق الحكومي وتعظيم الإيرادات حيث اتخذ المجلس عددا من القرارات المهمة كما ناقش المجلس مخصصات ورواتب الرئاسات الثلاث ووجه السوداني بإجراء مراجعة عاجلة لهذا الملف وكذلك العمل على مساواة رواتب ومخصصات جميع منتسبي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب بمنتسبي رئاسة الوزراء كما وجه السوداني بحسب البيان اللجنة المختصة في وزارة التخطيط بـإجراء التحديث اللازم للتقرير الخاص بتوحيد سلم الرواتب لعموم الموظفين والأخذ بالتوصيات المرفوعة بهذا الشأن وقرر المجلس تخفيض تخصيصات الإيفاد لموظفي الدولة بنسبة 90 ومنعها إلا للضرورة مشروطة بموافقة الوزير وكذلك تخفيض نسبة الإشراف والمراقبة للمشاريع الجديدة ووضع وتفعيل برنامج استيرادي وطني يشمل السلع الأساسية فقط وقرر المجلس أيضا رفع توصية إلى مجلس الوزراء بإعادة النظر بدعم محصول الحنطة وبشكل يضمن أن يكون الدعم الحكومي بنسبة 170 عن سعرها بالبورصة العالمية مشيرا إلى تكليف وزير التجارة بإعادة النظر بالبطاقة التموينية وإصلاحها وتوجيهها لمستحقيها الفعليين من الطبقات الهشة في المجتمع ولفت البيان إلى أن السوداني وجه اللجنة الوزارية المشكلة وفقا لقرار مجلس الوزراء 550 القاضي بإعادة النظر باحتساب الإيرادات غير النفطية في إقليم كردستان العراق التي تودع حاليا بحساب وزارة المالية بمبلغ مقطوع وبالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان كما دعا المجلس إلى دعم وتعزيز العمل بنظام البيان المسبق بهيئة الجمارك بالتنسيق مع البنك المركزي العراقي وتعزيز جباية الكهرباء وإعادة النظر في التعرفة الحالية واعتماد الأتمتة في جميع القطاعات الحكومية وخاصة الجباية وأن تكون بالدفع الإلكتروني حصرا في الكهرباء وجبايات أمانة بغداد والبلديات وفي جميع أنحاء البلد وفي نوفمبر تشرين الثاني الماضي أكد عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي جمال كوجر لـالعربي الجديد أن العراق يواجه أزمة سيولة مالية وهذه حقيقة لكن المخاوف تزداد مع استمرار هذه الأزمة التي تهدد رواتب الموظفين والمتقاعدين بالإضافة إلى المشاريع الخدمية التي سبق أن خصصت لها الحكومة أكثر من 100 مليار دولار موضحا أن العراق لم يتخلص من اعتماده على النفط بوصفه مصدرا رئيسيا لتمويل احتياجات الدولة والعراقيين مع العلم أن النفط تعرض إلى أزمات كثيرة وتقلبات في الأسعار ما أثر بشكل مباشر في الإيرادات وقد سعت الحكومة العراقية خلال الفترة الماضية إلى تنظيم أمور الدورة المالية ومواجهة الضغوط المتزايدة على السيولة النقدية عبر توسيع اعتماد أنظمة الدفع الإلكتروني في إطار ضبط الكتلة النقدية المتداولة خارج النظام المصرفي وتحفيز الإيداعات البنكية إلا أن العراقيين وبسبب جملة من الأسباب والمتغيرات والهواجس التي يشعرون بها تجاه المنظومة الحاكمة في بلادهم لا يثقون كثيرا بالنظام المصرفي ويفضلون الاحتفاظ بأموالهم في منازلهم أو إيداعها ضمن مشاريع صغيرة وتظهر بيانات البنك المركزي العراقي أن نحو 87 من الكتلة النقدية أي ما يعادل 95 تريليون دينار نحو 72 5 مليار دولار من أصل 109 تريليونات لا تزال محفوظة خارج النظام المصرفي ما يضعف فاعلية السياسات النقدية ويعوق قدرة الدولة على مكافحة التضخم وتنشيط الاستثمار ناهيك عن أسباب حكومية مثل زيادة النفقات التشغيلية وانخفاض أسعار النفط ما دفع الحكومة إلى الدين لسداد رواتب الموظفين nbsp من جهته أشار الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني إلى أن أزمة السيولة في العراق قد تتعاظم بسبب التأخر في إيجاد الحلول لها وإلى جانب وجود نحو 90 من العملة العراقية في منازل العراقيين وليس في المصارف فإن الانفاق الحكومي في ظل حكومة محمد شياع السوداني كان كبيرا على المشاريع وغيرها مبينا لـالعربي الجديد أن الإجراءات الأخيرة ليست حلولا استراتيجية إنما هي إجراءات عادية تحدث في ظل وجود مشكلة أو عدم وجودها وفي الحقيقة هناك حاجة فعلية لتنظيم الوضع المالي في العراق والدفع بالعراقيين عبر الإقناع وبناء الثقة إلى وضع أموالهم في المصارف بدل المنازل ويخشى المراقبون من تزايد التحديات المالية التي تواجه الاقتصادي العراقي بشكل مقلق في ظل الإعلان عن ارتفاع الدين الداخلي إلى نحو 91 تريليون دينار عراقي نحو 69 مليار دولار وهو مستوى غير مسبوق في البلاد هذا الارتفاع اللافت في حجم الديون المحلية يعكس عمق الأزمة الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد الوطني نتيجة تراكم السياسات المالية غير المستقرة وتزايد النفقات التشغيلية على حساب الإنفاق الاستثماري