مهرجان فريج الفن والتصميم رحلة التشكيل إلى الهامش القطري
٧ مشاهدات
يكتسي مهرجان فريج الفن والتصميم في منطقة أم صلال محمد 20 كيلومترا شمال الدوحة أهميته لجهة التحول الرمزي في جغرافية الثقافة القطرية إذ يخرج الفعل من العاصمة إلى هامشها مؤسسا توازنا جديدا بين المشهد المركزي وما يدور على أطرافه بمشاركة 120 فنانا من أكثر من عشرين دولة يقيم الفريج الحي حياة مكتملة بالفعل للمكان القديم الذي تتوزعه المدينة إلى فرجان أحياء في نسخته الثانية التي تختتم اليوم الجمعة حيث يعج المكان بالمعارض ورسامي الشارع والمصممين والورشات الفنية والحرفية والمحلات الشعبية هنا في موقع درب الساعي الفضاء الرئيسي لاحتفالات اليوم الوطني بمساحة تصل إلى 150 ألف متر مربع يبدو مرشحا بقوة ليكون علامة لهذا الجزء من الحمل الثقافي العام من خلال مهرجان فريج الفن والتصميم ومهرجان الدوحة للتصوير الذي تزامن معه وخصص له مبنى يقابل درب الساعي يجمع المهرجان المعارض والورش والسوق في شبكة من البيوت الفنية من بيت المعارض وبيت ورش العمل والخزف والخط واستوديوهات الفنانين وبيت الندوات إضافة إلى سوق الفن والتصميم ومنطقة الأطفال وعازفي الموسيقى بهذا المعنى كان الفريج تصورا مجتمعيا للفن في نسيج حي يتشكل من تعدد الأصوات يتوزع البرنامج على 12 معرضا و14 ورشة عمل يتوزع البرنامج على اثني عشر معرضا وأربع عشرة ورشة عمل بينها سبع ورش دولية يقدمها فنانون تشكيليون من اليابان وإسبانيا وأستراليا والهند وروسيا والكويت تستعيد تقاليد الحرف والفنون من بيئات مختلفة وتعيد وصل المهارة اليدوية بالخيال الفني في محاولة لاستحضار الحس الحرفي داخل الرؤية المعاصرة في قلب هذا التنوع تتقدم معارض رواد الفن القطري حيث نطالع في الغاليري معرضا جديدا للفنان سلمان المالك بعنوان كأنني أتبع أثري حيث برزت من خلال أربع وثلاثين لوحة علاقته مع اللون الكائن إذ يتنفس ويشيخ ويتجدد ويتجاوز كونه وسيطا بصريا اللوحة عند المالك لا تغلق على نفسها هي في حالة خلق دائم بكتلها الكبيرة التي تبدو كأنها تعلمت لغتها وحدها يكتب المالك في كتيب المعرض أسأل نفسي عما تركته خطواتي خلفي وعن معنى الطريق إذا انمحى الأثر هذا التساؤل يختصر رؤيته للوحة من حيث هي رحلة في الذات أكثر منها عملا منجزا فهو يتأمل أثر الخطوة لا مسارها ليعيد بناء العلاقة بين الحلم والمكان والهوية وفي معرض سنة الطبعة الذي أقامه فناء آرت استحضر الفنان العراقي سالم مذكور الذكرى المئوية لكارثة وقعت إثر إعصار ضرب المنطقة حين كان موسم الغوص يقترب من ختامه في مطلع أكتوبر تشرين الأول 1925 كانت سردية بصرية مزجت المأساة بقراءتها مجددا بالعينين المحدقتين على اتساعهما أي كارثة كانت تطيح السفن وتقتل العباد كانت تسمى طبعة فالسفينة طبعت أي غرقت وقد كان غرقا يطيح أرواح الناس والحياة الاقتصادية والاجتماعية حين كان مصدر رزقها البحر من بين المعارض اللافتة أيضا أثر خزافون وأثر لا يزول الذي يجمع عددا من أبرز الخزافين من قطر وخارجها مقدمين أعمالا تتراوح بين النحت الجداري والتجريب في الطين والرماد والأكسدة يتخذ المعرض من مادة الخزف وسيلة لاستكشاف العلاقة بين الأثر والزمن حيث تتجاور فيه الأساليب التقليدية بالتقنيات الحديثة في أعمال النحات العراقي أحمد البحراني يطل الطين بلونه الترابي جسدا للسلام والحرية بينما يستعيد حميد القحطاني مفردات البيئة الخليجية في صوغ روحي وتقدم هيفاء الخزاعي لغة مستلهمة من التراث القطري بمفردات بسيطة ومباشرة وفي الاتجاه التجريبي يذهب الفنان القطري طلال القاسمي نحو التجريد الفلسفي للطين محولا المادة إلى فكرة وتقدم تاتيانا بوغدانوفا مزيجا من الزخرفة الروسية والحداثة الغربية بينما يربط الفنان الكويتي علي حسن العوض بين الحرفة والمجاز الكوني للطين ويحول القطري أحمد الحداد الخزف إلى مختبر للتجريب المعرفي والفكري أما العراقية ريم البحراني فتعالج مفهوم الانتماء والمنفى من خلال بيوت طينية أو لعلها أرشيف بصري يقيس الذاكرة بالنبض بيوت متوهجة تارة وتارة رمادية شاحبة في حين يعيد القطري عبد العزيز يوسف صياغة المشهد الجماعي بأسلوب تعبيري تجريدي يمزج بين السرد الثقافي والهوية ويقدم مسعود راشد البلوشي من عمان تجربة تتقاطع فيها الحرفة بالتأمل إذ ينطلق من واقعية الطين واللون ليبلغ فضاء أقرب إلى التصوف البصري يفضي الخزف إلى معرض قطوف تأملات بصرية في الزهور القطرية حيث تحولت الأزهار إلى مفردات لونية على خامات مختلفة من الخزف والنسيج والزجاج والرسم صورت أو استلهمت نباتات كالعوسج والشفلح والعرفج وهي بعض من نبات البيئة القطرية تتجاور أعمال سلمان المالك وسالم مدكور وحصة كلا وآخرين وفي أحد الاستوديوهات المخصصة لعشرات الفنانين قدم القطري أحمد نوح مشروعا فنيا يقوم على تحويل الورق إلى أثر مادي للزمن والمعرفة في أعماله تتكدس الصحف والصفحات وتعاد صياغتها في أشكال هندسية متشابكة كأنها بقايا مكتبة تحولت إلى جسد بصري ويصبح العمل مساحة للبحث في مصير المعرفة عندما تفقد لغتها وتتحول إلى مادة أما استوديو الفنانة القطرية حصة كلا فنعاين فيه تداخل كولاج السطح مع اللون والخط تعتمد الفنانة على تقنية اللصق والطبقات الشفافة لتكوين مشهد بصري تتجاور فيه الزخارف القديمة مع المساحات اللونية الحديثة في حوار بين الذاكرة والآن