يحارب الاحتلال الإسرائيلي نحو 60 ألف فلسطيني من بلدتي الظاهرية والرماضين جنوب محافظة الخليل جنوبي الضفة الغربية عبر هدم محلاتهم التجارية وطردهم منها والاستيلاء على أراضيهم الزراعية وتسريح الآلاف من عمالهم داخل الخط الأخضر الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 في محاولة لخلق بيئة طاردة تدفعهم إلى هجرة أراضيهم وخلال الأشهر الستة الماضية هدمت سلطات الاحتلال ما يقارب 340 منشأة تجارية في المنطقة ومنعت أصحابها من إعادة افتتاحها بالتوازي مع الاستيلاء على آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية المحاذية لجدار الفصل العنصري المقام على أراضي بلدتي الرماضين والظاهرية الفلسطيني أحمد الزغارنة 43 عاما من بلدة الرماضين يوضح لـالعربي الجديد أنه كان يعمل داخل الخط الأخضر قبل الحرب على غزة لكنه فصل من عمله مع آلاف العمال الفلسطينيين يقول الزغارنة عدنا إلى قريتنا واستأجرنا مساحة من أراض تابعة للبلدية عند المدخل وافتتحنا ست منشآت تجارية وضعنا فيها كل ما نملك كان يعمل لدينا نحو ثلاثين عاملا يعيلون ثلاثين أسرة ويتابع الزغارنة الخسائر التي تكبدناها كبيرة وتصل إلى مئات آلاف الشواكل وبعد حصار المنطقة لم نعد قادرين على تسديد المستحقات ولا أحد يقبل شراء المعدات التي نملكها ثم تسلمنا إخطارات من الاحتلال في الربع الأول من العام الجاري وقدمنا اعتراضات في مكتب الإدارة المدنية الإسرائيلية في مستوطنة بيت إيل المقامة على أراضي مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله لكن دون جدوى فجأة جرفت الطريق أمام محلاتنا في يونيو حزيران الماضي ثم منعنا من فتحها تحت طائلة الغرامات الباهظة وبعد أشهر قليلة هدمت المحلات فجأة رغم أنها تقع على طريق فلسطيني بين بلدتي الرماضين والظاهرية وليس في منطقة نشطة استيطانيا يضيف الزغارنة والذي يشير إلى أنهم تلقوا تهديدات إسرائيلية متكررة قبل الهدم وأن المنطقة التي كانوا يستأجرونها من البلديتين كانت مصدر دخلهم الوحيد ووفق الفلسطيني الزغارنة اليوم لا نستطيع تغطية حاجاتنا الأساسية أو العلاجية للنساء والأطفال ونحاول فقط توفير الحد الأدنى من الطعام والخبز وهذا تحديدا ما يهدف إليه الاحتلال ويؤكد أنه لم يتلق أي مساعدة بعد الهدم قائلا لم يصل إلينا أي دعم لا من الجمعيات ولا المؤسسات الخيرية ولا الجهات الرسمية لقد هدمت محلاتنا وتركنا وحدنا نواجه مصيرنا ويشير الزغارنة كذلك إلى امتلاكهم أراضي محاذية لجدار الفصل العنصري المقام على أراضي بلدتي الرماضين والظاهرية كانوا يزرعونها بالحمضيات والبندورة والزيتون قبل الحرب لكن اليوم لا يستطيع أحد الوصول إليها ومن يقترب يتعرض لإطلاق نار مباشر والوضع صعب من كل الجوانب وفق الزغارنة وينطبق حال هذا المواطن على المزارعين أصحاب المواشي والأغنام الذين لم يعودوا قادرين على رعيها في المناطق الرعوية التي استولى عليها الاحتلال بعدما أصبحت المساحات التي منع الأهالي من الوصول إليها شاسعة وتقدر بنحو ألفي دونم كانت متاحة لهم قبل الحرب أما الآن فلم يعد الوصول إليها ممكنا بحسب مدير بلدية الرماضين أنيس الزغارنة في حديث مع العربي الجديد ويؤكد مدير بلدية الرماضين أن الاحتلال نصب بوابة على المدخل الرئيسي الوحيد لبلدة الرماضين وهي بلدة حدودية ملاصقة لجدار الفصل العنصري ما يضطر الأهالي عند الحركة إلى سلوك طرق فرعية ترابية للوصول إلى القرى المجاورة ومنها إلى مدينة دورا أو الخليل وذلك منذ إغلاق البلدة في ديسمبر كانون الأول من العام الماضي ويؤكد مدير بلدية الرماضين أن هذا الإغلاق حول حياة الناس إلى معاناة يومية وأثر بالحركة التجارية والتعليمية والصحية ويشير إلى أن الاحتلال حفر خندقا عميقا في الشارع بطول كيلومترين وعرض يصل إلى مترين وثلاثة أمتار وعمق يصل ستة أمتار في بعض المناطق أمام المحلات التجارية المهدمة عند مدخل البلدة ويقول مدير بلدية الرماضين لا تزال البلدية حتى اليوم تطالب الارتباط الفلسطيني واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالضغط على الاحتلال للسماح بإعادة تعبيد الطريق الذي جرفه لما يشكله من خطورة على المارة والمركبات خصوصا في فصل الشتاء لكن الرفض ما زال هو الموقف السائد إذ يرفض الاحتلال السماح للبلدية بالعمل في الطريق وتقابل أي محاولة لإصلاحه بالاقتحام وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بدوره يؤكد رئيس غرفة تجارة وصناعة وزراعة جنوب الخليل باسم أبو علان في حديث مع لـالعربي الجديد أن ما يجري في المنطقة يمثل استهدافا مباشرا لوجود الناس ومصدر رزقهم ويوضح أبو علان أن الاحتلال هدم ما يقارب 340 منشأة تجارية شملت محال مبنية من الطوب والحجر إضافة إلى البركسات وحدة مسبقة الإنتاج فيما تضرر نحو 1200 محل تجاري وتوقف معظمها عن العمل في بلدة الرماضين بفعل سياسة منع الوصول وإعاقة الحركة التجارية خلال الأشهر الستة الماضية بشكل مركز أما بلدة الظاهرية فيشير أبو علان إلى أنها تضم أكثر من خمسين ألف نسمة كانت تعتمد على الزبائن القادمين من الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 إذ كان يدخلها سنويا ما يقارب أربعمئة ألف فلسطيني من مناطق النقب إلى جانب مئة ألف زائر من مختلف مناطق جبل الخليل وبعد الحرب على غزة شدد الاحتلال إجراءاته عبر إغلاق المعابر الواصلة بين الظاهرية وأراضي الداخل إلى جانب إغلاق المداخل المرتبطة بالشارع الالتفافي التي تمثل مدخل البلدة الرئيسي الذي يصل إليها مع مختلف المناطق الفلسطينية ما دمر الحركة الاقتصادية بالكامل يؤكد أبو علان ويشير إلى أن منطقة الظاهرية والرماضين كانت تضخ شهريا عشرات الملايين من الشواكل في السوق الفلسطيني وأن ما جرى من هدم وإغلاق يمثل جريمة مركبة تستهدف البنية الاقتصادية في جنوب الخليل وتعمل على خلق بيئة طاردة للسكان عبر ضرب القطاعين التجاري والصناعي ويلفت رئيس غرفة تجارة وصناعة وزراعة جنوب الخليل إلى أن الغرفة التجارية تواصلت خلال الأشهر الماضية مع الاتحاد الأوروبي والارتباط الفلسطيني ومنظمة العمل الدولية وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان وأعدت دراسات متخصصة حول حجم الأضرار وتشمل الدراسة 299 منشأة تجارية وصناعية اضطرت إلى تسريح 1300 عامل منذ بداية الحرب ما يعني أن عددا مماثلا من العائلات بات بلا مصدر دخل ويبين أبو علان أن الاحتلال برر عمليات الهدم بأن المحال تقع في مناطق مصنفة ج أي خاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية رغم أن المنطقة بعيدة عن المستوطنات والطرق الالتفافية التي يستخدمها المستوطنون وأن معظم هذه المحال يقع داخل حدود بلدة الرماضين وخلف البوابة العسكرية التي نصبها الاحتلال على مدخلها ويقول أبو علان بعض المنشآت قائمة منذ ما يراوح بين عامين وعشرة أعوام ومع ذلك نفذ الهدم خلال الأشهر العشرة الماضية فقط وليس منذ بداية الحرب ويشرح أن التحولات على الأرض كانت كارثية إذ تحولت الرماضين من منطقة اقتصادية نشطة إلى منطقة شبه مهجورة فلا يصل إليها الزبائن ولا يتمكن أصحاب المحال أنفسهم من الوصول إليها بعد أن حفر الاحتلال خنادق عميقة أمام واجهاتها ويوضح أبو علان أن المنطقة لا تشهد أي توسع استيطاني فعلي إذ لا يوجد فيها سوى بؤرة واحدة تضم كرفانا بيت متنقل ومستوطنا واحدا فقط تبعد عن منطقة الرماضين عدة كيلومترات ومع ذلك تنفذ هذه الإجراءات الواسعة تحت ذريعة حماية المستوطن ويشير أبو علان إلى أن هذا المستوطن يتمركز في منطقة تبلغ مساحتها نحو عشرة آلاف دونم منع السكان من الوصول إليها منذ اندلاع الحرب على غزة وهو ما يجعل الإجراءات بشكلها الحقيقي مرتبطة بـاستهداف للأرض والسكان وليس لحماية مستوطن واحد