أتى فيلم هيبتا 2 2025 بعد الجزء الأول المبني على عمل أدبي مر عليه تسع سنوات ليكون محطة ثانية مستندة إلى قصة كاتب الرواية محمد صادق محاولا التفوق على الجزء الأول في كل شيء تقريبا لكن السؤال يبقى هل نجح في تلك المحاولة المأمولة أم اتجه ليكون امتدادا تجاريا يركب على صيت الجزء الأول ودوي نجاحه يقدم المخرج هادي الباجوري عبر أربع قصص مختلفة حكاية جديدة تماما عن الحكاية الأصلية تتنوع تلك القصص في أعمار شخوصها ودوافعهم بل وحتى في أوضاعهم الاجتماعية ولذلك سيجد كل مشاهد القصة التي تليق به أو يراها شيقة وسط التنقل الكثيف بين تلك الخطوط السردية وهو تنقل يكاد يفقد المتلقي لياقته وتركيزه يحدث هذا أولا بسبب الخط الدرامي المنقسم للبطلة الرئيسية سارة منة شلبي التي تقدم جزءا من القصة على المسرح أمام جمهور في صيغة مناظرة حول الحب وتاريخه وجذوره النفسية والبيولوجية هذا القسم أخذ مساحة أوسع مما يحتمل ولم تكن الدراما فيه محكمة البناء بل جاءت باهتة وغير واقعية أشبه بمباراة بينغ بونغ بين شخصين منهكين ومصابين بغضب شديد أما القسم الثاني من هيبتا 2 فهو علاقة سارة مع برنامج ذكاء اصطناعي توطد ارتباطها به وتشاركه تفاصيل حياتها بشكل يبدو مرضيا ما يجعل شخصيتها في النهاية تبدو هستيرية لا تتسق رؤيتها للواقع مع ما تعيشه وتفسره غير أن الفيلم يتجاوز هذه الإشكالية في النهاية ويمضي إلى نتيجة قافزة عبر تويست لا يقنع المشاهد بأن للفيلم قيمة أدبية أو سيناريو محكما ورغم الإمكانات المادية الكبيرة التي يتمتع بها الفيلم على مستوى مواقع التصوير وحضور عدد هائل من النجوم بهدف جذب جمهور واسع إلا أنه يعاني بشكل واضح في هوية الشخصيات فالمخرج لم يستغل هذا العدد من الممثلين في بناء حكاية جديدة بل أعاد تدوير نمط دراما المسلسلات العائلية ذاته ويبرز الخلل الأكبر في شخصية أسامة محمد ممدوح الذي أخذ حيزا ضخما من الفيلم بصعوده إلى المسرح أثناء حديث سارة محولا حوارها من مجرد هراء تكنولوجي لرصد الحب إلى مناظرة مرهقة تدور في حلقات حول منطق الحب ومعناه محمد ممدوح بحضوره الجسدي وصوته الجهوري وأدائه خلق حالة عدوانية أدت إلى أداء هستيري مقابل من سارة وجعلت مشاهد المناظرة التي يفترض أنها محور الفيلم مشاهد ثقيلة يتمنى المشاهد تجاوزها على النقيض جاءت قصة عمار كريم قاسم ومي سلمى أبو ضيف محكمة جدا وبنيت دراميا بشكل متماسك حتى بدت نهايتها طبيعية مقارنة ببقية القصص المتشظية التي عجز المخرج عن إنهائها جيدا استخدم الباجوري أفضل أدواته في هذا الخط تحديدا خصوصا على مستوى التصوير الذي اعتمد فلاتر قديمة تمنح إحساسا بالنوستالجيا والدفء وكأننا نشاهد فيديو مصورا بكاميرا قديمة حتى إطار الصورة الضيق بدا مقصودا ليعكس التحجيم الذي يفرضه الزواج فشخصية عمار الطبيب النفسي يشك في كل شيء ويحاول تفسير كل تفصيلة بدقة مفرطة تضيق حدود علاقته بزوجته التي تعاني أصلا من مشكلات مع والدها أما السيناريو الذي كتبه محمد صادق مع محمد جلال وشاركت فيه نورهان أبو بكر وأشرف عليه وائل حمدي فلم يقتصر الأمر على تمرير أخطائه العديدة بل أضاف المخرج إليه ظهورا مباشرا للكاتب محمد صادق داخل الفيلم مروجا لروايته الأخيرة جزءا من استثمار النجاح الأدبي التجاري الذي يحظى به ومحاولة جذب قرائه إلى السينما وهو تفصيل لم يكن الفيلم بحاجة إليه خاصة أن القصة التي وضع فيها هذا الظهور كانت تعاني أساسا خللا ناتجا من الإخراج وتوجيه الممثلين ما أدى إلى أداء مفتعل في النهاية حاول الفيلم استعارة الحالة الأدبية التي ميزت الجزء الأول الذي كان نجاحه قائما على طزاجة القصة الخارجة من رواية جديدة آنذاك عن العلاقات العاطفية بين شباب من خلفيات مختلفة ورغم أن الباجوري نجح في استعادة جزء من هذا الإحساس بصريا فإنه لم يتمكن من مواءمته مع الطابع الإخراجي المتنوع الذي فرضته القصص الجديدة بخلاف الجزء الأول الذي حافظ على روح إخراجية واحدة رغم اختلاف قصصه النقطة الأساسية هنا أن صناع الفيلم اختاروا تكرار تجربة الجزء الأول بعناصر نجاحها فقط لكنهم قدموا نسخة باهتة تفتقر إلى أساس شعري في الصورة وإلى سيناريو متماسك