حين بدأت الثورة السورية في عام 2011 وانخرط فيها وأيدها كثر من المثقفين والكتاب من مختلف الانتماءات الطائفية والمذهبية والعرقية وقف ضدها أيضا كثر من المثقفين والكتاب من مختلف الانتماءات ما فعله نظام الأسد تأسيس قوة رديفة له تعمل في تشويه صورة كل من وقف مع الثورة وأيدها هكذا أصبح مؤيدو الثورة من الأكثرية إرهابيين أو ممولين للإرهاب وأصبح مؤيدوها من غير الأكثرية خونة وعملاء ويبيعون مواقفهم بالدولار لماذا ليس باليورو طبعا مع صفات أخرى تمس السمعة الأخلاقية والتاريخ الشخصي خصوصا حين يتعلق الأمر بالمثقفات والكاتبات والنسويات والمناضلات السياسيات لم يختلف الأمر كثيرا بعد وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة في سورية إذ أسست لها ماكينة إعلامية بدأت مباشرة بمحاولة إسكات كل من يملك صوتا مختلفا عن نهجها كان طبيعيا أن يخشى كثر من القادم الجديد ذي التاريخ التكفيري الجهادي الذي لم يخفه زعيم الهيئة أحمد الشرع يوما ولم يعتذر عنه ولم تثبت قواته ما يدل على تغيير في نهجها فمنذ تسلمهم السلطة والقتل الطائفي أصبح بديلا من العدالة الانتقالية التي طالب بها السوريون منذ البداية بعدها المسار الوحيد الذي يضمن حق الضحايا وعقاب المجرمين لكن المبررات الركيكة التي قدمتها السلطة لتحييد هذا المسار زادت من خوف الخائفين خصوصا مع ارتكاب مجزرتين كبيرتين تذكران بمجازر الأسد الأب والابن خلفتا معارضين شرسين للحكم الذي لم يستطع خلال عام تقريبا من وجوده في الحكم نقل البلد ولو خطوة نحو التغيير المرجو ومن المذهل أن مؤيدي النظام الجديد ممن كانوا ضحايا آليات النظام السابق في تشويه معارضيه يعيدون إنتاج الآليات ذاتها في تشويه معارضي السلطة الجديدة لكن هذه المرة يختارون من كانوا رفاقا لهم في الثورة ويطلقون عليهم صفات فلول وحلف أقليات ضد الأكثرية وخونة وانفصاليون وعملاء وسنة كيوت مع تشويه سمعة النساء من المعارضات واستخدام أساليب سفيهة للإساءة إليهن في محاولة لتفكيك كل الأصوات المعارضة وتشويه صورتها وطبعا تجريدها من صفة الوطنية وكأن تشويه سمعة المعارض وتاريخه هو منهج حكم سوري لا حالة طارئة مرهونة بظرفها وكأن الخلاف في الرأي السياسي جريمة أخلاقية والمعارضة خيانة وطنية لكن كما كان الخوف من الاختلاف والمعارضة هو دليل على خلل في بنية السلطة زمن الأسد هو الآن دليل مضاف على مجموعة أدلة تؤشر بوضوح إلى أن هذه السلطة عاجزة عن تقديم نموذج يتفوق على نظام الأسد في الملف الداخلي الذي وحده يعطي الشرعية لأي سلطة ذلك أن شرعيتها المقترحة تأتي من الفراغ الذي خلفه انهيار نظام الأسد ومن المظلومية المحقة لضحاياه لكن هذه المظلومية سوف تصطدم بعد حين بأسئلة يومية معيشية وخدمية تبدو السلطة بعيدة عن أجوبتها لهذا نراها تسعى لإسكات الأصوات التي تقترح بدائل أو تذكر بأن ثمة بدائل سورية وطنية متاحة يستسهل كثر اليوم الكلام عن انتفاء وجود معارضة وطنية ديمقراطية قادرة على النجاة بسورية مما هي فيه هذا كلام يراد ترسيخه لوأد أي محاولات تطرح بدائل والحقيقة أن سورية تمتلئ بالبدائل الوطنية المدنية الديمقراطية من الأكثرية العددية كي لا يقال إن هناك محاولة لإعادة حكم الأقليات ومن العار الحديث عن خلوها من الكوادر المؤهلة لتسلم سلطة وحكم وفي الأساس لا أحد حاليا يطرح فكرة البديل طروحات المعارضين اليوم هي باتجاه التشاركية وبناء دولة قانون تكون فوق الجميع وبناء دولة عدالة يشعر الجميع معها أنهم مواطنون طروحات المعارضين اليوم في معظمهم هي باتجاه بناء دولة المواطنة التي لم يتحدث عنها مسؤول واحد في هذه السلطة وكأن فكرة المواطنة تزعج السلطة ومؤيديها مع أنها كانت أول مطالب ثورة 2011 التي يتبجح بها اليوم كثيرون من مؤيدي السلطة ويحاولون التطهر عبر ادعاء انتمائهم إليها لا بأس كانت الثورة للجميع ومن أجل الجميع من أجل حياة كريمة للجميع وعدالة للجميع فهل بمحاولاتكم محو الأصوات المعارضة للسلطة من الذاكرة الجمعية للسوريين عبر تشويه سمعتهم تطبقون مبادئ تلك الثورة الكاشفة فعلا