قتل البشر للتسلية في سراييفو إيطاليا تفتح جرحا منسيا
٢١ مشاهدة
أعلن الادعاء العام في مدينة ميلانو فتح تحقيق جنائي غير مسبوق مزاعم عن سياحة قنص مارسها أجانب لقتل البشر بينهم إيطاليون خلال حصار سراييفو في تسعينيات القرن الماضي حيث دفع بعضهم مبالغ مالية ليسمح لهم بإطلاق النار على المدنيين من تلال المدينة المحاصرة القضية التي كشفت عنها صحيفة إل باييس الإسبانية ووكالة انسا الإيطالية تحمل عنوانا صادما في ملفات النيابة رحلات سفاري بشرية ووفقا للوثائق الأولية دفع أثرياء ليمينيين متطرفين ما بين 80 إلى 100 ألف يورو مقابل تجربة القنص الحقيقية نظمها ضباط من المليشيات الصربية آنذاك حيث كان الهدف من القنص رجلا كان أو امرأة أو طفلا جزءا من متعة دموية مدفوعة الثمن وأوضحت إل باييس أول من أمس الثلاثاء أنه كان هناك تسعير مختلف حسب نوع الهدف رجال نساء أطفال وأن المشاركين لم يكونوا دائما بدافع أيديولوجي أو ديني بقدر ما بدافع إثارة وتمتع بالأسلحة صاحب البلاغ الذي فجر القضية الكاتب الإيطالي إتسيو غافازيني قال حول ذلك كان الناس في سراييفو يقتلون للتسلية لم تكن الحرب وحدها التي تحصد الأرواح بل الفضول القاتل لأثرياء جاءوا لمشاهدة الموت عن قرب من الحرب إلى العدالة المؤجلة خلال حصار سراييفو 1992 1996 كانت المدينة البوسنية تعيش آنذاك أطول حصار في التاريخ الحديث عشرات الآلاف من القناصة انتشروا على التلال يطلقون النار على كل ما يتحرك في الشوارع لكن الجديد في هذا التحقيق الإيطالي هو ما يسميه الادعاء الاقتصاد الخفي للموت فقد تحولت الحرب إلى نشاط ربحي مريض تدفع فيه الأموال مقابل إطلاق النار على المدنيين في مشهد يشبه سفاري بشري أكثر منه حربا تقليدية وقال المدعي العام أليساندرو غوبي من ميلانو الذي يتولى التحقيق في القضية نحقق في احتمال ارتكاب مواطنين إيطاليين جرائم قتل مع سبق الإصرار وبظروف شنيعة في إطار ما يبدو نشاطا منظما بدوافع مالية مضيفا بعض هؤلاء كانوا يذهبون في عطلة نهاية الأسبوع لممارسة مرضهم النفسي في اصطياد الأرواح حتى الآن لم تكشف أسماء المشتبه بهم الملف ما زال مفتوحا ضد مجهولين فيما تتعاون السلطات البوسنية رسميا مع المحققين الإيطاليين لتحديد مواقع القنص وسلاسل الاتصال بين الوسطاء في ترييستي وبلغراد وسراييفو ذاكرة سراييفو الجريحة في سراييفو التي ما زالت تحمل آثار الرصاص على جدرانها استقبل السكان الخبر بمزيج من الغضب والارتياح وقالت عمدة المدينة السابقة بنجمينا كارتش لوكالة انسا لطالما علمنا أن القناصة لم يكونوا فقط من العسكريين كنا نرى وجوها غريبة تأتي وتختفي الآن بعد ثلاثين عاما يمكن أن تقال الحقيقة تؤكد التحقيقات الميدانية الأولية أن تلك الرحلات لم تدم طويلا بل بضعة أشهر فقط في 1994 لكنها كانت كافية لتخلف عشرات الضحايا ويشير شهود إلى أن بعض المشاركين كانوا يلتقطون صورا تذكارية بجوار أسلحتهم بعد الصيد وخلال حصار سراييفو في إطار حرب البوسنة وقعت آلاف الحوادث التي أطلق فيها القناصة النار على المدنيين في المدينة حيث يقدر أن أكثر من 11 ألف شخص قتلوا بين طلقات قناصة وقذائف رغم صدمة القصة لا تزال بعض الأصوات خصوصا في صربيا تعتبرها أسطورة حرب مبالغا فيها لكن الوثائق التي جمعها الادعاء الإيطالي بما في ذلك شهادات وسجلات سفر وأشرطة قديمة تشير إلى وجود تنظيم فعلي لنقل السياح من إيطاليا إلى مواقع قنص محددة في ضواحي سراييفو في المقابل تذكر منظمات حقوق الإنسان بما فيها هيومن رايتس ووتش بأن كثيرا من جرائم حرب البوسنة لم يكشف عنها إلا بعد عقود وأن الصمت الذي غلف تلك الحقبة كان متعمدا بين سراييفو وغزة مرتزقة القرن الجديد تثير هذه القضية في سراييفو اليوم أصداء واضحة في صراعات أخرى معاصرة وعلى رأسها حرب الاحتلال الإسرائيلي في غزة حيث تتكاثر التقارير عن متطوعين أجانب أو بالأحرى مرتزقة أيديولوجيين بمن فيهم نازيون جدد تدعي لوبيات صهيونية أنهم معادون للسامية ينضمون إلى صفوف جيش الاحتلال تحت غطاء دعم إسرائيل في حربها الوجودية من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا الشرقية يتدفق هؤلاء المقاتلون بدافع مالي أو ديني أو أيديولوجي للمشاركة في عمليات تصنفها منظمات حقوقية على أنها جرائم حرب ضد المدنيين إنها ظاهرة تشبه في جوهرها سياحة القتل في سراييفو أجانب يبحثون عن تجربة قتالية تقدم لهم بوصفها عملا بطوليا بينما حقيقتها ممارسة للعنف المنفلت من الأخلاق فما بين قناص يدفع ليقتل مدنيا في سراييفو وجندي أجنبي يقاتل في غزة بدافع عقائدي فإن المسافة الأخلاقية تكاد تختفي في الحالتين تتحول حياة الإنسان إلى ترف ارتزاقي وتكشف هذه التصرفات عن أن النزعة نحو تخصيص خصخصة العنف لم تنته بانتهاء حروب البلقان بل أعيد تدويرها داخل جيوش نظامية مثل جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يستقبل آلاف المجندين الأجانب سنويا سواء من فرنسا أو أميركا أو غيرهما في الغرب عبر برنامج ماحال Mahal المخصص لغير الإسرائيليين الراغبين في القتال مع جيش الاحتلال وفي تصريح له وصف المؤرخ البوسني أمير مازيك ما جرى الكشف عنه بخصوص سراييفو بأنه أحد أقذر فصول الحرب لأنها تكشف أن الحرب لم تكن فقط نزاعا قوميا بل فرصة للربح والتجربة الدموية مضيفا إنها جريمة مزدوجة قتل المدنيين وبيع تجربتهم وكأنها مشهد ترفيهي من جهة أخرى يرى مراقبون أن فتح التحقيق الإيطالي حتى بعد ثلاثة عقود يحمل رمزية أخلاقية كبرى مفادها أن العدالة قد تتأخر لكنها لا تموت القصة لا تخص سراييفو وحدها خصوصا أن ظاهرة استقدام المرتزقة المسكوت عنها سياسيا ليست جديدة بل شملت استخدامهم في عدد من القارات بما فيها أفريقيا وأميركا اللاتينية وبلدان في المنطقة ولعل فتح الملف اليوم في ميلانو ليس مجرد بحث عن مجرمين مجهولين بل محاولة لاستعادة إنسانية ضاعت بين دخان الحرب والسياحة الدموية